قيادي بائتلاف الحكيم لـ«الشرق الأوسط»: «الدعوة» اشترط لتنازل المالكي عدم مقاضاته

مصدر بمكتب رئيس الوزراء: هذه المعلومات عارية عن الصحة * زعيم الائتلاف الوطني: رئاسة الوزراء لا تخص التحالف الوطني فقط

TT

كشف مصدر من الائتلاف الوطني العراقي الذي يتزعمه عمار الحكيم، مشارك في المفاوضات بين الكتل لتشكيل الحكومة المقبلة عن أن «أعضاء بارزين» في حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف دولة القانون اللذين يتزعمهما نوري المالكي رئيس الحكومة المنتهية ولايته «اشترطوا عدم تعريض المالكي لأي مساءلة قضائية في حال موافقته على التنحي عن موقعه وعدم إصراره على الترشيح مرة ثانية لرئاسة الحكومة المقبلة».

وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس، إن «أعضاء بارزين في حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي طالبوا الائتلاف الوطني، وكذلك القائمة العراقية التي يتزعمها الدكتور إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، بعدم فتح أي ملفات قد تحيل رئيس الحكومة المنتهية ولايته وأفراد في عائلته وقياديين في حزب الدعوة إلى القضاء العراقي سواء على خلفيات أمنية وقضايا قتل وفساد مالي إذا ما تنازل عن ترشيح نفسه لرئاسة الوزراء لولاية ثانية»، مشيرا إلى أن «القياديين في حزب الدعوة طالبوا بأن تكون هناك تعهدات مكتوبة من قادة الائتلافات الانتخابية بهذا الصدد».

وأكد المصدر أن «ائتلافنا وكذلك ائتلاف العراقية، حسبما أبلغونا، رفضوا بشدة تقديم مثل هذه التعهدات باعتبار أن القضاء العراقي مستقل ومن حق أي مواطن عراقي تقديم أي شكوى ضد أي شخص عراقي أو غير عراقي حتى ولو كان يتمتع بحصانة برلمانية أو حكومية»، مشددا على أن «الكتل السياسية أبلغت قياديي حزب الدعوة بأنهم حريصون على عدم التدخل في القضاء وتسييسه لصالح أي شخصية سياسية أو غير سياسية».

وأضاف المصدر: «هناك استهجان واضح لتسييس القضاء من قبل المالكي خاصة في قضية نتائج الانتخابات وإعادة الفرز اليدوي لأصوات الناخبين في بغداد بضغوط من المالكي التي أسفرت عن عدم تغيير النتائج من جهة وكلفت الدولة والعراقيين المزيد من الأموال والانتظار وإضاعة الوقت لتعويق تشكيل الحكومة»، منوها إلى أن «المالكي سوف يلجأ إلى المزيد من المماطلات لإطالة أمد وجوده على رأس السلطة بغياب محاسبة البرلمان العراقي». وذكر المصدر أن «هناك جهات عدة لوحت بفتح ملفات رئيس الحكومة المنتهية ولايته وأفراد في عائلته وقياديين في حزب الدعوة، من بينها التيار الصدري ومحامون من أهالي الموصل على خلفية تعذيب مواطنين من محافظة نينوى في سجن المثنى السري الذي يخضع إلى سيطرة مكتب القائد العام للقوات المسلحة (المالكي) ومواطنون من محافظات البصرة والديوانية وبغداد والأنبار على خلفية قضايا تتعلق بغياب أبنائهم واعتقالهم بلا قرارات قضائية، وفساد مالي».

وأشار المصدر إلى أن «عشيرة صدام حسين ستطالب بمقاضاة رئيس الحكومة لإعدامه الرئيس العراقي الأسبق بصورة غير شرعية أو قانونية لعدم مصادقة رئيس الجمهورية على قرار الإعدام الذي تم مخالفة للقوانين العراقية في أول أيام عيد الأضحى».

ويعبر المصدر عن اعتقاده بأن «جزءا مهما من تمسك المالكي ببقائه رئيسا للحكومة يتعلق بهذا الموضوع لأنه يدرك أن الملاحقات القضائية لن تناله فيما إذا بقي مسيطرا على الحكومة ونفوذها، على الرغم من أن هناك جهات مصرة على المضي بفتح هذه الملفات حتى لو بقي رئيسا للوزراء».

