توصية لأوروبا بعدم فرض حظر تام للنقاب.. والجالية المسلمة ترحب

«مجلس أوروبا» يدعو سويسرا لإلغاء قرار حظر بناء المآذن

TT

عبر البرلمانيون في «مجلس أوروبا» أمس، عن معارضتهم فرض حظر تام لارتداء النقاب أو البرقع في أوروبا، وذلك في ختام مناقشة تناولت التيار الإسلامي المتشدد والعداء للإسلام. وفي نص أقر بالإجماع، أوصى البرلمانيون الدول الأعضاء الـ 47 في المنظمة «بعدم فرض حظر تام لارتداء النقاب أو ملابس دينية أخرى، بل حماية حرية الخيار لدى النساء بارتداء لباس ديني أو لا». وطالبوا بالحرص على أن «تتوافر للنساء المسلمات الإمكانات نفسها للمشاركة في الحياة العامة وممارسة نشاطات تربوية ومهنية». لكن النص حدد أن «القيود القانونية المفروضة على هذه الحرية يمكن أن تبرر بأسباب أمنية أو عندما يتولى شخص ما مهمات تفرض عليه أن يلتزم الحياد الديني أو يكشف الوجه».

من جهة أخرى، أدان النص بشدة التهديدات بالموت والفتاوى بإهدار الدم التي تصدر بحق أشخاص ينتقدون الإسلام أو الآراء السياسية المرتبطة بالإسلام. وطالب النص، المهاجرين الذين ينتمون إلى ثقافة تشكل أقلية في البلد الذي يستضيفهم «بعدم عزل أنفسهم أو السعي إلى إقامة مجتمع مواز».

ودعا البرلمانيون الأوروبيون، من ناحية أخرى، سويسرا إلى إلغاء قرارها بمنع بناء المآذن الذي أصدرته في ضوء استفتاء شعبي، باعتباره تمييزا بحق المسلمين في هذا البلد. وحثوا سويسرا على «المصادقة على إلغاء قرارها بمنع بناء المآذن منعا كاملا» و«إلغاء المنع في أقرب وقت ممكن لأنه إجحاف بحق المسلمين». وأوضح البيان أن «بناء المآذن يجب أن يكون ممكنا على غرار أجراس الكنائس مع احترام ظروف الأمن العام وكيفية تنظيم المدن».يشار إلى أن السويسريين كانوا وافقوا في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بأكثرية 57.5% على تعديل للدستور السويسري يقضي بمنع بناء مآذن جديدة، مما أثار ضجة في العالم لا سيما في البلدان الإسلامية. ورفعت جمعية إسلامية شكوى بتهمة التمييز أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي لم تبت في الدعوى حتى الآن، وقد وصل إجمالي الدعاوى القضائية أمام المحكمة الأوروبية حول هذا الصدد إلى أكثر من عشر دعاوى.

ورحبت فعاليات إسلامية أوروبية بما صدر عن «مجلس أوروبا». وقال الشيخ محمد التمامي، إمام مسجد في بروكسل، إنه «قرار جيد للغاية ويبرهن على أن مطالبة الجاليات المسلمة بالسماح لها ببناء المآذن يدخل في إطار الحرية الدينية التي تؤكدها أوروبا دائما، أما عن النقاب فقد سبق أن أوضحنا موقفنا، وهو أن النقاب ليس فرضا ولكن كل ما نخشاه هو أن يكون حظر النقاب بداية الطريق لحظر الحجاب».

وحول عزلة الأقليات المسلمة في أوروبا، يقول عبد الحفيظ الورديغي، مدير مؤسسة «التعارف» الثقافية في جنيف، والذي تقدم بدعوى مع خمسة محامين في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي للاعتراض على حظر المآذن: «هناك جولات من الحوار بين الحكومة وممثلي الجالية المسلمة، وتكون تلك الاجتماعات فرصة لطرح عدد من الموضوعات والأسئلة، ومنها ما يتعلق بوضعية الجالية المسلمة، خاصة بعد الاستفتاء الأخير في سويسرا، وكيفية تحسين صورة الإسلام والمسلمين في المجتمع السويسري، وأيضا تحسين صورة سويسرا في الدول العربية والإسلامية».

يشار إلى أن «مجلس أوروبا» تأسس عام 1949 ويهتم بالقضايا المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان. ويضم المجلس في عضويته 47 دولة، بينها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وأخرى من القارة الأوروبية، إضافة إلى روسيا وعدد من دول القوقاز. ولا تعتبر قراراته ملزمة لدول الاتحاد الأوروبي وإنما تستفيد منها في تحديد سياساتها المستقبلية.

وحول شأن ذي صلة، صادق مجلس الشيوخ الإسباني أمس على مذكرة تحض الحكومة الاشتراكية بقيادة رئيس الوزراء خوسيه لويس ثاباتيرو على حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة. وصادق المجلس على هذه المذكرة، التي تقدمت بها كتلة «الحزب الشعبي»، الحزب الرئيسي في المعارضة، بغالبية 131 صوتا مقابل 129 (لم يمتنع أي عضو عن التصويت). وكان وزير العدل فرانشيسكو كامانو أعلن أخيرا أن الحكومة تتجه لتضمين قانون جديد حول «حرية الديانة» بندا يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، موضحا أن «هناك عناصر مثل البرقع من الصعب أن تتلاءم مع الكرامة الإنسانية كما أنها تطرح خصوصا مشاكل أمام التعرف على الهوية في الأماكن العامة».

وكانت الحكومة الاشتراكية أعلنت في 2008 الإعداد لقانون أطلقت عليه اسم «الحرية الدينية» يفرض احتراما أكبر للعلمانية والتعددية الدينية في بلد لا تزال فيه الكنيسة الكاثوليكية حاضرة بقوة وفاعلية. وخلال الأيام الماضية عمدت بلديات عدة في منطقة كاتالونيا (شمال شرق) إلى حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة في نطاقها البلدي.

وأقرت بلجيكا أواخر أبريل (نيسان) الماضي قانونا يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، في حين يجري في فرنسا الإعداد لمشروع قانون مماثل من المقرر أن يطرح على البرلمان في يوليو (تموز) المقبل للتصويت عليه.