مصدر في «14 آذار» لـ «الشرق الأوسط»: أزمة صامتة داخل الحكومة اللبنانية.. لا نعرف متى تنفجر

التغيير الحكومي ينتقل من مرحلة التلميح إلى التلويح

TT

هل بات التغيير الحكومي في لبنان مطروحا بالفعل؟ وما هي أسبابه؟ سؤال أضحى مشروعا اليوم، خصوصا بعدما تخطى الأمر مسألة التلميح إلى ما يشبه التلويح به، من بعض الشخصيات القريبة من موقع القرار في الدولة اللبنانية، ومنه ما صدر عن مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري للشؤون الخارجية الوزير السابق محمد شطح الذي اعتبر أن «الخلل الذي تعانيه الحكومة هو خلل بنيوي». وأعقب ذلك رد سريع من المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب علي حسن خليل الذي طالب رئيس الحكومة بتوضيح كلام شطح الذي يعتبر «الخلل الحكومي خللا بنيويا»، واصفا هذا الكلام بـ«الخطير ويؤسس لخطاب يهدف إلى التشكيك في جدوى حكومة الوحدة الوطنية». وتزامن ذلك مع ما كشفه مصدر في «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» عن وجود أزمة داخل الحكومة يصعب التنبؤ بموعد انفجارها.

فقد انتقد خليل أمس «التأخير في انطلاق عجلة الدولة»، وقال في حفل تأبيني في الجنوب: «قبل أسبوع أنجزت الحكومة الموازنة، لماذا لم ترسلها حتى الآن إلى المجلس النيابي؟ كل هذه الوقائع تعطينا الحق لكي نربط بين هذا الواقع وكلام مستشار رئيس الحكومة».

وعن حقوق لبنان النفطية قال: «لا نريد السجال مع أحد، فنحن لا نريد أن ننافس أحدا أو أن نصادر قرار الحكومة. المطلوب أن يقر القانون بالتكامل في العمل بين الحكومة ومجلس النواب وسوف نصر على اقتراحنا، ليس على قاعدة التحدي، ولكن التأخير حتى الآن يحمل عناوين واهية لم تقنع أحدا، المطلوب الإسراع في إقرار القانون».

وأبدى عضو كتلة التحرير والتنمية التي يرأسها بري، النائب ياسين جابر، أسفه لما صدر عن مستشار رئيس الحكومة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من غير المفيد أن يفتح الوزير شطح نقاشا حول الوضع الحكومي في هذا الوقت، في ظل الاستقرار السياسي والأمني الذي يشهده لبنان، منذ انتخاب رئيس الجمهورية والاتفاق على حكومات الوحدة الوطنية، هذه الحكومات التي أرست الاستقرار الأمني والسياسي، والمطلوب استمرار هذه الحالة». وأكد أن «الحديث عن خلل حكومي يفتح الباب للخروج من الواقع القائم، وهذا كلام لا يساعد على الاستمرار في التوافق في ظل ما تشهده المنطقة».

وردا على سؤال عما يحكى عن رغبة بري في التغيير الحكومي بسبب مآخذ لديه على بعض وزرائه، قال: «إذا كانت ثمة مآخذ أو ملاحظات على أداء بعض الوزراء فهذا لا يستدعي تغييرا حكوميا، ونحن لا مصلحة لنا اليوم في تغيير الحكومة لأننا مشاركون فيها بفعالية، والخطير في كلام شطح أنه لم يتحدث عن تعديل حكومي بل عن خلل بنيوي في حكومة الوحدة الوطنية». وآمل «ألا يكون الخلاف على ملف النفط مدخلا لخلاف حكومي، لأنه في الأساس لا يوجد خلاف على مسألة التنقيب عن النفط، وكل ما نريده الاستعجال وحث الحكومة على إرسال مشروع قانون التنقيب الذي بات قضية وطنية، لسببين: الأول أن هناك أملا يلوح في الأفق لاستخراج النفط وسد الدين العام والعجز. والثاني الذي يستوجب التعجيل هو أن هناك دولة عدوة هي إسرائيل تعلن أنها ستعتدي على حقوقنا»، ووصف كلام الحريري في تونس بـالـ«مطمئن»، مذكرا أن «الرئيس الحريري لا يتحمل مسؤولية هذا الملف لأن الكرة لم تكن في ملعبه بل كانت في ملعب طابوريان (وزير الطاقة السابق) على مدى سنة ونصف السنة، وهي في متناول الوزير جبران باسيل منذ ستة أشهر».

أما عضو كتلة المستقبل، النائب عمار حوري، فرفض التعليق على إمكانية أن يكون التغيير الحكومي بات مطروحا، لكنه أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الانطباع العام من خلال التجربة يوحي بأن حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة الفيتو، وهذا واضح من خلال عرقلة عمل الحكومة»، مشيرا إلى أن «الحكومة المتجانسة تستطيع أن تأخذ القرارات بخلاف حكومة الوحدة الوطنية التي تحتاج إلى الكثير من التوافقات».

وفي هذا السياق كشف مصدر بارز في قوى «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» عن «وجود أزمة صامتة داخل الحكومة، ولا أحد يعرف متى تنفجر»، وسأل: «كيف يمكن لفريق أن يكون مشاركا في السلطة ويصر على إدراج ملاحظاته في كل قرارات الحكومة ثم يدعي أنه معارض؟». وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه: «هناك إشارات في الداخل اللبناني تقول إن فريقا أخذ قرارا في السياسة ينفذه اليوم في الاقتصاد عبر اختلاق الأسباب لتفجير الوضع السياسي الداخلي، في وقت تواجه الحكومة تهديدات إسرائيلية هي الأكثر خطورة منذ (حرب تموز)»، ولفت إلى أن «ثمة وزراء من الذين شاركوا في الموازنة ووافقوا عليها وهم على دراية بوضع الخزينة يحرضون المعلمين على الاستمرار في رفع سقف مطالبهم المالية في وجه الحكومة، علما بأنهم لم يحركوا ساكنا عندما ناقش مجلس الوزراء مطالب الأساتذة، وهذا ينسحب أيضا على عمال الكهرباء والمياه والاتحاد العمالي العام وغيره، وهذا هو الوجه الحقيقي للأزمة».