إيران تمنع اثنين من مفتشي وكالة الطاقة من الدخول إلى أراضيها

البرازيل تأمل في إنجاح اتفاق التبادل النووي مع طهران.. وباكستان ملتزمة بالعقوبات

رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي خلال مؤتمر صحافي في طهران أمس ( أ.ب)
TT

قال علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن إيران لن تسمح لاثنين من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول البلاد في تصعيد جديد للنزاع الدولي بشأن طموحاتها النووية.

وجاءت هذه الخطوة بعد التقرير الأخير لوكالة الطاقة الذرية وبعد أن أيد مجلس الأمن الدولي يوم التاسع من يونيو (حزيران) فرض جولة رابعة من العقوبات على إيران بسبب أنشطتها النووية. وقال صالحي إن المفتشين اعتبرا شخصين غير مرغوب فيهما لوضعهما تقريرا «بعيدا تماما عن الحقيقة» للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن الأنشطة النووية لإيران. ولم يذكر صالحي اسميهما أو أي تفاصيل عن أجزاء التقرير التي يرى أنها غير دقيقة. وأكد المندوب الإيراني لدى الوكالة، السفير علي أصغر سلطانية، للصحافيين بالعاصمة النمساوية حيث مقر الوكالة أمس أن الحظر ليس معمما وأن إيران باقية على التزامها بالسماح لفرق التفتيش بالاستمرار في مواصلة مهامهم ضمن اتفاقات الضمان الموقعة بين إيران والوكالة، مشددا على حق كل دولة في حماية حقوقها والحرص على مصالحها وسرية معلوماتها.

وفي أول رد فعل، قالت مصادر قريبة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا إنه بإمكان الدول رفض مفتشين ومطالبة الوكالة بتغييرهم كما فعلت إيران. وقالت المصادر إن أي دولة «من حقها أن تسمح أو لا تسمح بدخول شخص ما». بيد أن هذه المصادر استغربت أن تتهم إيران شخصين اثنين بشكل خاص، في حين أن التقرير الذي ترفضه «عمل جماعي» صاغه «عشرون» متعاونا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقالت الوكالة في أحدث تقاريرها عن إيران والصادر في مايو (أيار) الماضي إن طهران تحضر معدات إضافية لتخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى وتواصل تخزين هذه المادة النووية. ويمكن أن يستخدم اليورانيوم المخصب في إنتاج وقود لمحطات توليد الكهرباء أو مواد تستخدم في تصنيع القنابل النووية إذا جرى تخصيبه لدرجات نقاء أعلى. وأورد التقرير الذي يقع في 9 صفحات أن إيران تمضي قدما في تخصيب اليورانيوم لمستويات أعلى ولم ترد على أسئلة الوكالة بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة لأنشطتها النووية ومعالجة المخاوف بشأن احتمال وجود أنشطة سرية.

وقالت واشنطن التي كانت تقود المساعي لفرض عقوبات دولية جديدة على إيران في ذلك الوقت إن تقرير الوكالة ألقى الضوء على رفض إيران الالتزام بالمتطلبات الدولية.

وردت إيران خامس أكبر مصدر للنفط في العالم بغضب على أحدث عقوبات فرضت عليها ووصفتها بأنها «غير مشروعة». وحذر البرلمان الإيراني من احتمال تقليص العلاقات مع الوكالة الدولية. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن صالحي قوله أمس «أعلنت إيران الأسبوع الماضي أن هذين المفتشين لن يسمح لهما بدخول إيران بسبب تقديمهما.. معلومات خاطئة فضلا عن كشفهما معلومات سرية قبل الموعد الرسمي المقرر لذلك». وأضاف «تقريرهما كان بعيدا تماما عن الحقيقة.. وطلبنا ألا يرسلوا أبدا هذين المفتشين لإيران وأن يعينوا غيرهما». وازداد توتر العلاقات بين إيران والوكالة منذ أن تولى يوكيا أمانو رئاستها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وانتهج الدبلوماسي الياباني موقفا أكثر تشددا تجاه برنامج إيران النووي من سلفه المصري محمد البرادعي. وقالت الوكالة في تقرير صدر في فبراير (شباط) الماضي إن إيران ربما تكون تحاول تطوير صاروخ يحمل رأسا نوويا الآن وليس فقط في الماضي. واتهمت إيران أمانو بإصدار تقرير مضلل وغير متوازن.