من جهته نفى مصدر مسؤول في مكتب المالكي هذه المعلومات، مشددا على أن «هذه الأخبار عارية عن الصحة». وقال المصدر الذي رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس، إنه «ليس لرئيس الوزراء أي مخالفات قانونية ولا أي قضايا، وإن كل إجراءاته تمت وتتم بصورة قانونية وغير مخالفة سواء للقانون أو الدستور»، منوها إلى «أني أسمع عن هذه القصة لأول مرة». وفي رده على التصريحات التي كان قد أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» قيادي في الائتلاف الوطني ونشرت أمس عن أن «المالكي يفسر الدستور على هواه»، أوضح المصدر أن «رئيس الوزراء لم يتحدث في المؤتمر الصحافي الذي جرى قبل ثلاثة أيام عن أي مسألة دستورية، بل كان كلامه عن أحقية قائمة دولة القانون التي لها أكثرية برلمانية في ترشيح رئيس الوزراء القادم ضمن التحالف الوطني الجديد مع الائتلاف الوطني الذي له 70 مقعدا في البرلمان».

ونفى المصدر المسؤول في مكتب المالكي أن يكون «هناك مرشح آخر عن ائتلاف دولة القانون لرئاسة الحكومة المقبلة»، ووصف الأنباء التي تحدثت عن إمكانية ترشيح شخص آخر من حزب الدعوة لهذا المنصب، بأنها «غير دقيقة ومجرد تسريبات إعلامية»، مؤكدا على أن «لا مرشح عن دولة القانون سوى المالكي»، مختتما حديثه بالكشف عن وجود «تغييرات كبيرة سيعلن عنها خلال اليومين القادمين»، من غير الإفصاح عن هذه التغييرات وفي أي اتجاه تمضي.

إلى ذلك، يبدو التحالف الوطني المشكل من الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون على وشك الانهيار. وقال مسؤولون في حزب الدعوة إن الحد من سلطات المالكي لم يكن كافيا لإقناع الآخرين بقبول استمراره في المنصب. وقال مسؤول كبير في المجلس الأعلى الإسلامي، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة «رويترز»: «المجلس الأعلى ومنظمة بدر والصدريون اتخذوا قرارا داخليا بألا تسلم الحكومة مجددا إلى المالكي أو حزب الدعوة». وأضاف «التحالف أقرب إلى التفكك منه إلى الصلابة. وهو فعليا تحت الاختبار». وقال مسؤول صدري كبير طلب عدم ذكر اسمه «بصراحة الأمور لم تصل إلى هذا الحد بعد، لكننا ندفع بها إلى الحافة لمنع المالكي من أن يصبح رئيس وزراء مجددا». وقال الصدريون إنهم سيؤيدون ترشيح إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء الانتقالي السابق للمنصب، فيما يروج المجلس الأعلى الإسلامي لعادل عبد المهدي نائب رئيس لجمهورية ليكون المرشح الرئيسي للمنصب على الرغم من معارضة الصدريين له.

ويبقى سؤال كبير وهو ما إذا كان حزب الدعوة سيقرر في نهاية المطاف أن مصيره أهم من مصير المالكي.

وردا على سؤال حول إمكانية أن يغير حزب الدعوة مرشحه حتى يحتفظ بمنصب رئيس الوزراء قال علي الأديب النائب البارز عن الحزب «أتوقع أن المرونة ستكون اضطرارية».

وفي السياق نفسه، حمل الحكيم في محاضرة أول من أمس في بغداد «التصلب الواضح الذي تبديه بعض الأطراف» مسؤولية مراوحة أزمة تشكيل الحكومة مكانها. وفي انتقاد ضمني للمالكي، أضاف «البعض يعتقد أن تحديد رئيس الوزراء هي مهمة تخص التحالف الوطني وحده.. إنه تفسير خاطئ وتصور غير سديد إذا كنا نريد أن نختار رئيسا للتحالف الوطني فهو شان داخلي للتحالف الوطني، ولكننا إذا أردنا أن نختار رئيسا للوزراء في العراق فهذا الموقع ملك لجميع العراقيين».