أربيل تدين التوغل والقصف التركي.. وتعتبر تحركات «الكردستاني» داخل أراضيها «غير شرعية»

قيادي كردي: تنسيق بين أنقرة وطهران لتصعيد عملياتهما العسكرية

TT

في الوقت الذي أعلنت فيه مصادر كثيرة عن تحضيرات واستعدادات مكثفة من جانب الجيش التركي لتوغل كبير داخل أراضي إقليم كردستان لضرب مواقع ومقرات تابعة لحزب العمال الكردستاني التركي المعارض، أكد اللواء جبار ياور أمين عام وزارة البيشمركة والمتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حرس الإقليم لـ«الشرق الأوسط»، أن الجبهات داخل أراضي كردستان هادئة، ولم يسجل أي اختراق جديد من قبل القوات التركية أمس، معلقا على الأنباء التي تحدثت عن توغل تركي بمسافة 10 كيلومترات داخل أراضي الإقليم بالقول: «إن هذه الأرقام مبالغ فيها كثيرا، فليس هناك أي توغل بهذا الحجم، وأن ما حدث كان أول من أمس عندما توغلت القوات التركية إلى عمق كيلومتر واحد، وهذا التوغل لم يكن منسقا أو مخططا له مسبقا، بل كان ضمن إطار معارك دارت بالقرب من المثلث الحدودي التي استدعت ذلك التوغل».

وفي الوقت الذي تهدد فيه رئاسة الأركان التركية بـ«سحق» «العمال الكردستاني» واقتلاعه من الحدود، أكد قيادي كردي أن «الأحداث على الحدود تسير نحو المزيد من التعقيد والعنف، وهناك احتمالات بوجود تنسيق مشترك بين قوات إيران وتركيا للقيام بعمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني».

وقال محمود عثمان السياسي الكردي البارز: «كنا ننتظر من زيارة رئيس الإقليم مسعود بارزاني إلى تركيا مؤخرا مزيدا من التهدئة على الحدود، وأن تتفهم تركيا مشكلاتها الحدودية بشكل أوضح، ولكن للأسف بدأت القوات التركية بشن هجمات جديدة، واليوم نسمع تهديدات متبادلة من قبل تركيا و(الكردستاني)، مما ينبئ بحدوث تصعيد عسكري متقابل».

وتابع عثمان قائلا: «نتوقع أن تسير الأمور نحو مزيد من العنف، ويبدو أن هناك تنسيقا وتعاونا بين تركيا وإيران لتصعيد عملياتهما العسكرية، وهذا يتسبب في أكبر المشكلات لإقليم كردستان». وأعرب القيادي الكردي عن استغرابه من سكوت الحكومة العراقية عن تجاوزات تركيا على الحدود وقال: «ما زالت الحكومة العراقية تلتزم الصمت تجاه هذه التطورات، والولايات المتحدة لا تقوم بأي دور، وتتذرع بأن العراق لم يطلب منها التدخل في هذا الشأن!».

وعلى الصعيد الميداني نقلت مصادر إعلامية أن تركيا بدأت باستخدام طائرات من دون طيار إسرائيلية الصنع لكشف مواقع ومخازن أسلحة «الكردستاني»، في الوقت الذي نقلت فيه مصادر محلية أن الطائرات التركية تحلق في أجواء جبل قنديل الذي يأوي مقرات ومواقع قيادة «العمال الكردستاني».

وكان رئيس الأركان التركي إيلكر باشبوغ، قد هدد بسحق «العمال الكردستاني» واقتلاعه من مواقعه على الحدود، داعيا الجنود الأتراك إلى المزيد من الصبر والتحمل في مواجهتهم مقاتلي «الكردستاني»، مشيرا إلى أن «المواجهة وتحقيق النصر يحتاجان إلى وقت أطول وإلى مزيد من تشديد الإجراءات الأمنية».

