الحكومة البريطانية ستقلص منح تأشيرات عمل للقادمين من خارج الاتحاد الأوروبي

في خطتها لتخفيض عدد المهاجرين وسط ارتفاع نسبة البطالة في البلاد

TT

تتحضر الحكومة البريطانية غدا لإعلان قوانين جديدة للحد من الهجرة من خارج الاتحاد الأوروبي، في خطوة وعد حزب المحافظين بتحقيقها في حملته الانتخابية، وعارضها حينها بشدة شريكه في الائتلاف الحاكم، حزب الليبراليين الديمقراطيين.

ومن المتوقع أن تعلن غدا وزيرة الداخلية تيريزا ماي عن الخطوات الجديدة التي سيجري اتباعها لإعطاء تأشيرات عمل للراغبين بالقدوم إلى بريطانيا من خارج الاتحاد الأوروبي. ومن المفترض أن يبدأ العمل على تطبيق الخطوات الجديدة المؤقتة على الفور، بانتظار إقرارها بشكل دائم بعد نحو عام من اليوم. وستحدّ ماي عدد المهاجرين القادمين للعمل في بريطانيا بـ24100 شخص، بين اليوم وأبريل (نيسان) من العام المقبل، وهو رقم أقل بـ5 في المائة عن الرقم المعتمد حاليا.

وتهدف الخطوات الجديدة إلى تخفيض عدد المهاجرين القادمين إلى بريطانيا، في وقت لم تتعاف فيه البلاد بعد من الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى رفع أعداد العاطلين عن العمل إلى أرقام قياسية منذ عقود. وارتفعت أرقام البطالة في البلاد إلى مليونين ونصف المليون بريطاني، ومن المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من 3 ملايين عندما تبدأ الحكومة بتطبيق قوانين تخفيض الإنفاق العام خلال الأشهر المقبلة. ويقدر الخبراء أن تؤدي خطوات تخفيف العجز العام التي أعلن عنها وزير الخزانة جورج أوزبورن مطلع الأسبوع، إلى الدفع بأكثر من 700 ألف موظف إلى البطالة.

وقالت صحيفة الـ«تيليغراف» اليمينية أمس، إن أكثر من مليون وظيفة، أي نصف الوظائف التي خلقتها حكومة حزب العمال خلال حكمها، ذهبت إلى أشخاص غير بريطانيين «كان يمكن ألا يتم منحهم تأشيرات عمل». وأضافت الصحيفة: «المهاجرون من خارج الاتحاد الأوروبي تم منحهم تأشيرات عمل على الرغم من أن هناك مئات الآلاف من البريطانيين العاطلين عن العمل».

ورضخ حزب الليبراليين الديمقراطيين لضغوط حزب المحافظين، شريكه في الائتلاف الحاكم، ووافق على خطته التي كان انتقدها بشدة خلال الحملة الانتخابية. ويقول حزب المحافظين، الذي يتزعمه رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون، إن خطة حزب العمال للحد من أعداد المهاجرين، فشلت طوال السنوات الـ12 الماضية التي حكم خلالها. إلا أن حزب العمال يعتبر خطة المحافظين بأنها «تحايل» لأن أعداد المهاجرين القادمين من خارج الاتحاد الأوروبي قليلة.

ووافق الليبراليون الديمقراطيون بزعامة نيك كليغ، الذي يشغل اليوم منصب نائب رئيس الوزراء، على خطط المحافظين، في الاتفاق الذي أّبرم بين الحزبين لتقاسم السلطة. واضطر حزب المحافظين للدخول في ائتلاف مع الليبراليين الديمقراطيين بعد أن فشل في الفوز بالأغلبية المطلقة لعدد مقاعد البرلمان.

ووعد كاميرون بتخفيض عدد المهاجرين القادمين إلى البلاد من «مئات الآلاف إلى عشرات الآلاف»، ويصرّ على أن وضع «قبعة» على أعداد الداخلين، هو الحلّ الوحيد لتطبيق ذلك. ودخل إلى بريطانيا العام الماضي أكثر من 190 ألف عامل أجنبي وأقارب أشخاص يعملون في البلاد. وقال وزير الهجرة داميان غرين: «نعتقد أن الهجرة إلى بريطانيا كانت مرتفعة كثيرا في السنوات الماضية، ولهذا فإن الحكومة الجديدة ستخفض الأعداد لتعيدها إلى ما كانت عليه في التسعينات، عشرات الآلاف وليس مئات الآلاف». وأضاف: «خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، سيرى البريطانيون أننا نعالج هذه المشكلة عبر إدخال عدد كبير من الخطوات للتأكد من أن الهجرة تحت السيطرة، من بينها الحد من تأشيرات العمل واتخاذ خطوات حول الزيجات ووضع نظام فعال لتنظيم الطلاب القادمين إلى هنا». إلا أن هناك أصواتا معارضة داخل الحكومة الائتلافية لإدخال هكذا خطوات، خصوصا من الليبراليين الديمقراطيين. كما أن كبار رجال الأعمال عبروا عن مخاوفهم من أن تشديد قوانين الهجرة قد تصعب عليهم استقطاب ذوي المواهب الخاصة من الخارج. وقال اتحاد التوظيف والعمال الذي يمثل قطاع التوظيف الخاص في بريطانيا، إن هذه القوانين قد تؤدي إلى نقص كبير في المهارات وقد تؤثر على تقديم الرعاية الاجتماعية في بعض المناطق.

وكان حزب العمال بزعامة رئيس الوزراء السابق غوردن براون قد أطلق حملة تحت شعار «الوظائف البريطانية للبريطانيين»، لطمأنة البريطانيين إلى أنه يدرك حجم قلقهم من العمالة الأجنبية. إلا أن حزب المحافظين اتهمه بأن حملته كانت شعارا فارغا من دون خطوات. وكانت قضية الهجرة من القضايا الأساسية في الحملة الانتخابية، وهي تثير قلق الكثير من البريطانيين خصوصا مع ارتفاع عدد البطالة بينهم.

وقد أعاد كثير من المحللين سبب فوز الحزب الوطني البريطاني اليميني شديد التطرف، والذي يريد «تنظيف بريطانيا من كل ما هو غير أبيض»، بمقعدين في البرلمان الأوروبي قبل عامين، إلى قلق البريطانيين الكبير من حجم الهجرة إلى بلادهم، أكثر منها لأسباب تتعلق بالعنصرية. وقد أظهر تقرير نشرته صحيفة الـ«إندبندنت» أمس، ارتفاع العنف المتعلق بالعنصرية وكراهية الأجانب في القرى البريطانية، وانخفاضه في المدن. واستنتج التقرير الذي أعده باحثون في معهد العلاقات العرقية، أن مشكلة الهجرة انتقلت إلى المناطق النائية في بريطانيا ولم تعد متركزة في المدن. واتهمت الأحزاب السياسية بنشر مخاوف تتعلق بكراهية الأجانب بسبب تسابقهم على من يخفض نسبة المهاجرين أسرع.