شهر يونيو الأكثر دموية لقوات الناتو في أفغانستان

الشرطة الأفغانية تعاني قبل الانسحاب الأميركي

جنود من الرويال جيرجا أثناء راحتهم يتحدثون مع قرويين أفغان بالقرب من نهر سراج في ولاية هلمند الأفغانية (أ.ف.ب)
TT

بات شهر يونيو (حزيران) مع مقتل جندي من حلف شمال الأطلسي، أمس، أحد الأشهر الأكثر دموية بالنسبة إلى القوات الدولية خلال ثماني سنوات ونصف سنة من الحرب في أفغانستان، إذ بلغت حصيلة القتلى خلاله 70 عسكريا. والجندي الذي قضى اليوم هو الـ15 الذي يقتل خلال ثلاثة أيام. وكان جندي من قوة ايساف قتل في انفجار قنبلة يدوية الصنع في غرب البلاد بحسب ما أعلنت هذه القوة في بيان من دون كشف جنسية القتيل. وقتل أربعة جنود من قوات الحلف الأطلسي في جنوب أفغانستان أول من أمس، وذلك غداة يوم أسود خسرت فيه القوات الدولية عشرة من جنودها في تحطم مروحية وهجمات، كما أعلن الحلف الأطلسي أمس. وقالت قيادة الحلف في بيان صباح أمس إن اثنين من الجنود الأطلسيين قتلا في جنوب أفغانستان في انفجار قنبلتين يدويتي الصنع، السلاح المفضل لمتمردي حركة طالبان. وقبل هذا قتل جندي من الحلف في هجوم شنه المتمردون بالأسلحة الخفيفة، بحسب بيان سابق أصدره الحلف. كما أعلن الحلف مقتل جندي رابع أول من أمس في جنوب البلاد أيضا، في هجوم للمتمردين.

وفي ثلاثة أسابيع فقط يعتبر يونيو من الأشهر الأكثر دموية بالنسبة إلى القوات الدولية منذ دخولها أفغانستان نهاية 2001، إذ إن هذه الحصيلة تجاوزت أو كانت مماثلة خلال شهر كامل ليوليو (تموز)، (76 قتيلا) وأغسطس (آب)، (77 قتيلا)، وسبتمبر (أيلول)، (70 قتيلا)، وأكتوبر (تشرين الأول)، (74 قتيلا)، 2009 بحسب أرقام نشرها موقع «إيه كاجوالتيز» المستقل. وتكثف تمرد طالبان في السنوات الثلاث الأخيرة رغم انتشار القوات الدولية التي يقدر عددها حاليا بـ142 ألفا، على أن يصل إلى 150 ألفا في أغسطس مع وصول باقي التعزيزات (30 ألف جندي أميركي)، التي قرر الرئيس باراك أوباما إرسالها. وقتل ما مجموعه 290 جنديا أجنبيا بينهم 185 أميركيا في عمليات عسكرية في أفغانستان منذ مطلع 2010 بحسب حصيلة لوكالة الصحافة الفرنسية، استنادا إلى موقع «إيه كاجوالتيز» بعد سنة وصفت بأنها دامية (520 قتيلا).

إلى ذلك، ينبطح رجال الشرطة الأفغانية على الأرض يتدربون بإطلاق بنادق كلاشنيكوف الروسية العتيقة على أهداف مرسومة على الورق المقوى استعدادا ليوم انسحاب القوات الأميركية العام القادم ليواجهوا وحدهم متشددي طالبان. وقال محمود نازلي في ميدان الرماية البدائي على بعد خطوات من بقايا سيارة أميركية محطمة نسفتها قنبلة بدائية الصنع يشتبه أن مقاتلي طالبان زرعوها: «أحتاج عاما آخر من التدريب, نستطيع هزيمة طالبان لكننا نحتاج وقتا أطول بكثير».

ويعتمد استقرار أفغانستان في المدى الطويل على أداء جيشها وشرطتها. ويقول المسؤولون العسكريون في حلف شمال الأطلسي إنهم حققوا تقدما كبيرا، وهم متأكدون أنهم سيقدرون على منع طالبان من العودة إلى السلطة على الرغم من أن التمرد يزداد قوة بعد تسع سنوات من بداية الحرب. وقال الكابتن الأميركي كيفن كروبسكي: «هؤلاء الرجال لديهم دافع حقيقي... الأفغان سعداء حقا إذ يرونهم». والخطة هي أن تقوم القوات الأميركية بمهام مشتركة مع الشرطة الأفغانية لتواصل إرشادها حتى يمكنها في النهاية أن تقوم بالمهام الأمنية بنفسها. ويقول رجال الشرطة الأفغانية إن ذلك يتطلب المزيد من التدريب، وكذلك الخبرة الميدانية قبل الانسحاب المقرر أن يبدأ في يوليو 2011. وبعد 45 يوما من التدريب تخرج 150 شرطيا من أكاديمية الشرطة وأصبحوا مسؤولين عن حماية كل السكان في منطقة داند في قندهار بجنوب البلاد، وهي معقل طالبان. المخاطر مرتفعة، والفشل في تحقيق السلام في البلاد بعد الانسحاب الأميركي الذي يبدأ الصيف القادم قد يتسبب في ضربة قوية للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي وضع أفغانستان على رأس أجندة سياسته الخارجية.

ومن الممكن أن تنزلق أفغانستان مرة أخرى إلى الفوضى إذا لم يستطع الجيش والشرطة السيطرة على الأمن. وتواجه الشرطة تحديات أكبر من مجرد تحسين قدراتهم على الرماية ولياقتهم البدنية، فهم يحتاجون إلى تغيير سمعة الشرطة المعروفة بارتفاع مستوى الفساد ونقص الكفاءة. وقال تقرير الأمم المتحدة بشأن المخدرات الصادر هذا الأسبوع إن مستويات تعاطي المخدرات بين قوات الشرطة مرتفع جدا، وإن ما بين 12 و41 في المائة كانت اختباراتهم إيجابية في ما يتعلق بتعاطي الأفيون ومخدرات أخرى كالهيروين. وتبدو الشرطة الأفغانية أقل استنفارا من الجيش، ونادرا ما تحتك الشرطة في دورياتها مع المواطنين الذين ما زال أكثرهم يخشى طالبان حتى على الرغم من أن داند تبدو أكثر هدوءا من بقية أنحاء قندهار. ومن أجل رفع كفاءة الشرطة الأفغانية تقوم القوات الأميركية بتدريب أفرادها على إقامة نقاط التفتيش وعلى تفتيش سائقي السيارات والمزارعين الذين يمتطون الحمير، بحثا عن الأسلحة. وينطوي الأمر على صعوبة، حيث تخشى الشرطة الأفغانية تنفير السكان المحليين أو تعريضهم للإهانة.

ويقول رجال الشرطة الأفغانية إنه لا يمكن أن يتوقع منهم أن يحققوا تقدما سريعا حتى يحصلوا على أسلحة متطورة مثل الأميركيين.