في غضون ذلك أوفد مكتب الأمم المتحدة في العراق وفدا يضم ممثلين عن مكتبي بغداد وأربيل إلى قضاء العمادية الحدودي لمعاينة الأوضاع هناك وتحديد الأضرار التي لحقت بمواطني القرى الحدودية، التي أكد قائم مقام القضاء «أن أكثر من 100 عائلة في تلك القرى نزحت عن مناطقها وتخشى العودة إلى مزاولة أعمالها الزراعية بسبب القصف المدفعي والجوي التركي».

وحول الموقف الرسمي لحكومة إقليم كردستان من التطورات الجارية على الحدود، أبلغ الدكتور كاوة محمود المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان في تصريح خص به «الشرق الأوسط»، أن حكومة الإقليم تندد بالتجاوزات التركية من القصف المدفعي والجوي والتوغل العسكري، وتعتبر اختراق القوات التركية لأراضي الإقليم انتهاكا صريحا وواضحا للسيادة العراقية، ويتعارض مع مبادئ حسن الجوار والاتفاقات ومواثيق الأمم المتحدة، واصفا التطورات على الحدود بأنها «تتسبب في المزيد من التوترات في تلك المناطق الحدودية، وأن السبيل الوحيد لحل المشكلات هناك هو الدخول في حوار مباشر مع الأطراف المعنية بالقضية وليس اللجوء إلى استخدام القوة».

وأكد المتحدث «أن حكومة وشعب كردستان قادران على الدفاع عن أراضي الإقليم، ولكن حكومة الإقليم تشدد على الخيارات الدبلوماسية التي هي أجدى لحل المشكلات العالقة على الحدود، ونطالب بوقف فوري للقصف المدفعي والجوي وسحب القوات التركية المتوغلة داخل أراضينا».

وسألته «الشرق الأوسط» عن أسباب إلقاء الكرة في ملعب الحكومة العراقية كلما حدث تجاوز من دول الإقليم على الحدود، فقال إن «كردستان هي جزء من الدولة العراقية الفيدرالية، وهذه الأمور تعتبر سيادية، والدستور يحدد مسؤولية الحكومة العراقية في الدفاع عن أراضي البلاد، لذلك عندما نلقي بالكرة في ملعب الحكومة العراقية فهذا لأنها دستوريا مسؤولة عن أي تجاوز خارجي على الأراضي العراقية، أي أننا نتعامل مع هذه المسألة من منظور دستوري».

وحول التصريحات التي تتحدث عن تزامن التصعيد التركي مع زيارة بارزاني إلى أنقرة مؤخرا، قال المتحدث الرسمي باسم حكومة الإقليم: «هذه أقاويل باطلة ولا أساس لها من الصحة بتاتا، وهي تشكك في الثوابت الوطنية التي يؤكد عليها السيد رئيس الإقليم والحكومة الإقليمية، وهي ثوابت تتمسك بالدفاع عن أراضينا العراقية، وقد أكد رئيس الإقليم وحكومة الإقليم أيضا موقفهما الثابت من التجاوزات الإقليمية على الأراضي العراقية، وهذه سياسة ثابتة وواضحة، فلا السيد رئيس الإقليم ولا حكومة الإقليم لديهما سياسات مزدوجة، فما نعلنه يشكل الموقف الثابت لقيادة إقليم كردستان».

وحول الموقف الرسمي من تحركات حزب العمال الكردستاني على الحدود، قال كاوة محمود المتحدث الرسمي باسم الحكومة: «لقد أكدنا مرارا أننا في حكومة الإقليم لسنا معنيين بما يحدث من صراعات ومشكلات داخل حدود البلدان المجاورة لنا، فهي تعتبر شؤونا داخلية لا نريد التدخل فيها، ولكننا في المقابل دعونا دوما إلى أن تحل مشكلات جيراننا عن طريق التفاوض والتحاور السياسي، ونؤيد أي توجهات من دول الجوار في هذا الصدد، أما أي نشاط عسكري داخل أراضينا فهو أمر غير مقبول وغير شرعي، وقد أكدنا دائما على أننا لن نسمح أن تستخدم أراضينا منطلقا لأي أعمال أو نشاطات تضر بدول الجوار التي نحترم سيادتها وندعوها إلى احترام سيادة أراضينا في المقابل».