أبو مازن يتجول في رام الله.. يتناول الآيس كريم ويشاهد مباراة الجزائر وإنجلترا معهم

محللون: إنه يؤكد على حالة الأمن والاستقرار

TT

ظل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) متهما بأنه ليس «شعبيا»، مقارنة بالرئيس الراحل ياسر عرفات، ومع ذلك لم يشأ أبو مازن أن يغير أيا من الأفكار النمطية المأخوذة عنه، لأنه غالبا لا يوافق على عمل أشياء غير مؤمن بها.

لكن أبو مازن راح مؤخرا يتحرك خارج الصورة المألوفة، وخلال يونيو (حزيران) الحالي، نزل للشارع مرتين، مرة ذهب ليؤكل ساندويتش فلافل من أحد محلات رام الله، والمرة الثانية، الليلة قبل الماضية، عندما ذهب ليتابع مباراة الجزائر وإنجلترا في مونديال كأس العالم، بين مواطنيه في أحد مقاهي المدينة. ظهر أبو مازن كمشجع متحمس للمنتخب الجزائري، وتابع المباراة كاملة وسط هتافات المشجعين الفلسطينيين التي كانت تعلو كلما سنحت فرصة خطيرة للمنتخب الجزائري. ولم يخف أبو مازن رغبته في تحقيق الجزائر انتصارا على منتخب إنجلترا، من دون أن يلقي بالا لأي معنى سياسي.

وكانت آخر جولة مجانية قام بها أبو مازن في رمضان الماضي، وكانت تلك أول جولة أيضا من نوعها يقوم بها منذ تولى الرئاسة قبل أكثر من 4 سنوات. وفي جولاته، لم يضع أبو مازن أي حواجز بينه وبين المواطنين الذين التقاهم في الشوارع، واستمع إليهم بصدر رحب، وناقشهم ووعدهم بحل المشكلات التي تحدثوا عنها.

وقال المحلل السياسي والسفير السابق يحيى رباح إن أبو مازن «أراد أن يقول إن الأمن تحقق بشكل غير مسبوق في الضفة الغربية على طريق إقامة الدولة.. إنه يؤكد على أن هناك أمنا عاليا.. يأكل الآيس كريم مرة، ويذهب لمشاهدة مباراة كرة قدم مرة أخرى، ويأخذ حفيده إلى المشفى من دون حراسة.. هذا دليل كاف على حالة الأمن». وأضاف «طبعا هذا لم يكن ممكنا لو كان الأمن على حالته السابق».

من وجهة نظر رباح، فإن أبو مازن، صاحب الخبرة الطويلة في العمل السياسي «يريد أن يسمع من الناس، مباشرة بأذنه هو، لا بأذن كتبة التقارير، خصوصا أن لديه من التجربة ما يجعله متأكدا من أن هناك دائما ما لا يكتب في التقارير». وقال رباح «أنا أعرفه منذ 40 عاما. إنه صاحب أفكار كبيرة، لكنه يعبر عنها بصوت خفيض، لا يحب الضجيج، لديه موقف سلبي من المبالغة في الحالة الشعبية». وأضاف أنه «يعرف أننا في زمن آخر بمعايير ومقاييس أخرى». وأردف «لقد كان شاهد ملك على الكارثة، كان أبو عمار يقبل 20 ألف واحد في اليوم، واستشهد في النهاية وحيدا ومحاصرا من دون أن يذهب من أجله الشهداء».

واتفق المحلل السياسي طلال عوكل مع رباح، معتبرا أن أبو مازن «أراد بشكل أساسي إعطاء انطباع قوي بأن الأمن مستتب، وأوصل رسالة خارجية وداخلية، بأن السلطة نجحت في خلق استقرار نسبي وبدلت المناخ في الضفة الغربية». واستبعد عوكل أن تكون لأبو مازن أي أهداف انتخابية، وقال «زياراته محدودة، وهو لا يفكر في تجدد دوره، والأهم أنه لا يتقمص حالة الزعامة».

ويرى عوكل أن أبو مازن بسبب عدم تقمصه حالة الزعامة «يرغب أحيانا كثيرة في ممارسة حياته الطبيعة كمواطن بين الناس». وقال «هذا يفتقده أبو مازن بسبب ضيق الوقت، لكنه دائما ما يحاول أن يعيش مواطنته، إنه لا يعتقد أنه مكلف رباني، وهو ليس ديكتاتورا، إنه مواطن».

وقال الدكتور إبراهيم إبراش، وزير الثقافة السابق «أبو مازن الرجل الأكثر قبولا في فتح، وهو يريد أن يعوض النقص ويأخذ دور شخصيات في الحركة لا تأخذ دورها.. يريد لفتح أن تتواصل مع الناس من خلاله».

أما الأسباب الأخرى حسب اعتقاد إبراش، فهو أنه «يريد أن يخلق جوا من الطمأنينة، ويؤكد على حالة الاستقرار والهدوء التي غابت عن الضفة لفترات طويلة، كما أنه لا يريد أن يترك الساحة لآخرين ينشطون في هذا المجال».

وانشغلت منتديات تابعة لحركة فتح وأخرى تابعة لحركة حماس بمثل هذه الزيارات، وكتبت المواقع التابعة للحركتين عن زيارات أبو مازن، وشهدت المنتديات والمواقع اصطفافا خلف الرجل وضده كذلك.

وقال مناصروه إن ذلك يدل على تواضع كبير واهتمام بالناس، بينما قال معارضوه إنها محاولات لشراء حب الناس، أما الناس أنفسهم فلا يزالون يظهرون حسب آخر استطلاعات الرأي ثقة أفضل في أداء أبو مازن.