وفد تجاري تقني أميركي يزور سورية أملا في الاستثمار.. ولكن المخاوف من القرصنة تشكل عائقا

أوضح أعضاء بالوفد أن العقوبات الأميركية على دمشق لا تمنع كل أنواع الاستثمارات

TT

رغم الحظر التجاري الأميركي على سورية الذي يحول دون حصولها على التقنيات الحديثة في مجال تقانة المعلومات، فإن المواطنين السوريين لم يستسلموا للأمر الواقع، حالهم حال معظم سكان الدول النامية الذين يطمحون إلى الالتحاق بركب التطور التقني، ولو عن طريق القرصنة، أو تلفيق أجهزة متعددة الجنسيات (من كل بلد قطعة). وثمة سوق كبيرة وسط العاصمة دمشق بحي البحصة، صار يعرف باسم وادي السليكون السوري، حيث يعمل عدد كبير من الشباب والفتية وحتى الأطفال في تركيب وصيانة أجهزة الكومبيوتر، بالإضافة إلى البرمجيات وبيع ونسخ أحدث الأغاني والأفلام، وبأبخس الأثمان.

كان لافتا قبل أيام قيام وفد من الشركات الأميركية المتخصصة بزيارة لسورية وطرحهم مسألة الافتقار إلى الالتزام بشأن مكافحة القرصنة وسرقة الملكية الفكرية. وعلى الرغم من أن سورية أصدرت في السنوات الأخيرة قانونا خاصا لحماية الملكية الفكرية، فإن مسألة القرصنة في ما يخص تقنية المعلومات أمر يصعب ضبطه، أو الحد منه، في بلد غالبية مستخدمي التقنية به من الطلاب ذوي الدخل المحدود. وفي حال جرى تطبيق قوانين حماية الملكية بشكل صارم، من شأن ذلك الحد من انتشار المعرفة والمعلوماتية، كأحد أهم الوعود التي قطعتها الحكومة منذ عشر سنوات وهو محو الأمية المعلوماتية.

ويقول محمد زين، وهو تقني متخصص بتجميع وصيانة أجهزة الكومبيوتر: «يحق للفقير كما للغني امتلاك كومبيوتر والدخول إلى الإنترنت والحصول على المعرفة، وفي حال جرى التشدد في مجال الحصول على التقنية، فإننا نخشى من العودة بالناس إلى الوراء». ويضيف محمد: «نحن في سورية نحصل على التقانة بأظافر اليدين». وحول رأيه في زيارة وفد أميركي إلى سورية، قال إنه أمر جيد وآمل أن تكون «خطوة إلى رفع الحظر التجاري عن سورية».

التقى الوفد التجاري التقني الأميركي خلال زيارته الرئيس السوري بشار الأسد الذي يولي عناية خاصة لقطاع التقانة ونشر المعلوماتية. وقد بحث معه مدى حاجة الحكومة السورية لتقنيات المعلومات الأميركية التي تخدم السوق الخاصة في سورية أو الجامعات السورية، في زيارة جرى ترتيبها من قبل وزارة الخارجية الأميركية، وتم الاتفاق عليها بين الرئيس السوري ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى وليام بيرنز، خلال زيارته إلى دمشق في فبراير (شباط) الماضي.

كما بحث الوفد المؤلف من أعضاء في شركات «مايكروسوفت» و«سيسكو» و«سيمانتيك» و«دل» و«فيري ساني» مع عدد من مسؤولي التقانة والتعليم بسورية، سبل التعاون. وخلال لقائهم وزير التعليم العالي السوري غياث بركات، تم الحديث عن التعاون في مجال التعليم والتدريب وإحداث مراكز معتمدة من هذه الشركات في سورية. وقدم الوزير بركات للوفد عرضا لواقع قطاع المعلوماتية في سورية ومساعي الحكومة لتطويره وإدخاله في جميع المراحل التعليمية ووضعه كشرط للقبول في وظائف الدولة من خلال طلب توافر شهادة (آي سي دي إل) لدى طالب الوظيفة وصولا إلى انتشار استخدام الإنترنت الأورومتوسطية والاشتراك في خدمة المكتبة الإلكترونية من دار «السيفير» للنشر.

وأكد أعضاء الوفد الأميركي رغبتهم في تطوير التعاون مع سورية في مجال قطاع المعلوماتية والتركيز على الشباب بما يملكونه من طاقات وقدرات وتطوير ثقافة التعاون بين الجانبين في قطاع الأعمال والشراكة بين هذا القطاع والجامعات والاستفادة من تقانة المعلومات في مجال البحث العلمي. وطرح عمداء كليات الهندسة المعلوماتية في الجامعات السورية خلال الاجتماع المتطلبات الأساسية التي تحتاجها الكليات في مجال التقنيات والتدريب لمواكبة التحديات الجارية على هذا الصعيد.

وتأتي أهمية الزيارة في أن المجال التقني في العقوبات الأميركية على سورية قابل للاستثناءات التي تسمح بتطور تعاون في هذا الخصوص، إلا أن هناك قلقا من قبل الشركات الأميركية في ما يتعلق بالقرصنة. ونقلت وكالة الأنباء «رويترز» عن عضوين في الوفد قولهما إن مسؤولين تنفيذيين كبارا من خمس شركات تقنية أميركية كبرى من بينها «مايكروسوفت» و«ديل» «عبروا عن مخاوفهم للرئيس السوري بشار الأسد خلال رحلة استمرت خمسة أيام الأسبوع الماضي».

وقال عضو في الوفد إنهم حاولوا خلال الرحلة تصحيح فهم خاطئ في سورية عن أن الشركات الأميركية لا يمكنها الاستثمار هناك بسبب العقوبات الأميركية على التجارة والاستثمار. وذكر العضو أن الوفد أبلغ مسؤولين في دمشق أن استثناءات لبعض صور التقنية تم إقرارها في عام 2004 في ظل حكومة الرئيس السابق جورج بوش تتيح للشركات بيع منتجاتها لسورية ما دامت هذه الأدوات لا تستخدم ضد الشعب السوري.

وقال العضو لـ«رويترز»، شريطة عدم كشف هويته، «يمكنك بيع أجهزة كومبيوتر (دل) وبيع برنامج (مايكروسوفت أوفيس) وأجهزة توجيه الحزم الإلكترونية بين الشبكات (راوتر) من إنتاج (سيسكو)، لكن على الرغم من هذا الاستثناء فإن هذا لا يحدث». وقال عضو آخر بالوفد إن الشركات أبلغت المسؤولين السوريين أنها قلقة بشأن الافتقار إلى الالتزام بشأن مكافحة القرصنة وسرقة الملكية الفكرية واستفحال الفساد. وقال إن الوفد سعى للحصول على تطمينات من الحكومة بأن التقنية لن تستخدم ضد الشعب السوري. وأضافا أن المسؤولين السوريين تعهدوا بإقرار بعض القوانين التي تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمارات في مجال التقنية هذا العام.