لاجئون أوزبك: نشعر بالرعب لكن يجب علينا العودة لبيوتنا

امرأة في الجنوب القرغيزي: 5 من أقاربي مفقودون أعتقد أنهم رهائن

تيم بيغ («نيويورك تايمز»)
TT

بدأت نساء من الأوزبك العبور مع أطفالهن عبر أسلاك شائكة في طريقهم للعودة إلى قرغيزستان من أوزبكستان المجاورة، بعد أسبوع من أعمال عنف عرقية أدت إلى نزوح قرابة 400 ألف شخص. لكن هؤلاء النسوة عدن إلى دولة تغيرت ملامحها، وإلى منازل محطمة يحرسها رجال تركتهم النسوة داخل جيوب محصنة تابعة للأوزبك لا يزالون يشعرون بالغضب إزاء الحكومة وجيرانهم القرغيز.

وقد ساد الهدوء داخل المنطقة الجنوبية، لدرجة أن رئيسة الحكومة المؤقتة روزا أوتونباييفا تجرأت على الذهاب إلى هناك للمرة الأولى منذ اندلاع أعمال العنف في ليلة 10 يونيو (حزيران) الحالي. وفي إشارة للأسباب الكثيرة التي تقف وراء مشاعر الغضب لدى الأقلية الأوزبكية، اعترفت أوتونباييفا بأن عدد القتلى، ومعظمهم من الأوزبك، يمكن أن يبلغ 10 أضعاف العدد الذي أعلن عنه رسميا (200 قتيل). وقالت من داخل مبنى مجلس المدينة «كانت لدى من خططوا ونفذوا أعمال العنف هذه خطط كبيرة، لكننا كنا قادرين على إرباكهم، وسنسعى إلى إعادة بناء جميع المناطق التي تعرضت للدمار».

وعلى الرغم من كلام أوتونباييفا عن وقف الحكومة لأعمال العنف، فإنه يُنظر إلى الحكومة على نطاق واسع على أنها كانت ضعيفة عندما نشب العنف، وعجزت عن ضبط حتى أفراد الجيش، الذي يتهمه شهود كثر بارتكاب أعمال وحشية. ولم تذكر أوتونباييفا ما إذا كانت ستدعم تحقيقا واسعا في أسباب اندلاع أعمال العنف، التي حملت الحكومة الرئيس المخلوع كرمان بك باقييف المسؤولية عنها.

تحدثت أوتونباييفا أمام القرغيز، الذين أوضحوا أنه على الرغم من أن أعمال العنف ربما تكون انتهت في الوقت الحالي، فإن التوتر لا يزال محتدما بدرجة كبيرة. وقالت غولميرا جاميلوفا «يريد الأوزبك أن تأتي أوزبكستان إلى هنا ويطردوا القرغيز». وقالت أيضا إن خمسة من أقاربها مفقودون منذ بدء أعمال العنف، وإنها تشك في أن الأوزبك يحتفظون بهم كرهائن.

وسار اللاجئون العائدون، والكثير منهم نساء وأطفال، عبر نقطة تفتيش على الحدود مع أوزبكستان، وعبروا فتحة في سياج من الأسلاك الشائكة عائدين إلى قرغيزستان. ويقول البعض إنهم يخشون تجدد أعمال العنف. ولم يرحل الكثير من الرجال الأوزبك، ويقومون بدلا من ذلك بحراسة ما بقي من مبان أضرمت فيها النيران خلال أعمال الشغب. وتقول سايورا خاكيموفا (31 عاما) إن مخيمات اللاجئين في أوزبكستان كانت منظمة ونظيفة بصورة استثنائية، لكنها اشتاقت إلى عائلتها. وتقول «أبي هنا، وأقاربي هنا، وقد ولدت وتربيت هنا. كان كل شيء هناك جيدا، فالناس يقدمون يد العون، لكن وطني ليس هناك».

وكما هو الحال مع آخرين أجريت معهم مقابلات، وجهت انتقادات إلى القرغيز، الذين قالت إنهم هاجموا حيها وقتلوا الكثير من السكان. وقالت إنها لا تؤمن بالحكومة القرغيزية المؤقتة، التي تولت مهامها في أبريل (نيسان) بعد أن أطاحت أعمال الشغب بالرئيس. وتقول نيغورا روزينفا (28 عاما)، وهي من الأوزبك وعادت مع طفليها الاثنين، إنها كانت مترددة بسبب مخاوف من أن تحدث هجمات مستقبلية. وتقول روزينفا «بالطبع نشعر بالرعب، ولا نعرف كيف سنعيش حاليا، لكننا رأينا أن علينا العودة إلى بيوتنا».

وليس هذا هو حال الجميع، فقد كانت مانزورا عبد اللطيف (26 عاما) تريد الرحيل. وقفت على الجانب القرغيزي مع أطفالها الثلاثة الصغار، وكانت تراقب الوافدين ولم يثنها ذلك. وقالت إنها تركت منزلها وكانت بحاجة ماسة للمساعدة ونفد المال وكان أطفالها جوعى. وقالت «كنت أبكي، وأدعو الله أن يقدم لنا يد العون، فالوضع خطير هنا، ولا يمكن لقرغيزستان أن تبقى وطنا لي بعد الآن، ربما يوجد بعض الأمل هنا، لكن لا يمكن أن يزداد الوضع سوءا هنا».

وتردد صدى يأسها في أحياء الأوزبك عبر جنوب قرغيزستان. فبعد مرور أيام كثيرة على الاضطرابات، تكشفت أمور كئيبة.

خلال أعمال العنف، لم يستطع باتير مونديزوريف (38 عاما)، وهو سائق تاكسي، الوصول إلى والده عبر الهاتف رغم أنه اتصل به مرة بعد أخرى. كان الوضع هادئا نسبيا يوم الاثنين الماضي، لكن مونديزوريف لم يتمكن من السفر إلى منزل والده لأن الجنود القرغيز كانوا قد وضعوا نقاط تفتيش، وكانوا يمنعون الكثير من الأوزبك من الوصول إلى الجيوب الأوزبكية. اتصل على رقم والده، فأجابه شخص، لكنه كان صوت شخص قرغيزي. ويتذكر مونديزوريف ما دار في المكالمة «قال هذا الشخص: ماذا؟ هل تريد أباك؟ كم من المال معك؟ أبوك جريح في المستشفى. ليس لديك مال؟ إذن أبوك قد مات».