بيريس ينتقد سياسة نتنياهو ويدعو لتحريك السلام.. ورئيس المخابرات: الجمود السياسي سيفجر الإرهاب

مع قدوم ميتشل إلى المنطقة وفي خطوة غير مسبوقة

TT

مع عودة المبعوث الرئاسي الأميركي، جورج ميتشل، إلى الشرق الأوسط في جولة جديدة، وفي خطوة تظاهرية غير مسبوقة، خرج الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، بانتقادات لاذعة لسياسة حكومة بنيامين نتنياهو وتأثيرها على جمود مفاوضات السلام. وقال إن عملية السلام هي الأساس لشرعية الوجود الإسرائيلي وغيابها يهدد هذا الوجود.

وجاءت انتقادات بيريس بعد يوم واحد من تصريحات رئيس المخابرات العامة (الشاباك)، يوفال ديسكين، في جلسة سرية للجنة الخارجية والأمن البرلمانية، قال فيها إن الجمود القائم في العملية السلمية يلحق ضررا فادحا في المصالح الإسرائيلية وإن الاستمرار فيه سيؤدي إلى عودة اليأس والإحباط إلى الفلسطينيين وسيعيد إلى الساحة موجة أعمال إرهاب تنفجر في وجوهنا وتدهور الأوضاع في البلاد والمنطقة.

وكان وزراء حزب العمل قد وجهوا انتقادات شديدة للحكومة وبشكل خاص لرئيسهم، وزير الدفاع، إيهود باراك، بسبب هذا الجمود. وهددوا بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في سبتمبر (أيلول) القادم إذا لم يروا طفرة في المفاوضات. وفي أعقاب هذا التحذير، توجه باراك إلى نتنياهو وأخبره بأن هناك غليانا في حزبه ضد البقاء في الحكومة إذا لم يروا دفعة يثقون بها في مفاوضات السلام. وقال باراك، وفقا لتسريبات مقصودة من مكتبه والمقربين منه، إن إسرائيل تعاني عزلة دولية لم يسبق لها مثيل منذ سنوات السبعين الأولى. وهناك سبب واحد لهذه العزلة، هو الجمود في عملية السلام.

وأضاف باراك في لقائه الخاص مع نتنياهو أن السنة الأخيرة كانت من أسوأ سنوات عمر إسرائيل. وقد تدهور وضعها أكثر بعد الاعتداء على «أسطول البحرية». ولكن الولايات المتحدة برئاسة «الصديق الحميم باراك أوباما، بذلت جهودا خارقة واستغلت نفوذها لصد الهجمة العالمية علينا ومنعت حتى الآن تنفيذ المطلب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الهجوم». وأردف: «هذه الوقفة تذكرنا كم نحن بحاجة إلى الولايات المتحدة. ولكن، لكي تبقى الولايات المتحدة معنا، علينا نحن أيضا واجب التعاون مع مشاريع الرئيس أوباما لعملية السلام. لا بل إن واجب إسرائيل أن تضع خطة سلام قوية وجريئة، لقلب الأمور رأسا على عقب لصالح السلام».

واتفق نتنياهو مع باراك على أن يسافر الأخير في الأسبوع القادم إلى واشنطن ليبحث مع المسؤولين الأميركيين إمكانات طرح مبادرة سلام جديدة. وقد بدأ باراك، عمليا، أمس، تحركاته خلال لقائه المبعوث ميتشل. وقال إن هناك ضرورة ملحة لإحداث انعطاف في الأوضاع الإسرائيلية في المنطقة والعالم.

ولكن بيريس صدم ربابنة الحكومة، بانتقاداته الصريحة. فقال خلال خطابه أمام مؤتمر الصهيونية العالمية، الذي افتتح أعماله الليلة قبل الماضية في القدس الغربية، إنه قلق جدا من الجمود في عملية السلام. ولا يرى الحل لذلك في تحسين الأداء الإعلامي للحكومة. فالإعلام والشرح الإعلامي هو أمر جيد للغاية وضروري، قال بيريس، ولكنه لا يمكن للإعلام أن يكون بديلا عن السياسة السلمية. فالسياسة السلمية هي أفضل إعلام.

وأضاف بيريس، ملمحا إلى أقطاب اليمين في الحكومة وخارجها، أن للسلام ثمنا باهظا تدفعه إسرائيل، من وجهة نظرها، ولكن الثمن الذي قد يدفع في غياب عملية السلام هو أكبر بكثير.. إنه العزلة الدولية والكراهية الإقليمية والفشل السياسي. ولذلك، فعلى إسرائيل أن تكون صاحبة مبادرة للسلام ورافعة راية السلام. وقال إن انعدام السلام يهدد شرعية الوجود الإسرائيلي.

ولكي يبدو كلامه متوازنا، تطرق بيريس إلى «أولئك الذين يناصبوننا العداء ويشككون في شرعيتنا ووجودنا، نقول إن السعي لتكريس الصراع معنا هو أيضا مضر لهم. وها نحن نرى النتائج في لجوئهم إلى الكراهية واليأس وتسببهم في تعزيز قوة الإرهاب والتطرف والدكتاتورية». وكان المبعوث الرئاسي الأميركي، جورج ميتشل، قد وصل إلى المنطقة، أمس، بعد غياب دام نحو الشهر، ليحاول إحياء المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد أجرى عدة لقاءات ومشاورات مع المسؤولين الإسرائيليين وينوي إجراء لقاءات مماثلة مع المسؤولين الفلسطينيين.