تباين المواقف الأوروبية بشأن اتفاق جديد مع واشنطن لمحاربة تمويل الإرهاب

جدل وخلافات بين الدول الأعضاء حول مشروع اتفاقية «سويفت»

TT

قبل يومين فقط من انتهاء المهلة التي حددها الجهاز التنفيذي الأوروبي لحكومات الدول الأعضاء في التكتل الموحد، لترسل مصادقتها كتابيا على مشروع اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، حول مكافحة تمويل الإرهاب, تزايد الجدل داخل المؤسسة التشريعية الأوروبية، حول بعض بنود الاتفاق، الذي من المقرر طرحه على أعضاء البرلمان الأوروبي لمناقشته والتصديق عليه حتى يدخل حيز التنفيذ. وطلبت المفوضية الأوروبية رسميا، من كافة حكومات الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، المصادقة كتابيا ورسميا قبل يوم الاثنين المقبل (بعد غد)، على مشروع اتفاق لنقل المعطيات والبيانات المصرفية للرعايا الأوروبيين، إلى سلطات الأمن والجمارك الأميركية, ويعرف الاتفاق باسم «اتفاقية سويفت». وقالت المفوضية في بروكسل أمس، إنه توجد خلافات بين الدول الأعضاء والمؤسسات الاتحادية، ويجب الحصول هذه المرة على رد كتابي واضح قبل نقل مشروع الاتفاق إلى البرلمان الأوروبي.

وفي حالة رفض البرلمان من جديد؛ فإن الاتفاقية الأوروبية - الأميركية لن تدخل حيز التنفيذ في شهر يوليو (تموز) المقبل، كما كانت واشنطن وبروكسل تخططان له، وهو ما قد ينتج عنه توجه أميركي للتفاوض بشكل ثنائي مع كل دولة أوروبية على حدة، لتمرير اتفاقيات أحادية الجانب حول نقل البيانات والمعطيات. وتزايد الجدل حول الاتفاق الجديد داخل البرلمان الأوروبي، خلال الساعات القليلة الماضية، وتباينت المواقف حول الصيغة المعدلة لاتفاق نقل المعطيات المصرفية للمواطنين الأوروبيين إلى السلطات الأميركية، في إطار التعاون الدولي على تجفيف المصادر المالية للإرهابيين. وقال عضو مجموعة التحالف الليبرالي الديمقراطي الألماني أليكس ألفارو، إن الصيغة الجديدة تراعي مصالح المواطنين الأوروبيين؛ حيث أمن نظام مراقبة أوروبي على عمليات نقل هذه المعطيات. ومن جانبه، أكد رئيس المجموعة البلجيكي غي فيرهوفشتات، أن الصيغة الحالية، تعتبر خطوة إلى الأمام، «ولكن لا يزال لدينا بعض التحفظات، خاصة في ما يتعلق بإمكانية مراجعة الاتفاق بعد عدة سنوات»، وأوضح فيرهوفشتات أن مجموعته «راضية نسبيا» عن النص الحالي، بما أنه يتضمن تعهدا من قبل المفوضية الأوروبية والمجلس بإقامة نظام أوروبي، يسمح باختيار الأشخاص الذين ستنقل معطياتهم المصرفية إلى السلطات الأميركية، ودائما بناء على طلب أميركي مرفق بأسباب مقبولة.

أما مجموعة الخضر، فقد عبرت عن معارضتها الشديدة لهذا النص، مشيرة إلى أنه يفتقر إلى الكثير من عوامل التكافؤ التي تضمن حقوق المواطنين الأوروبيين على المدى الطويل. وفي هذا الإطار، رأت البرلمانية الأوروبية هيلين فلوتر، أن قبول الليبراليين والديمقراطيين والاشتراكيين بالنص الحالي، سيضعف سلطة البرلمان، وكذلك موقف الاتحاد الأوروبي خلال المفاوضات مع السلطات الأميركية، وأوضحت فلوتر أن انتقادات مجموعتها تتمحور بشكل أساسي حول عدم وجود مادة تتحدث عن إمكانية مراجعة الاتفاق، أو تحدد أجله.

وأشارت فلوتر إلى أن مجموعة الخضر، ستعمل من أجل إسقاط هذا الاتفاق خلال الجلسة البرلمانية، التي يفترض أن يعقدها البرلمان للتصويت عليه في شهر يوليو (تموز) القادم، كما يطالب برلمانيون آخرون بإدخال مادة تنص على إلغاء الاتفاق، إذا لم يتم التوصل إلى إقامة نظام أوروبي مماثل، لمعالجة المعطيات المصرفية خلال الخمس سنوات القادمة.

وقد اعتمدت المفوضية الأوروبية في بروكسل الأسبوع الماضي، مشروع اتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية لمكافحة تمويل الإرهاب. ويتضمن الاتفاق الضمانات التي تكفل حماية بيانات مواطني الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه تمكين السلطات الأميركية والاتحاد الأوروبي من تطبيق القانون للاستفادة من وسيلة مهمة في مكافحة الإرهاب. ويتطلب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، الموافقة من المجلس الوزاري المختص، وهو مجلس وزراء الداخلية والعدل، وبعد ذلك موافقة البرلمان الأوروبي.

ونقل بيان أوروبي عن سيسيليا مالمستروم، المفوضة المكلفة بالشؤون الداخلية بالجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، قولها: «إن المفوضية الأوروبية تفاوضت مع واشنطن، نيابة عن الاتحاد الأوروبي، للتوصل إلى اتفاقية من شأنها أن تزيد أمن المواطنين الأوروبيين، وفي الوقت نفسه الاحترام الكامل لحقوقهم في الخصوصية وحماية البيانات».

وطالبت المؤسسات الأخرى بالتعجيل بالموافقة حتى يدخل الاتفاق حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن. وأضافت: «إن مشروع الاتفاق هو تحسن كبير بالمقارنة مع الاتفاق المؤقت، الذي سبق أن رفضه البرلمان الأوروبي، ويأخذ الاتفاق الجديد في الاعتبار القضايا الرئيسية التي أثارها البرلمان الأوروبي والمجلس. ويتناول التركيز على التحقق من الجانب الأوروبي من أن كل طلب سيتضمن أقل كمية من البيانات وفي أضيق نطاق ممكن، ويتضمن أيضا نقاطا مهمة تتعلق بحماية البيانات والتعويض»، وقالت المسؤولة الأوروبية: «إن الاتفاق يحدد آلية شاملة ليوروبول (الشرطة الأوروبية)، التي سوف تتحقق من أن أي طلب تتقدم به الولايات المتحدة من أجل الحصول على البيانات يستوفي الشروط الواردة في الاتفاق، وعلى اليوروبول تقييم ما إذا كانت هذه البيانات ضرورية لمكافحة الإرهاب وتمويله، قبل أن يتم إرسال البيانات إلى الولايات المتحدة. وسوف نتحقق أيضا ما إذا كانت الطلبات تتضمن الحصول على كمية من البيانات في أضيق نطاق ممكن، وذلك لتقليل كمية البيانات المنقولة، وسيتم رفض الطلبات غير المبررة.