«الرجل العنكبوت» على رأس القائمة المطلوبة في المكسيك

السلطات تشن حربا ضد الألعاب المقلدة.. واستياء وسط الباعة المتجولين

أحد المحال التي تبيع دمى «البيناتا» في مكسيكو وصارت عرضة لمداهمات الشرطة بسبب بيعها بضائع مقلدة («نيويورك تايمز»)
TT

شق «الرجل العنكبوت» طريقه بنجاح إلى أماكن مثل غرين غوبلين ودكتور أكتوبوس وفينوم، لكي يبرز على بعض خصومه على مر السنين، لكن هذا البطل الخارق تمكنت الشرطة الفيدرالية المكسيكية من التفوق عليه مؤخرا واقتادته إلى السجن.

لا يتعلق الأمر، كما قد يعتقد البعض، بتعرض «الرجل العنكبوت» إلى الاعتقال، بل بلعبة «الرجل العنكبوت». ففي غارة على مصانع دمى «البيناتا» المقلدة قام مكتب النائب العام المكسيكي والشرطة الفيدرالية قبل عدة أشهر بمصادرة معدات أكثر من 100 مصنع لصناعة هذه الألعاب. وكانت لعبة «الرجل العنكبوت» الأبرز بينها، كما قاموا بحبس الكثير من باعة الألعاب المتجولين أيضا. تقول السلطات إن الغارة كانت استجابة لشكوى تقدمت بها شركة «مارفل إنترنتينمنت» التي تملك الحقوق الحصرية لشخصية «هالك»، إحدى الشخصيات الأخرى التي تنتجها الشركة التي ذاعت شهرتها في أعقاب فيلم «الرجال ذوو الملابس السوداء» في الآونة الأخيرة كما كان الحال من قبل في «كابتن أميركا».

لكن القصة اتخذت منحى آخر بعدما أصدر مكتب المدعي العام بيانا أشار فيه إلى أنه لا توجد شكاوى من شركة «مارفل» للقيام بمثل هذه العملية التي يشترطها القانون قبل شن الغارة، وتصر الشركة على أنها لا علاقة لها بهذا الأمر. وقال المسؤولون الفيدراليون فيما بعد إن شركة «تيلفيسا»، هيئة التلفزيون المكسيكي، هي التي قدمت الشكوى التي دفعت الشرطة إلى القيام بالغارة.

ويرى فيدل لوبيز غارسيا، محامي الباعة المتجولين، أنه مهما كانت دوافع الغارة، فإن الهدف منها في الأساس ابتزاز أموال الباعة المتجولين واغتصاب بضائعهم، وهو أمر شائع في المكسيك. ويقول لوبيز والباعة المتجولون بعد مصادرة آلاف الألعاب إن المسؤولين بدأوا في بيع الألعاب مرة أخرى في الشارع لكنهم رفضوا بيعها مرة أخرى للباعة.

ونفت المتحدثة باسم مكتب المدعي العام المكسيكي ادعاءات الباعة المتجولين بشأن الغارة قائلة ببساطة: «إنها غارة قانونية».

وقد خلقت هذه الحادثة قلقا في هذه المنطقة من المدينة التي تبيع ألعاب «البيناتا» حيث يباع «الرجل العنكبوت» الذي يطلق عليه السكان اسم «هومبر آرانا»، الذي يباع على الرصيف إلى جانب «سنو وايت» و«ميكي ماوس» و«سبونجي بوب سكوير بانتس» و«لايتننغ ماكوين» التي تعد أشهر الألعاب التي تباع في السوق المكسيكية.

وبعد أن أجبروا على دفع غرامات ثقيلة تقدر بآلاف الدولارات لمكتب المدعي العام قام بعض الباعة المتجولين بإزالة لعبة «سبايدر مان» من متاجرهم فيما عمد آخرون إلى مواراتها. بيد أن ذلك لا يعني أن الألعاب غابت، إذ لا تزال ألعاب «دارث فيدر» معلقة إلى جانب لعبة «بين 10» (شركة كارتون نت ورك) و«الأميرة تيانا» (والت ديزني) على مقربة من توماس ذا تانك إنجين (غولان توماس ليميتد) وتايغر (والت ديزني) وشريك (دريم وركس أنيماشن) تباع في المتاجر.

ألعاب «البيناتا» جزء من صناعة الألعاب المقلدة، التي تزدهر في المكسيك. ويقول زامورا خيمينيز، المشرع الذي دافع عن تعزيز قانون مكافحة القرصنة الذي تم تفعيله منذ ذلك الحين: «الإحصاءات لا تكذب، وكان لا بد لنا من التحرك لأن 8 من كل 10 أفراد يشترون بضائع مقلدة. وإن 54 في المائة من البضائع الموجودة في السوق مقلدة».

