ماكريستال يعيد لفت الأنظار إلى الخلافات مع بايدن حول أفغانستان

صراع بين الرجلين حول استراتيجية استهداف قادة «القاعدة» وموعد سحب القوات

TT

ربما يكون نائب الرئيس قد خسر المعركة الخريف الماضي حول استراتيجية الإدارة بشأن أفغانستان. لكن المشكلات التي يواجهها الجنرال ماكريستال - منافسه الرئيسي خلال المناقشات المطولة - هل ستمكن بايدن من الفوز في الحرب الأكبر؟ كان بايدن مثار الهدف الأبرز لسخرية ماكريستال في تصريحات الجنرال لمجلة «رولنغ ستونز» التي شغلت البيت الأبيض هذا الأسبوع. على الرغم من أن العبارات المقتبسة كانت غير محددة المصدر، فإن ماكريستال تناول بايدن ببضع كلمات أثار غضب البيت الأبيض. لعل أبرزها عندما قال الجنرال ضاحكا: هل تسأل عن نائب الرئيس؟ «من هو؟» (يتقدم مساعد لم يذكر اسمه ويقول له، «بايدن»، ليرد عليه الجنرال: أقلت «بايت مي» (عضني)؟ يعود التوتر الخفي بين الرجلين إلى الخريف الماضي، حيث دافع بايدن عن استراتيجية مكافحة إرهاب محدودة تركز على استهداف قادة «القاعدة»، لكن ماكريستال طالب باستراتيجية مكافحة إرهاب أكثر توسعا والتي تتطلب المزيد من القوات تستهدف تأمين المناطق الآهلة بالسكان وتعزيز الحكومة المدنية، وفي ختام المناقشات انحاز الرئيس أوباما إلى جانب الجنرال ماكريستال. قبل ستة أشهر دارت التساؤلات حول مستوى تنفيذ الخطة، وأكد مسؤولو الإدارة أنها لا تزال قيد التنفيذ ولن يجري عمل مراجعة لها قبل المراجعة المقررة سلفا في ديسمبر (كانون الثاني)، لكن التقدم الذي تسير بها حتى الآن بطيء فالمهمات التي قامت بها القوات في مارجا وقندهار متأخرة عن الجدول المعد لها. كما خفت الدعم السياسي داخل واشنطن للبقاء في أفغانستان، خصوصا من قبل الديمقراطيين.

حقق بايدن انتصارين خلال مناقشة السياسة الخاصة بأفغانستان، وهو تحديد ديسمبر (كانون الأول) موعدا لمراجعة السياسة، ويوليو (تموز) 2011 لبدء سحب القوات من أفغانستان. وقد رفض الجيش الخطتين معا، مشيرا إلى إمكانية حدوث تأخير عن هذين الموعدين، وهو ما يضيف إحساسا بالنزاع بين نائب الرئيس والجنرال ماكريستال قائد القوات. لكن حتى قبل ظهور مقال مجلة «رولينغ ستون»، كانت وجهة نظر بايدن تكتسب المزيد من الاهتمام، حيث أشار الكثير من الأعضاء الديمقراطيين إلى أن الوقت سيحين سريعا للعودة إلى فكرة بايدن بتبني استراتيجية استهداف قادة «القاعدة». حتى إن المنتقدين لها يعتقدون أن موقف بايدن من الاستراتيجية ستعززه أخطاء ماكريستال. وقال بروس ريدل، الذي قام بالمراجعة الرئيسية لأفغانستان في بداية عام 2009، الذي يعارض فكرة بايدن: «يعيد مقال رولينغ ستون تلك العداوات إلى الطاولة مرة أخرى. والوصف الذي يحمله المقال للصورة التي يعمل بها قائدنا على الأرض وكيفية تصرف الأفراد من حوله ستقوض الدعم لهذه الحرب». ورفض مساعدو بايدن الإجابة عن الأسئلة حول ما إذا كان فشل ماكريستال سيعزز من موقف نائب الرئيس. فلكي يثبت صحة وجهة نظر بايدن يجب أن تفشل جهود الحرب في أفغانستان. لكنهم قالوا إن الرجلين لم يكونا على هذا الحجم من الخلاف كما يصور المقال.

وقال جاي كارني، مستشار بارز لبايدن: «موقف نائب الرئيس بشأن أفغانستان هو نفس موقف الرئيس». كما أكد بعض قادة مسؤولي الإدارة فإن الخلاف بين بايدن وماكريستال لم يرق إلى ما يعتقده البعض». في ليلة الاثنين، خلال رحلة له من إلينوي على طائرة نائب الرئيس، تلقى بايدن مكالمة غير متوقع من نائب الرئيس، من الجنرال الذي كان يتصل به من هاتف تابع للجيش من أفغانستان.

