مصر تدعو دول حوض النيل «لاجتماع استثنائي» بالقاهرة

وزير الموارد المائية يسلم الدعوة في اجتماع أديس أبابا اليوم

TT

دعت مصر بالتنسيق مع السودان أمس لاجتماع طارئ لدول حوض النيل على المستوى الوزاري لم يتحدد موعده بعد، لفتح باب الحوار مجددا والتفاوض لإعادة النظر فيما اتخذ من مواقف انفرادية من جانب خمس من دول منابع النيل السبع. وتأتي هذه الدعوة بالتزامن مع تسلم إثيوبيا بداية من الشهر المقبل رئاسة المجلس الوزاري لدول الحوض من مصر، في دورته الجديدة ولمدة عام.

ومن المقرر أن يسلم وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمد نصر الدين علام، الدعوة للاجتماع الذي وصف بـ«الاستثنائي» خلال مشاركته في اجتماعات المجلس الوزاري لمياه دول الحوض الذي تستضيفه أديس أبابا اليوم وغدا. وأعلن الدكتور علام قبيل توجهه أمس لأديس أبابا، أنه سيوجه دعوة لوزراء المياه بدول حوض النيل لعقد «اجتماع استثنائي في مصر»، لمناقشة المبادرة الرئاسية بالتوازي مع فتح باب التفاوض حول البنود العالقة في الاتفاقية الإطارية ووفقا لفترة زمنية محددة وذلك لتوحيد دول الحوض حول رؤية واحدة وأهداف واحدة.

ومنذ تفجر الخلافات بين دول حوض النيل، أرسلت مصر طوال الشهرين الأخيرين موفدين إلى دول أفريقية واستقبلت مسؤولين كبارا من منابع النيل لإقناعهم بمواصلة الحوار حول الاتفاقية الإطارية بدلا من الاستمرار في فتح الباب للتوقيع المنفرد لمدة عام.. كما أجرت اتصالات مع عدد من البلدان والجهات الدولية المانحة، للحيلولة دون تمويل أي مشاريع في دول المنابع قد تؤثر على حصة مصر من المياه مستقبلا. وتسعى مصر والسودان، باعتبارهما دولتي مصب لنهر النيل لعودة دول منابع النهر إلى مائدة المفاوضات الجادة بحيث يتم من خلالها مناقشة البنود العالقة في الاتفاقية الإطارية ومحاولة الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف وتؤكد الاستغلال الأمثل لمياه النهر، والتعاون في استقطاب فواقد المياه واستخدامها في مشاريع لصالح شعوب نهر النيل.

وتأتي الدعوة المصرية لاجتماع طارئ لدول الحوض وسط حديث عن «بدائل للتوافق» يمكن من خلالها انضمام القاهرة والخرطوم للاتفاقية الإطارية الجديدة لتقسيم المياه التي وقعت عليها بشكل منفرد خمس من دول المنبع السبع، منذ منتصف الشهر الماضي في مدينة عنتيبي الكينية، الأمر الذي ترفضه كل من مصر والسودان.

وقامت القاهرة بالتنسيق مع الخرطوم خلال الأسابيع الأخيرة، للوصول إلى وجهات نظر متطابقة خلال المناقشات المزمع التطرق فيها، في اجتماعات أديس أبابا التي تبدأ اليوم، للمشكلة القائمة بين دول المنابع والمصب. وسوف تبحث دول الحوض التصور المستقبلي للتعاون بعد اتفاق عنتيبي، في وجود ممثلين عن البنك الدولي ودول مانحة لمشاريع على منابع النيل. وكان خبراء مصريون وصلوا إلى أديس أبابا منذ يوم الثلاثاء الماضي، للتحضير للاجتماعات التي تنطلق اليوم، وأجروا مراجعة لمشاريع على النيل الشرقي والنيل الجنوبي، وإعداد تقرير عن حجم الإنجازات والمعوقات والأنشطة هناك، لعرضه على الاجتماع الوزاري اليوم، ويتضمن التقرير أيضا «وضع التصور المستقبلي للتعاون بين دول الحوض خلال المرحلة المقبلة».

وتقول مصر إنها تواجه شحا محتملا في المياه وتقوم بخطط لترشيد استهلاك المياه في الشرب والزراعة والاستخدامات الصناعية. وقال مصدر مصري مطلع إن مسؤولين مصريين كبارا تحدثوا مع نظراء أفارقة من دول المنبع مجددا عما سماه «بدائل توافقية» للتوقيع على اتفاقية حوض النيل، منها ما يخص بند التصويت، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا البديل يتمثل في أن يكون التصويت على أي تغيير في حصص مياه النيل أو غيرها من إجراءات بـ«الأغلبية المشروطة»، وليس بالأغلبية المطلقة. وكانت المباحثات الجارية بين دول حوض النيل تتركز منذ عام 2009 حتى مطلع الشهر الماضي، حول مبدأ توافق الآراء عند اتخاذ قرارات تتطلب التصويت مع رفض الأخذ بأي اتفاقية بأغلبية الأصوات، وكذلك إسقاط أي مواد في أي اتفاقية إذا ظهر ضدها فيتو، ولو من دولة واحدة من دول حوض النيل التسع.

وكشف المصدر، وهو مسؤول بوزارة الموارد المائية والري المصرية عن استعداد بلاده لحل الخلاف مع دول منابع النيل السبع حول إعادة توزيع حصص المياه، بالتوقيع على هذه الاتفاقية بشرط أن يتم تعديل البند الخاص بالتصويت، بحيث لا يحدث أي تغيير في الاتفاقية أو ملاحقها مستقبلا إلا «بالإجماع وليس بالأغلبية»، حيث تصر دول منابع النيل على أن يكون التصويت بالأغلبية. وأضاف أن مصر ترى في هذا الصدد أنه في حالة تمسك دول منابع النيل بأن يكون التصويت على أي تغيير في بند من بنود الاتفاقية للأغلبية، فيجب أن تضم هذه الأغلبية دولتي المصب (مصر والسودان)، وذلك من أجل تجنب انقسام دول حوض النيل ما بين «دول المنابع» التي تمثل الأغلبية الفعلية (سبع دول)، و«دولتي المصب» التي تمثل الأقلية. وجدد المصدر تمسك بلاده بما يحفظ حقوق مصر التاريخية من مياه النيل، والإبقاء على بند الأمن المائي بالكامل في أي اتفاقية جديدة بين بلدان الحوض، ووضع نص صريح يضمن عدم المساس بحصتها، وتعديل البند الخاص بالإخطار المسبق بأنه «على دول منابع النيل قبل القيام بأي مشاريع على النهر إخطار الدول الأخرى حسب لوائح البنك الدولي في هذا الشأن».