جامعات أميركية ترفع درجات التقدير لطلابها.. لأسباب غير أكاديمية

تريد مساعدتهم على دخول سوق العمل وإنقاذهم من المناخ الاقتصادي الصعب

صامويل ليو من كلية لويولا للحقوق في لوس أنجليس («نيويورك تايمز»)
TT

سيصحو طلاب كلية لويولا للحقوق في لوس أنجليس، في يوم ما من الشهر المقبل، وقد حصلوا على معدلات تراكمية أعلى، ليس لأنهم كانوا أكثر اجتهادا من غيرهم، بل لأن الكلية قررت رفع التقدير العام للطلاب بصورة مرتجعة لتضيف 0.333 لكل النتائج التي سجلت خلال الأعوام القليلة الماضية. والهدف من ذلك هو جعل طلابها أكثر رغبة وتنافسية في سوق العمل.

وخلال العامين الماضيين قامت ما لا يقل عن 10 كليات للحقوق في أميركا، بتغيير نظام التقدير العام لجعلها أكثر تساهلا، كان من بين تلك الكليات كلية الحقوق في جامعة نيويورك وجورج تاون وغولدن غيت وكلية الحقوق في جامعة تيولان التي أعلنت هذا الشهر تغيير نظام التقدير العام بها. ويتابع بعض العاملين في الشركات القانونية هذا التغيير ويذكرونه لدى إجراء المقابلات والبعض منهم لا يذكره.

ويبدو أن كليات الحقوق ترى في التقديرات المرتفعة سبيلا لإنقاذ طلابها من المناخ الاقتصادي الصعب، وربما لحماية سمعتها وتصنيفها. وعلى الرغم من قدرة هذه الكليات على تأمين العمل المربح لآلاف الطلاب كل عام، واجهت شكاوى من قطاع كبير من الخريجين الذين يواجهون مأزقا كبيرا في الوقت الراهن بسبب القروض الطلابية.

قامت الجامعات بعدد من الخطط الاستراتيجية، فإلى جانب العمل المعتاد في تقديم الاستشارات قام الكثير من كليات الحقوق العريقة بتمديد أسابيع المقابلات بين طلاب السنة الثالثة والرابعة وشركات المحاماة من الخريف إلى أغسطس (آب)، حتى قبل أن يبدأ العام الدراسي، رغبة منهم في أن ينال الطلاب فرصة للعمل قبل نظرائهم من الكليات الأخرى. فيما عمدت كليات أخرى في جامعات مثل ديوك وجامعة تكساس في أوستن بتقديم راتب للطلاب مقابل الحصول على تدريب في وظائف عامة دون مقابل. وقامت كلية ديدمان للحقوق في جامعة ساوثرن ميثوديست مؤخرا بالدفع للشركات القانونية لاستخدام طلابها.

ويقول زاتشاري بورد (35 عاما) الذي تخرج حديثا من جامعة ساوزرن ميثوديست: «بالنسبة للأفراد مثلي الذين حصلوا على درجات جيدة لكنهم لم يكونوا من الأوائل، لا توجد لديهم خيارات متعددة للحصول على وظائف مسبقا». لكن الجامعة دفعت لشركة قانونية عائلية في دالاس 3,500 دولار كي يعمل بها. وأضاف: «سأعمل تحت الاختبار لمدة شهر أو شهرين دون مقابل، فهذا أكثر أمنا بالنسبة لهم، وهو في الوقت ذاته موطأ قدم جيد بالنسبة لي في هذا المجال».

لكن النظام الذي يحظى بغالبية الاهتمام، والجدل في الوقت ذاته، هو القرار المفاجئ من جانب الكليات، برفع التقدير العام الذي بدأ حتى قبل ضعف سوق العمل القانوني.

وقال ستيوارت روجستازر، أستاذ الجيوفيزياء السابق في جامعة ديوك الذي يدرس رفع الدرجات: «إذا دفع شخص ما 150 ألف دولار مقابل تقدير كلي مرتفع في كلية الحقوق، فلن تضطر في النهاية إلى تسميته بالفاشل. لذا ستزعم أن كل الطلاب متفوقون».

وعلى عكس حساب معدل درجات الطلاب الذين ما زالوا في مرحلة الدراسة، الذي صعد في السنوات الأخيرة لأن غالبية الأساتذة لا يقومون بحساب معدل الدرجات في المستوى الأول أو الثاني بصورة دقيقة، كانت غالبية كليات الحقوق في السابق تستخدم منحى درجات صارما، حتى أن الكثير منها كان يستخدم حاسبات لبيان الفوارق الحسابية داخل المستوى نفسه مثل B+ وB اعتمادا على نتائج الاختبارات.

العملية التي أشارت إليها الكليات كصورة لإصلاح التقديرات العام تأخذ أشكالا عدة، فبعض الكليات تقوم برفع درجات جميع الطلاب، والبعض منها يسمح فقط بإضافة تقديرات امتياز والبعض الآخر منها يقوم بحذف تقدير C.