وتقول السلطات إن القرصنة تسهم، إلى جانب حرمان الحكومة من ضريبة الدخل وسرقة الأرباح من الشركات، في تغذية الجريمة المنظمة، وإن عصابات المخدرات المكسيكية دخلت في هذا المجال من الأعمال وتتاجر في هذه الأنشطة مثل الأفلام المقرصنة وبرامج الحاسبات والملابس.

ويصر منتقدو الحكومة على أن الفقراء هم الذين سيعانون من أي عقوبات على البضائع المقلدة. ويقول غيراردو فيرنانديز نورانا، مشرع برلماني من المعارضة، إنه بدلا من توفير الوظائف تلاحق الحكومة الأفراد الذين اتخذوا قرارا بعدم الانضمام إلى العناصر الإجرامية والذين يبحثون عن عمل شريف لإطعام عائلاتهم.

وقال بائعو ألعاب «البيناتا» إنهم لم يرتكبوا خطأ في تقديم ما يرغب فيه عملاؤهم حتى من دون إذن من الشركات الأجنبية. ويقول إدواردو بيجارامو، بائع متجول اعتقل خلال الغارة: «(البيناتا) مكسيكية، إنها ورق صحف وعليه بعض الطلاء. نحن لا ننسخ أفلاما أو موسيقى. إننا نقوم بكل ذلك بصورة يدوية كيف يمكنني أن أنسخ إذا كانت (مارفل) لم تنتج اللعبة؟».

في وسط الشارع قال بائع بيناتا رفض تعريف نفسه خشية أن تتسبب هذه التعليقات في حدوث غارة أخرى، إنه سيترك هذه المهنة إذا اضطر إلى أن يدفع للشركات لاستغلال شخصياتها. وقال البائع: «إن ألعاب (البيناتا) المكسيكية مصنوعة على شكل أجرام سماوية وليست شخصيات شهيرة، لكن عندما ظهر التلفزيون بدأ الأطفال يرغبون في الحصول على (البيناتا) كتلك التي يشاهدونها على الشاشة».

وحول ما إذا كان ينتهك القانون، هز البائع كتفه وقال: «نحن لسنا مصنعا، هذا عمل عائلي ونحن ندفع الضرائب، وقد سمعنا بشأن حقوق الملكية الفكرية وكل هذه الأشياء، لكن هل شركة (مارفل) تكترث حقا لما نفعله؟».

بموجب قانون مكافحة القرصنة، يمكن للنائب العام ملاحقة المخالفين حتى من دون شكوى من الشركات. وقد قام بعض بائعي «البيناتا» الراغبين في العمل حسب القانون بتشكيل مجموعة تجارة أطلقوا عليها الاتحاد الوطني لمصنعي «البيناتا» والتقوا الكثير من ممثلي الشركات للحصول على اتفاقات ترخيص. وقال هوغو مانويل مينا ألفاريز، الذي ينحدر من عائلة ذات باع في صنع ألعاب «البيناتا» ورئيس الاتحاد الجديد: «من دون (البيناتا) لن تكون هناك مشاركة، وهي مهمة جدا».

وقد أثار السفير الأميركي في المكسيك كارلوس باسكوال، قضية البضائع المقلدة في خطابه مؤخرا أمام مجموعة الأعمال الأميركية في مدينة مونتيري الصناعية. وامتدح القانون المكسيكي الجديد، وقال إن الحكومة الأميركية ستعمل إلى جانب نظيرتها المكسيكية لضمان تنفيذ القانون الجديد. وأضاف السفير: «بيد أنه لا بد من بذل المزيد من الجهد على المستوى الشخصي. فكم عدد الحقائب الشخصية المقلدة في هذه الغرفة؟ وكم منكم يستخدم برامج مقلدة في عمله؟ ومن الذي شاهد مؤخرا فيلما سينمائيا مقرصنا أو اشترى لطفله لعبة دي في دي مقرصنة أيضا؟».

كان هناك بعض الارتباك بين الحضور عندما أشار باسكوال إلى أن محاربة انتهاك حقوق الملكية الفكرية جانب مهم من جهود تعزيز الثقافة القانونية في المكسيك. وقال السفير: «دعونا نقم جميعا بأدوارنا، في منازلنا وبيوتنا».

باسكوال الأب لطفل في المدرسة سيطبق من دون شك ما ينادي به وقد منع رسميا لعب «سبايدي» من باحة إقامة السفير عندما يأتي عيد ميلاد ابنه. ففي مثل هذه المناسبات يواجه الأبطال الخارقون أعداءهم الخارقين: الأطفال الذين أكلوا كميات كبيرة من الحلوى الذين يحملون العصي.

* خدمة «نيويورك تايمز»