مناشير تثير الخوف بين مسيحيي صيدا.. تهددهم بالموت أو إخلاء بيوتهم

حديث عن أياد فلسطينية ردّت على الموقف المسيحي من الحقوق المدنية

TT

يعيش مسيحيو مدينة صيدا الجنوبية في هاجس المناشير التي ألقيت منذ أيام فوق منازلهم، والتي تضمنت إنذارا لهم بإخلاء قراهم، محذرة من مغبة عدم الرضوخ للأوامر. وفي وقت تبقى هذه المناشير حتى الساعة «لقيطة»، بغياب أي تبنّ لها من أي جهة أو فريق كان، بدد الموقف الإسلامي الموحّد الذي «شدد على العيش المشترك وعلى أن البيان مدسوس ولا يعبّر عن حقيقة الوضع في المنطقة وما يختلج في قلوب ونفوس المسلمين في صيدا وغيرها من المناطق بحق المسيحيين»، مخاوف أهالي قرى الهلالية والصالحية وعبرا والقرى المختلطة في شرق صيدا، إلا أنه لم يلغِ التساؤلات عن جدوى هذه الحيل، من يقف وراءها وتوقيت توزيعها.

وقد ورد حرفيا في المناشير التي كتبت بلغة عربية مليئة بالأخطاء اللغوية، الآتي: «للنصارى المسيحيّون اللبنانيّون، مهلة لمدة أسبوع لإخلاء مناطقكم من وجودكم في شرق صيدا وصيدا والضواحي من صيدا. على كلّ من علم ويعلم ذلك إخبار إخوانه حفاظا على حياتهم إذا كانت عزيزة عليهم. أعذر من أنذر لسلامتكم وسلامة عائلاتكم وأبنائكم وبناتكم. لا إله إلا الله محمد رسول الله. إن علي بالحق ولي الله. ولا تأمنو إلا بمن تبع دينكم». واختتمت بتوقيع «ولاية صيدا والضواحي».

واتهم رئيس بلدية صيدا محمد السعودي من وزّع هذه المناشير بأنه «يتعاون مع العدو الإسرائيلي وهدفه زرع الفتنة بين أهالي المنطقة الواحدة»، لافتا إلى أن «المسيحيين قبل المسلمين لم يأخذوا فحوى المناشير بجدية ولا خوف في النفوس لأن أهل صيدا يعلمون تماما ما يكنه بعضهم لبعض من حب واحترام وتقدير». وقال السعودي لـ«الشرق الأوسط»: «خفافيش الليل لن يتمكنوا من ضرب عيشنا المشترك، ونحن نقف متكاتفين في مواجهة كل هذه المؤامرات».

من جهته وصف رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية علي الشيخ عمار عملية توزيع المناشير بـ«المحاولة الميؤوس منها التي لا قيمة لها لإشاعة أجواء من البلبلة والاستفهامات». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اعتاد اللبنانيون ومنذ سنوات على هذه المحاولات لضرب وحدتهم، وها هم يتصدون لها جسما واحدا محصنين بالوعي والإدراك».

وبينما لم تستبعد بعض المصادر الصيداوية «وجود أياد فلسطينية وراء هذه المناشير لتكون بمثابة رد على الرفض المسيحي لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنية»، أكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن «لا علاقة للفلسطينيين من قريب أو من بعيد بهذه المناشير، وأنهم يبقون خارج إطار التجاذبات الداخلية اللبنانية». وأضافت: «نحن نتعامل مع قضية حقوقنا المدنية ورد فعل بعض اللبنانيين عليها في إطار أنه ملف يعالج لبنانيا نسعى لدعمه بطرقنا الحضارية الديمقراطية من خلال حشد رأي عام لبناني مؤيّد لحقوقنا». ورأت المصادر أن «البعض يسعى لإدخال الفلسطينيين مجددا في الكباش السياسي اللبناني لجعلهم (كبش محرقة)».

وكانت الحكومة اللبنانية قد أدانت الحادثة وأكد رئيسها سعد الحريري أن التحقيقات جادة في ملاحقة الفاعلين وكشفهم ومعاقبتهم. واعتبر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني أن «مناشير الفتنة تستهدف مسيرة الاستقرار والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في لبنان، وإيقاع الفتنة بينهم لأهداف باتت لا تخفى على أحد، وهي محاولة زعزعة الثقة بالدولة التي تسهر على أمن وراحة اللبنانيين وسلامتهم».

واستنكر المجلس الأعلى للروم الكاثوليك أمس ما وصفه بـ«العمل الإجرامي المقصود منه إثارة الفتنة وتخويف المسيحيين وتوتير الأجواء والمس بالعيش المشترك». ودعا الدولة بأجهزتها كافة «إلى ملاحقة المجرمين وكشف من يقف وراءهم، وطمأنة المواطنين حتى يشعروا أنها موجودة لحمايتهم».