وقد ألغت كليتا هارفارد وستانفورد، وهما من أشهر كليات القانون في الولايات المتحدة، نظام الدرجات التقليدية كلية. وعلى غرار جامعات ييل وكاليفورنيا وبيركلي، تستخدمان الآن نظاما معدلا من مقبول وراسب فقط وهو ما يخفف الضغط الذي تشتهر به كليات الحقوق. هذا النظام الجديد في احتساب الدرجات هو ما سيسهل على المزيد من الطلبة الحصول على مزايا تنافسية في سوق العمل.

ويقول الطلبة والجامعات إنهم يحاولون فقط البقاء في منافسة مع نظرائهم من الجامعات الأخرى التي لديها تقديرات عامة أكثر تساهلا. فكلية لويولا، مثلا، كان نظام التقدير العام فيها 2.667 درجة، فيما كان التقدير في كليات الحقوق الأخرى المعترف بها في كاليفورنيا، في الغالب 3.0 أو أعلى. ويقول صامويل ليو (26 عاما) رئيس اتحاد الطلاب في الكلية، وقائد الجهود لتغيير نظام احتساب الدرجات: «هذا يضعنا في منافسة غير عادلة، خاصة في ظل المناخ الاقتصادي الحالي». وأشار إلى أن الكثير من طلاب جامعة لويولا باتوا غير مرغوبين في نيل الوظائف المرموقة التي تتطلب حساب معدل تراكمي مرتفع».

وتقول إليزابيث شيدل، رئيسة اتحاد الطلاب في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس: «وضعت الجامعة منحنى درجات أكثر تساهلا في خريف عام 2005 لمواكبة التغير في حساب المعدل التراكمي في البلاد».

وقد استجابت جامعتا ساوزرن كاليفورنيا وكاليفورنيا هاستينغز أوف لو، لزيادة منحنى حساب المعدلات التراكمية خلال العام الدراسي الماضي. والأكثر من ذلك، قول روبرت راسموسن، عميد كلية الحقوق في جامعة كاليفورنيا، إنه استلهم هذا النظام، بصورة جزئية، من كلية الحقوق بجامعة فاندربيلت التي عمل بها في السابق والتي غيرت من منحنى حساب الدرجات قبل عام.

هذه الخطوات يمكن أن تؤدي إلى مسار غير صحي كما هو الحال في رواتب المديرين التنفيذيين، فإذا ارتفعت كل كليات الحقوق الواقعة في النصف الأدنى من الترتيب، فإن ذلك يرفع من علاماتها لدخول النصف الأعلى من التوزيع، أو على الأقل ستصبح في المستوى المتوسط، وهو أمر يثير المخاوف، ويلقي مزيدا من الضغوط على الكليات لرفع مستوى درجاتها أكثر فأكثر.

وأوضح عميد الكلية فيكتور جي. غولد، أنه قد تلقى بالفعل استفسارا من إحدى الجمعيات الطلابية في كلية الحقوق بجامعة تشابمان، التي سيكون بها أشد منحنى درجات في ولاية كاليفورنيا بعدما قامت به كلية لويولا. وقد تمكنت إحدى الكليات المميزة من الحفاظ على نزاهة تقديراتها من خلال تبني نظام غريب للدرجات. كلية الحقوق بجامعة شيكاغو تعطي طلابها درجات على مقياس من 155 - 186، وهو نظام غريب حتى أن أرباب العمل من غير المرجح أن يحاولوا مقارنته بمقياس 4.0 أو التقديرات التي تأتي في شكل حروف والتي تستخدم تقريبا في كل مكان آخر.

ومن غير الواضح ما إذا كان رفع التقديرات النهائية هذا، سيكون ذا فعالية في مساعدة الطلاب في الحصول على وظائف، خاصة أن الكثير من الشركات الكبيرة تقوم بتعديل توقعاتها، وفقا لما تقوم به الكليات من تغييرات. يقول الكثير من شركاء التوظيف إنهم يقرأون مدونة «فوق القانون»، التي تقوم بنشر تقرير (أو تسخر من) جهود تعديل التقديرات النهائية، اعتمادا على تسريبات من مذكرات الطلاب، حتى وإن لم تعلن الكليات نفسها التعديلات التي قامت بها.

ويقول أصحاب العمل إنهم يضغطون أيضا على كليات الحقوق من أجل الحصول على التصنيف، أو مؤشر على معدل الدرجات التراكمي لأعلى مجموعة في الصف. وإذا كانت الكلية تتجه لعدم كشف هذه المعلومات، والكثير منها لن يفعل، فإن إشادات أخرى مثل شهادات التكريم والمشاركة في مجلة القانون قد تقدم إشارات حول الرتبة النسبية للطالب.

* خدمة «نيويورك تايمز»