وعلى الرغم من أن باقي الدول الأعضاء في الوكالة تدرس الخطوة الإيرانية، فإن فرنسا اعتبرت أمس أن طلب إيران استبدال اثنين من المفتشين «يتناقض مع مطالب مجلس الأمن الدولي ومجلس حكام» الوكالة. وقال برنار فاليرو المتحدث باسم الخارجية الفرنسية ردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي «على غرار القرارات السابقة حول إيران فإن القرار الدولي 1929 الذي تم تبنيه في التاسع من يونيو طلب من هذا البلد التعاون كليا مع وكالة الطاقة». وأضاف أن هذا الإعلان «يتناقض مع مطالب مجلس الأمن الدولي ومجلس حكام الوكالة»، موضحا أن باريس تتوقع من إيران «أن تتعاون كليا مع وكالة الطاقة».

ويأتي ذلك فيما قال وزير خارجية البرازيل إنه لا يزال يأمل في اتخاذ خطة تتنازل بموجبها إيران عن بعض مخزونها من المواد النووية كأساس لإجراء مزيد من المحادثات مع طهران بشأن برنامجها النووي على الرغم من العقوبات الجديدة. وقال سيلسو أموريم وزير خارجية البرازيل للصحافيين في مناقشات جرت في فيينا أمس «في تقديري أن العقوبات جعلت الأمر أكثر صعوبة.. لا أسهل. لكنني لا أظن أنها جعلته مستحيلا.. وبالتالي لو توفرت النوايا الحسنة والمرونة سيكون التوصل لاتفاق ممكنا. ما زلنا نأمل أن يستخدم إعلان طهران كأساس.. لحل سلمي عن طريق التفاوض». وعبر أموريم عن الاستياء من التصويت على العقوبات في مجلس الأمن وقال إن الاستجابة الفاترة من جانب القوى الكبرى لخطة الوقود كانت من بين أسباب تصويت البرازيل ضد الإجراءات. كما انتقد توقيت التصويت الذي جاء بعد ساعات من رفض الغرب لخطة الوقود. وقال «لم يكن بوسعنا أن نصوت إلا بالرفض»، وأضاف أنه على الرغم من أن المسؤولين الغربيين تحدثوا «بعبارات لطيفة» عن جهود الوساطة البرازيلية فإن تصرفاتهم لم تأخذ نفس الاتجاه.

وأردف أن البرازيل تخشى المشاركة في جهود الوساطة مرة أخرى بسبب هذا الموقف. وكان رد فعل الولايات المتحدة في البداية إيجابيا تجاه جهود البرازيل لكنها أبدت اعتراضات في اللحظات الأخيرة على نحو غير متوقع. وقال أموريم «لا يمكننا أن نتحرك وسط هذا الغموض. نحتاج لطلب واضح للمشاركة». وطالب الوزير البرازيلي بضرورة إدخال تعديل جذري في تركيبة مجلس الأمن، مبينا أن المجلس بصيغته الحالية لا يعكس حقيقة التطورات التي يشهدها العالم، وذلك حتى يصبح أكثر فاعلية وأقوى أثرا.

وعلى الرغم من مساعي البرازيل وتركيا لإعادة إحياء اتفاقية التبادل النووي، فإن طهران قد لا تجد رغبة في التعاون خصوصا مع إعلان المزيد من الدول التزامهم بتطبيق العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على إيران. فقد أعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني أمس أن بلاده ستلتزم بأي عقوبات أميركية على إيران التي حذرت واشنطن من أنها قد تضر بالشركات الباكستانية التي تشارك في صفقة خط أنابيب غاز إيراني - باكستاني بقيمة 7.6 مليار دولار. وتأتي تصريحات جيلاني بعد يوم من تحذير ريتشارد هولبروك المبعوث الأميركي إلى أفغانستان وباكستان لإسلام آباد من أن تلتزم بشدة بالمشروع نظرا للتأثيرات المتوقعة للعقوبات.

وقال جيلاني للصحافيين في مؤتمر صحافي في إقليم السند الجنوبي «إذا ما فرضت الولايات المتحدة عقوبات فسيكون لها تداعيات دولية وباكستان كعضو في المجتمع الدولي ستلتزم بها». ويضع الكونغرس الأميركي اللمسات الأخيرة على تشريع لتشديد العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي. وحث هولبروك باكستان على أن تتروى حتى صدور التشريع في صورته النهائية قبل أن تمضي قدما في المشروع الذي وقع في مارس (آذار).