جلسات الحوار اللبناني «تعيد نفسها».. وسجال حول العلاقات مع سورية

كلام الجميل لـ «الشرق الأوسط» يحضر على طاولة بحث الاستراتيجية الدفاعية

الرئيس اللبناني ميشال سليمان خلال ترؤسه جلسة هيئة الحوار التي تبحث في الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله في القصر الرئاسي في بعبدا أمس (إ.ب.أ)
TT

عقدت في بيروت أمس جولة جديدة من «الحوار» حول الاستراتيجية الدفاعية (المصطلح الرسمي المستعمل للإشارة إلى بحث مصير سلاح حزب الله في لبنان)، انتهت إلى بحث عام في القضايا الأساسية على الساحة اللبنانية، وتطرقت في جانب منها إلى موضوع «الاستراتيجية» لتنتهي بالإعلان عن اجتماع جديد في 19 أغسطس (آب) المقبل.

ولم تخل جلسة الحوار من رسائل سياسية في جميع الاتجاهات، خصوصا في اتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان العائد من دمشق، كما سجلت كثير من الحوارات الساخنة التي تتعلق بالعلاقة مع سورية.

واستحوذت الفكرة التي طرحها الرئيس السابق أمين الجميل في حديثه إلى «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي، مطالبا بعرض موضوع المجلس الأعلى اللبناني - السوري على محكمة العدل الدولية في لاهاي، بجانب كبير من النقاشات في طاولة الحوار. وكرر الجميل موقفه انطلاقا من أن هذا المجلس يشكل «مخالفة دستورية» لجمعه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولكون وجوده يتعارض مع عمل السفارتين. وفي المعلومات التي توفرت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجميل قال لرئيس الجمهورية إنه لم يفهم الحديث عن الاتفاقات مع سورية وتحت أي بند تمت، متحدثا عن ملاحظات حول المعاهدة مع سورية. فتدخل الرئيس الأسبق للحكومة عمر ميقاتي قائلا له إن «ملف العلاقة مع سورية لا يقارب بهذه الطريقة، بل يجب أن ننطلق من الخصوصية القائمة في العلاقة بين البلدين لا من خلال محكمة العدل الدولية». وقال: «رئيس الجمهورية يزور سورية، وكذلك رئيس الحكومة والوزراء، وهذه المواضيع والملاحظات يمكن أن تبحث مباشرة ولا يمكن أن تقارب من زاوية لاهاي أو غيرها»، ثم توجه إلى الجميل بالقول: «كلامك خطير جدا، ولا يمكن أن ندعم رئيس الجمهورية في مسعاه لعلاقات جيدة مع سورية بمثل هذه التصرفات». وهنا طلب الجميل رأي عضو طاولة الحوار المقرب من رئيس الجمهورية الباحث الجامعي فايز الحاج شاهين، فأجاب الأخير بأن الاتفاقات الموقعة مع سورية تضمن سيادة لبنان واستقلاله، وإذا كان هناك أي تجاوز في ملف المجلس الأعلى، فيمكن أن يحل بمقاربة مباشرة بين البلدين وليس من خلال محكمة العدل الدولية.

وتدخل في النقاش رئيس الجمهورية، ثم رئيس الحكومة سعد الحريري، فأكدا معا على أن لبنان وسورية يعيدان النظر بالاتفاقات الموقعة بينهما، ولا شيء يمنع إعادة درس موضوع المجلس الأعلى، لكن الموضوع لا يمكن أن يبحث من خلال أطر أخرى.

وأكمل الجميل مداخلته، فطالب بضرورة إعلان حياد لبنان وفقا للطريقة التي تصرف بها في مجلس الأمن (في ما يتصل بالعقوبات على إيران). فجرى نقاش حاد بين الجميل والنائب وليد جنبلاط الذي توجه إليه بالقول: «الحياد غير موجود، ولا يوجد شيء اسمه حياد بين الجنة والنار». فرد الجميل غاضبا: «أتريد أن أذكرك شخصيا كم مرة تحدثت عن ضرورة الحياد»، فعقب جنبلاط قائلا: «كان كلاما ظرفيا في موقف ظرفي».

وتطرق الحوار إلى موضوع الحقوق المدنية الفلسطينية باقتضاب. وفي نهاية الجلسة تطرق المتحاورون إلى قضية الاستراتيجية الدفاعية، فطرح نائب رئيس الحكومة فريد مكاري رؤيته للاستراتيجية المطلوبة وبندها الأول هو «شمولية المقاومة، بحيث لا تكون توجهاتها ملكا لفريق من اللبنانيين، أو لحزب منهم، أيا كانت تضحياته، بل تتشارك في تحديدها كل مكونات الوطن، وبحيث يكون سلاحها عنصر موازنة مع العدو لا عامل إخلال بالتوازن الوطني».

وشدد على «عدم إدخال الوطن في أَنفاق من خارج (الموازنة السياسية) المتفق عليها بين كل اللبنانيين، ومن خارج مؤسسات الدولة، وعدم التسبب للبنان بدفع المزيد من الأثمان الباهظة نيابة عن هذا الطرف أو ذاك المحور». كما شدد على «عدم إهدار أرواح اللبنانيين وممتلكاتهم واقتصادهم وإنجازاتهم في أي مغامرات غير محسوبة». وقال مكاري: «إذا كان متعذرا، على الأقل في المدى المنظور، الوصول إلى اتفاق واضح وعملي وقابل للتنفيذ بشأن الاستراتيجية الدفاعية، فأنا أعتقد أن في الإمكان التركيز على مسار يعزز حماية لبنان ويجعلنا في وضع أفضل من الوضع الراهن، حتى ولو لم يصل كل منا إلى تحقيق ما يعتبره حماية كاملة للبنان».

ودعا رئيس كتلة نواب حزب الله النائب محمد رعد إلى «التوحد حول مبادئ الاستراتيجية الدفاعية وعدم البحث في سلاح حزب الله فقط». فيما دعا الرئيس نبيه بري إلى «ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لوضع حد للأطماع الإسرائيلية وعدم السماح لها بسرقة النفط من داخل الحدود اللبنانية». وتحدث النائب طلال أرسلان قائلا إنه «لا يجوز أن يحكى بعد اليوم عن سحب سلاح المقاومة»، قائلا: «هذا السلاح يجب أن يبقى وأن يتم الاحتفاظ به من أجل حماية لبنان». أما ميقاتي فقد طالب بوضع مسودة استراتيجية دفاعية من قبل عسكريين متخصصين تجري مباركتها من هيئة الحوار، ثم يتم تحويلها إلى الأطر الدستورية في مجلس الوزراء والبرلمان.

وكشف الحريري أن مجلس الوزراء بصدد وضع خطة لمتابعة الخروقات الإسرائيلية. وأبلغ المتحاورين أن وفدا عسكريا لبنانيا سيزور الأمم المتحدة ليعرض أمام المعنيين الخروقات الإسرائيلية بالوثائق والصور قبل رفع الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة مايكل ويليامز تقريره عن القرار 1701 نهاية الشهر الحالي.