انهيار مبنى شمال بيروت وفقدان عاملين في حادث هو الثالث من نوعه منذ مطلع العام

نقيب المهندسين يرجح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون الحمولة الزائدة هي السبب

عناصر الدفاع المدني اللبناني يبحثون عن الضحايا العالقين بين الركام إثر انهيار مبنى من6 طبقات شمال العاصمة بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

انهار صباح أمس مصنع للألمنيوم في المدينة الصناعية في منطقة ذوق مصبح (نحو 15 كلم شمال بيروت)، ونجا مئات العمال من الموت سحقا بين طوابق المبنى الستة، بسبب حصول الانهيار في الخامسة فجرا، فيما فقد 3 عمال تحت الأنقاض عثر على أحدهما ظهرا.

وقد استعان الدفاع المدني بالكلاب البوليسية التابعة لمكتب اقتفاء الأثر في الشرطة القضائية التي حددت مكان وجود المفقودين الثلاثة في الجهة الشرقية الشمالية للمبنى. فتم إنقاذ أحد المحتجزين الثلاثة تحت الركام وهو اللبناني حارس عبود فيما لا يزال البحث جاريا عن عاملين من التابعية الهندية.

وهذه ثالث حادثة انهيار مبنى في لبنان منذ بداية العام الحالي، حيث انهار في 30 مارس (آذار) مبنى من 4 طوابق في سير الضنية شمال لبنان بسبب أعمال حفر كانت تجري إلى جانبه. كما انهار في 14 أبريل (نيسان) مبنى في شارع الجميزة ملاصق لبنك بيبلوس كان في طور الترميم. وانهار المبنى المؤلف من طابقين والمبني بحجر صخري قديم بكامله. وفي ذوق مكايل، تمت أمس عمليات الإنقاذ بشكل يدوي بدائي نظرا لوعورة المكان وضيقه وحفاظا على سلامة المفقودين. وشارك في العمليات 20 عنصرا من وحدات الإنقاذ الفرنسية الموجودة في لبنان أصلا في مهمة تدريبية لعناصر الدفاع المدني على كيفية إنقاذ الأشخاص عند حدوث كوارث. وأكد مدير عام الدفاع المدني العميد درويش حبيقة أن «أسباب الانهيار لا تزال مجهولة»، إلا أنه أشار إلى أن «هناك ارتجاجات دائمة في المنطقة» داعيا «لانتظار نتائج التحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية لسقوط المبنى». وأمل في الوقت نفسه «ألا تكون المباني المجاورة تأثرت بانهيار المصنع».

وتألفت لجنة تحقيق تضم ممثلين عن كل من نقابة المهندسين والدفاع المدني والتنظيم المدني، لتبيان أسباب الحادثة. ورجح نقيب المهندسين بلال العلايلي أن يكون سبب انهيار المبنى الحمولة الزائدة، لأن الانهيار جاء على شكل كتلة عمودية مباشرة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المبنى مؤلف من قسمين، قسم إداري وآخر للمعدات، وقد انفصل القسمان عن بعضهما البعض مما يؤكد أن المبنى حمّل فوق طاقته» لافتا إلى أن أصحاب المعمل يتحملون مسؤولية الحادثة وليس المهندس الذي أشرف على أعمال البناء.

وقال مهندسون لـ«الشرق الأوسط» إن الانهيارات تحصل عادة عند طلوع الفجر أو في ساعات المساء، نتيجة اختلاف قوي في درجات الحرارة. ولفتوا إلى أن قوانين البناء قبل الحرب اللبنانية لم تكن تخضع للكثير من التدقيق كما أن القيود لم تكن صارمة بعكس ما يحصل حاليا. وعلق أحد المهندسين فضل عدم الكشف عن اسمه: «الإشراف على سلامة الأبنية من واجب نقابة المهندسين ولكن هذا الإشراف يتم نظريا على الخرائط ولا يشمل الأعمال التطبيقية على الأرض التي تبقى في ذمة المتعهد».

من جهته رجّح جبران القرنعوني المتخصص في إدارة الأزمات والكوارث لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون أحد أسباب انهيار المبنى هو «الموجات الصوتية» التي تصدرها الماكينات الكبيرة التي يحويها المعمل. وأشار إلى أن هذه الموجات تؤدي لتشققات في الجدران التي تنهار على المدى البعيد. وأضاف: «المبنى انهار على طريقة الـMillesfeuilles أي تساقطت الطوابق على بعضها البعض وهذا دليل على أن الجدران هي العامل الضعيف وهي التي أسقطت المبنى». وشدّد القرنعوني على ضرورة أن يتم فحص دوري للمعامل التي تحوي معدات كبيرة تصدر موجات صوتية. وقال: «لتفادي مثل هذا النوع من الحوادث يجب خلق خلية حماية في كل مؤسسة تضم أكثر من 20 موظفا، تشرف على الماكينات والأساسات». وشرح القرنعوني أن هناك تقنيات تحمي الجدران من الموجات الصوتية الكبيرة مما يمنع تشققها وانهيار المبنى.

وكان وزير الصناعة أبراهام دده يان، قد تفقد المصنع المنهار، واعتبر أن «لبنان نجا من كارثة وطنية وإنسانية كبيرة، إذ يبلغ عدد العمال في المصنع قرابة الـ150 عاملا وقد وقع الحادث قبل قدومهم ومباشرتهم العمل». وقال دده يان: «مما لا شك فيه أن هذا الحادث يترك انعكاسات سلبية عدة لن نتطرق إليها في هذا الظرف الحرج بانتظار انتهاء عمليات الإنقاذ وجلاء التحقيقات حول أسباب انهيار المبنى»، موضحا أنه «إذا كان هناك من سبب لانهيار المبنى، فلا يجوز التكهن به في حالات مماثلة وإنما انتظار التقارير الهندسية والكشف الفني المطلوب لتحديد الأسباب».