القذافي يستقبل وفدا من بلدة إيطالية تدخل لإنقاذها من البطالة والكساد

مصادر ليبية: أحبطنا محاولتين سريتين لتحرير الرهينتين السويسريتين بالقوة

TT

كشفت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن طرابلس أحبطت على الأقل محاولتين عسكريتين سريتين سعت خلالهما سويسرا لتحرير اثنين من مواطنيها اعتقلتهما السلطات الليبية عقب حادث توقيف سلطات مدينة جنيف السويسرية في صيف 2008 هانيبال نجل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وأسرته على خلفية شكوى من عاملين لديه بتعرضهما للتعذيب.

وقالت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، إن ليبيا اضطرت بعد ذلك إلى نقل المعتقلين السويسريين رشيد حمداني وماكس غولدي إلى مكان سري وآمن لإفشال المحاولات السويسرية، مشيرة إلى أن السلطات الليبية حصلت على معلومات استخباراتية بشأن ذلك.

وأوضحت المصادر التي كانت تعقب لـ«الشرق الأوسط» على اعتراف أكثر من مسؤول سويسري بمحاولات حكومته إنقاذ مواطنيها وتحريرهما باستخدام القوة العسكرية دون علم السلطات الليبية، أن طرابلس كانت على علم بفحوى هذه المحاولات، وأنها اتخذت إجراءات وتدابير أمنية مشددة لإحباطها.

ومع أن المصادر رفضت الرد على أسئلة لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كان مصدر هذه المعلومات الاستخبارية جهاز المخابرات الليبية أم أجهزة أخرى صديقة؟ فإنها أكدت في المقابل أن العقيد القذافي كان على اطلاع أولا بأول بنوايا سويسرا لتحرير مواطنيها باستخدام القوة العسكرية.

وقال مسؤول ليبي بارز لـ«الشرق الأوسط»: «نعم نقلنا المعتقلين السويسريين إلى أماكن غير معلومة، وفرضنا تعتيما على وضعهما، وأحبطنا محاولات تجسس سويسرية لمعرفة المكان الحقيقي لوجودهما. كانت معركة سرية لكنها شديدة الإثارة».

وأقرت أمس رئيسة الكونفيدرالية السويسرية وزيرة الاقتصاد دوريس، لويتهارد أمام وسائل الإعلام في برن وجود مخططات تحرك عسكري في الماضي لتهريب رجلي الأعمال السويسريين، لكنها أدانت في الوقت نفسه التسريبات التي نشرت في وسائل الإعلام عن تلك المخططات.

وقالت في بيان موجز قرأته أمام الصحافيين، ونقلته الإذاعة السويسرية عبر موقعها الرسمي الإلكتروني باللغة العربية، إن التسريبات «عن مخطط عملية تحرير حمداني وغولدي يعاقب عليها القانون الجنائي لأن المعلومات التي تم الكشف عنها تخضع للسرية».

وأوضحت لويتهارد أنه تم إبلاغ الحكومة الفيدرالية بالتخطيط لإحدى تلك العمليات في الثالث من فبراير الماضي، مشيرة إلى أنه تم تكليف وزيرة الخارجية ميشلين كالمي - ري، ووزير الدفاع، أولي ماورر، بصياغة تقرير يظهر من كان على علم بهذا الأمر. وبعد تسليم التقرير لاحقا، طلبت لويتهارد رأيا قانونيا حول شرعية العملية التي تم التخطيط لها. وبعد أن ناقشت الحكومة الفيدرالية التقرير نهاية مارس (آذار) الماضي، خلصت إلى أنه «من الصواب أن تنظر الجهات المسؤولة في (تنفيذ) مثل تلك العمليات عندما يحدث اختطاف رهائن».

إلى ذلك، دعا عمدة بلدة إيطالية صغيرة المواطنين الليبيين إلى القدوم إلى المدينة، وقال إنها ستكون فخورة بهم ردا على الدعم المادي الذي قدمه العقيد القذافي للمدينة وسكانها خلال توقفه فيها لدى مشاركته في قمة الدول الثماني الصناعية الكبرى التي عقدت بمدينة لاكويلا الإيطالية في 11 يوليو 2009.

واستقبل القذافي أمس في خيمته في طرابلس وفدا شعبيا يمثل بلدة «إنترودوكو» الإيطالية برئاسة عميدها ماوريزيو فارينا الذي أشاد بتطور العلاقات الليبية الإيطالية وبالدعم الذي قدمه القذافي لمدينته الصغيرة.

كما أعرب عن إعجابه بما تضمنه الكتاب الذي تم الإعلان عنه مؤخرا في احتفال إيطاليا بمرور عام على قيام القذافي بأول زيارة تاريخية له إلى إيطاليا من تسلمه لسلطة في ليبيا عام 1969، مشيدا بما وصفه بالدور البارز للقذافي على الصعيد الدولي، وفي إنجاز اتفاقية الصداقة والشراكة والتعاون الإيطالية الليبية.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن عميد بلدة إنترودوكو الإيطالية أن مضامين هذا الكتاب رسخت القناعة لدى الشعب الإيطالي بأن ما يفعله القذافي يمثل ضمانة لأبناء هذا الشعب في هذه البلدة ولإيطاليا عموما، على حد تعبيره.

ووجه عميد بلدة «إنترودوكو» الإيطالية الدعوة لليبيين للقدوم إلى هذه البلدة والاستثمار فيها، وقال إن البلدة المتواضعة هذه سوف تكون فخورة بقدوم الليبيين إليها.

وأهدى أعضاء الوفد الإيطالي للقذافي شعار مدينتهم وكتابا عن الثقافة والفنون والموروث الشعبي لها، بالإضافة إلى كتاب آخر عن الأساليب العلمية لزراعة القمح، ولوحة للقلعة الأثرية بالبلدة التي يعود تاريخها إلى عام 1848.

وكان أبناء بلدة «إنترودوكو» الإيطالية استقبلوا القذافي بحفاوة بالغة أثناء توقفه بها خلال زيارته الأولى إلى إيطاليا العام الماضي، ورد القذافي على هذه الحفاوة بتدخله لإنقاذ البلدة من حالة البطالة والكساد الاقتصادي.

وكان القذافي قد قال لأهال من المدينة «دخلتم قلبي، ولن أنساكم»، كما أوفد عددا من المبعوثين من بينهم السفير الليبي في روما حافظ قدور بهدف تفقد أحوال القرية الإيطالية المضيافة، حيث أخبرهم العمدة موريزيو فيانا بأن القرية التي يبلغ عدد سكانها 2800 إنسان تعاني من البطالة والفقر وتدني الموارد السياحية على الرغم من غاباتها الخلابة.