موسوي يصدر ميثاقا يسعى لإقرار إصلاحات في نظام الحكم في إيران

في مسعى لتوحيد المعارضة خلف أهداف محددة

TT

دعا زعيم المعارضة الإيرانية مير حسين موسوي إلى إقرار إصلاحات كبيرة في نظام الحكم في البلاد، في إطار مساعيه لحشد حركة شعبية من المواطنين الساخطين الذين تضرروا جراء حملة إجراءات صارمة شنتها الحكومة على مدار العام منذ إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.

ونشر مير حسين موسوي، رئيس الوزراء السابق الذي ترشح ضد أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية التي عقدت في 12 يونيو (حزيران) 2009، ميثاقا سياسيا، الثلاثاء، حاول من خلاله للمرة الأولى توحيد صفوف المعارضة خلف مجموعة واضحة من الأهداف.

وصدرت هذه الوثيقة في أعقاب يوم من إصدار السياسي المعارض مصطفى تاج زاده، وهو مسؤول بارز سابق بوزارة الداخلية، خطابا مثيرا للجدل دعا خلاله لتقديم اعتذار عما وصفه بأخطاء الحكومة منذ الثورة الإسلامية عام 1979، بما في ذلك قتل وسجن خصوم سياسيين.

واقترح كلا الرجلين إدخال إصلاحات راديكالية على أسلوب حكم إيران، لكنهما امتنعا عن الحث على إلغاء نظام الحكم الإسلامي الذي تخضع له البلاد.

وتأتي المقترحات في وقت تحيي المعارضة الذكرى السنوية الأولى لإعلان الفوز الانتخابي الكاسح لأحمدي نجاد، الذي أسفر عن شهور من المظاهرات واندلاع معارك ساخنة في الشوارع بين قوات الأمن ومتظاهرين من سكان الحضر ينتمون إلى ما بات يعرف باسم «الحركة الخضراء».

إلا أن حركة المعارضة، التي حملت اسم اللون المميز لحملة موسوي الانتخابية، بات يجري النظر إليها باعتبارها من دون قائد وتفتقر إلى التنظيم، مع عدم توافر أهداف مشتركة وعدم صدور رد منها على الحملة الصارمة التي شنتها ضدها الحكومة وزجت بكثير من كبار الشخصيات المشاركة بها إلى السجون.

وقال موسوي إن الميثاق الجديد يمكن استخدامه الآن كمرشد لأنصار الحركة، مشددا على ضرورة تجنب المعارضة العنف والتمسك بدستور الجمهورية الإسلامية، الذي اتهم قادة إيران بمخالفته.

وقال كثير من المتظاهرين إنهم يهدفون إلى إسقاط حكام البلاد، الذين ينتمي بعضهم إلى رجال دين غير منتخبين يتمتعون بسلطات كفلها لهم الدستور. ويحاول الميثاق الذي أصدره موسوي التخفيف من حدة هذه المطالب عبر التأكيد على أن الدستور والقوانين ليست «خالدة وهي وثائق قابلة للتغيير».

وترغب الحركة في إعادة السلطة إلى الشعب من خلال انتخابات حرة، وتطالب بمساواة المرأة بالرجل وتوفير المساواة إلى الأقليات والمجموعات العرقية الأخرى وتعزز ما وصفه موسوي بـ«الدين الرحيم».

في بيان جرى توزيعه عبر شبكة الإنترنت وفي منشورات، قال موسوي: «هذه الوثيقة تشكل الخطوة الأولى فقط، وخلال تطورها، ستخلق (الحركة الخضراء) مجموعة أفضل وأشمل للإرشادات».

من جانبه، تحسر تاج زاده، أحد المفكرين الآيديولوجيين الأساسيين في جبهة المشاركة الإسلامية الإيرانية المحظورة، في خطابه على ما وصفه بفصول مظلمة خلال حكم الجمهورية الإسلامية الممتد لـ31 عاما.

وقد عمل تاج زاده مسؤولا بوزارتي الثقافة والإرشاد الإسلامي والداخلية في حكومات سبقت حكومة أحمدي نجاد، وقد اعتذر شخصيا عن تجاوزات حكومات سابقة، بينها أعمال قتل جماعي بحق خصوم عام 1988 وسجن منشقين خلال الأيام الأولى من عمر الثورة الإسلامية والإطاحة بشخصيات دينية مبجلة عارضت النظام الجديد. وكتب قائلا: «لو كنا اعترضنا حينها، لم نكن لنواجه هذه المشكلات الآن».

كما دعا إلى إلقاء نظرة جديدة على نفوذ الدين على الدولة، وهي واحدة من القضايا المحظورة بين المستويات العليا من القيادة الإيرانية. وقال: «يجب أن نناقش أي الأساليب أكثر فاعلية وأقلها تكلفة فيما يخص مشاركة رجال الدين في السياسة»، مشددا على رغبته في إلغاء حق النقض الذي يحظى به مجلس مراقبة من رجال الدين. يذكر أن تاج زاده في إجازة مرضية رسمية من السجن، حيث يقضي فترة عقوبة بالسجن 6 سنوات لتآمره ضد الأمن القومي. وأفادت أنباء بإلقاء القبض عليه في يونيو 2009 خلال المظاهرات التي أعقبت إعادة انتخاب أحمدي نجاد. ولم يتضح بعد ما إذا كان جرى التنسيق بين إصدار كل من الميثاق والخطاب، لكن تاج زاده حدد قائمة مفصلة من الإرشادات لحركة المعارضة شبيهة بتلك التي وضعها موسوي.

وكتب تاج زاده: «لقد مر المجتمع الذي عاينته بعد خروجي من السجن بتغييرات عميقة وهائلة لدرجة أنه بات من المستحيل تقريبا بالنسبة لي تفهم جميع أبعاده. إنه إجحاف بقدر الحقيقة أن يوصف ذلك بنار تستعر تحت الرماد لأنه قريبا للغاية ستغطي هذه الحركة إيران كلها بالأخضر».

وفي تعليقات على مواقع الإنترنت الخاصة بالمعارضين، لم يبد جميع أنصار المعارضة اتفاقهم مع هذه الآراء، حيث قال البعض إنه كان على تاج زاده الاعتذار أثناء وجوده في السلطة، بينما وجه آخرون انتقادات له ولموسوي لاستمرارهما في دعم دستور الجمهورية الإسلامية.

وكتب أحد المعلقين أشار إلى نفسه باسم أراش على موقع «Kaleme.org» أنه «مرت أكثر من 30 عاما منذ قيام الثورة الإسلامية وإقرار دستورها. وأصبح لدى العالم اليوم قضايا جديدة ومختلفة تماما. إننا بحاجة إلى دستور جديد يعيد السلطة إلى الشعب، وليس إعادة صياغة لدستور ثورة 1979».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»