وأشار مساعدو بايدن إلى أن ماكريستال اتصل ببايدن ليخبره بأنه يتصل به ليعتذر، وأنه تحدث إلى مجلة «رولينغ ستون» التي على وشك الصدور والتي يمكن أن ينظر إليها بصورة غير مشجعة في البيت الأبيض. أخبر بايدن ماكريستال أنه لا يعلم شيئا عما يقول، لكنه أكد للجنرال أن كل شيء على ما يرام، ثم اتصل بايدن بالرئيس أوباما وأخبره بحيرته من مكالمة الاعتذار التي تلقاها من الجنرال. أدى ذلك إلى سلسلة من الأحداث التي دفعت الرئيس إلى استدعاء ماكريستال إلى واشنطن يوم الثلاثاء، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إقالة الجنرال. استدعى أوباما مساعديه وطلب منهم نسخة من المقال، الذي اطلع عليه كبار المستشارين قبله بساعات. قرأ أوباما المقال ليلة الاثنين، وقال المستشارون إنه عندما انتهى كان غاضبا بشدة، لكنه تحدث بلغة دبلوماسية واصفا المقال بأنه «غير مفيد».

الجنرال الهارب المقال الذي أثار غضب الرئيس أوباما جاء تحت عنوان «الجنرال الهارب» من العدد القادم من مجلة «رولينغ ستون»، والمقال منشور على موقع المجلة الذي ينقل سخرية الجنرال وكبار قادته بعض أبرز أعضاء إدارة أوباما. يبدأ المقال برواية حول الجنرال ماكريستال يشكو فيها لمساعده عن أنه مضطر لحضور حفل عشاء مع حلفائه من «الناتو» في باريس في. وقال رئيس أركانه الكولونيل تشارلي فلين: «العشاء يأتي مع المنصب يا سيدي»، وهنا استدار الجنرال في مقعده «حسنا يا تشارلي، هل هذا يأتي مع المنصب؟ وقام بحركة بإصبعه الأوسط. وقال ماكريستال: «أفضل أن يعاقبني عدد كبير للغاية من الأفراد بقوة على أن أذهب إلى هذا العشاء». وتوقف للحظة، ثم أضاف: «لسوء الحظ، لا يستطيع أحد من هؤلاء الأفراد القيام بذلك». وأثناء الاستعداد للحديث في حفل العشاء، قيل إن الجنرال مزح مع أحد المساعدين، قائلا إنه إذا سئل عن أفكار نائب الرئيس جو بايدن بشأن استراتيجية الحرب في أفغانستان، فقد يقول: «من ذلك؟» وكتب هاستينغز يقول إن هذا المساعد كان له فكرة مختلفة بشأن المزحة: أشار أحد كبار المستشارين إلى «بايدن؟ هل قلت: بايت مي (عضّني)؟».

وفي واحدة من الفقرات الأكثر إدانة، كتب هاستينغر:

على الرغم من أن ماكريستال صوت لصالح أوباما، فإنه أخفق هو والقائد الجديد للقوات المسلحة لديه منذ البداية في التواصل. وواجه الجنرال أوباما للمرة الأولى بعد أسبوع من توليه الرئاسة، عندما التقى الرئيس عشرة من كبار المسؤولين بالجيش في حجرة بالبنتاغون تعرف باسم «الدبابة». ووفقا لمصادر مطلعة على الاجتماع، اعتقد ماكريستال أن أوباما بدا «غير مستريح ويخاف» مجموعة كبيرة من القادة العسكريين. وحدث أول لقاء ثنائي بينهما في المكتب البيضاوي بعد ذلك بأربعة شهور، بعدما تسلم ماكريستال وظيفته في أفغانستان، ولم تتحسن الأمور كثيرا. وقال أحد المستشارين إلى ماكريستال: «لقد كان ذلك لمدة 10 دقائق، وهي فرصة لالتقاط صورة تذكارية. لم يعرف أوباما بوضوح أي شيء عنه، ومن كان هو. هذا هو الرجل الذي سيدير الحرب (عبارة بذيئة) التي يخوضها، لكنه على ما يبدو لم يكن منخرطا للغاية. كان الرئيس يشعر بخيبة أمل إلى حد ما». ووفقا للسيد هاستينغز، فإن الفريق العسكري حول الرجل الأول للبنتاغون في أفغانستان مستاء أيضا من مستشار الأمن القومي للرئيس، جيمس جونز، ومبعوثه إلى المنطقة، ريتشارد هولبروك، واثنين من الأعضاء البارزين في مجلس الشيوخ الذين تم تكريمهم من أجل خدمتهم في فيتنام.

أحد المساعدين يدعى جيم جونز، وهو جنرال متقاعد شارك في الحرب الباردة، و«مهرج» لا يزال «عالقا في 1985». ويقول مساعد آخر إن سياسيين مثل ماكين وكيري «ظهروا، وعقدوا اجتماعا مع كرزاي، وانتقدوه في مؤتمر صحافي في المطار، ثم عادوا بعد ذلك لحضور برنامج «صنداي». بكل صراحة، «إن هذا الأمر غير مفيد». هيلاري كلينتون هي فقط التي تتلقى مراجعات جيدة من الدائرة المقربة من ماكريستال. وقال أحد المستشارين: «تلقت هيلاري دعم ستانلي أثناء المراجعة الاستراتيجية. وقالت: إذا كان ستانلي يريد ذلك، أعطوا له ما يريد». ويحتفظ ماكريستال بشك خاص لهولبروك، المسؤول عن إعادة دمج طالبان. وقال أحد أعضاء فريق الجنرال: «يقول الرئيس إنه مثل الحيوان الجريح. ويظل هولبروك يسمع الإشاعات بأنه سيتم فصله، لذا فإن ذلك يجعله خطيرا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»