إقليم أرض الصومال يبدأ فرز الأصوات في انتخابات الرئاسة أملا في الحصول على اعتراف دولي

الرئيس الصومالي هنأ رئيس الإقليم: مستعدون لتقديم تنازلات كبيرة للحفاظ على وحدة البلاد

TT

أغلقت مراكز الاقتراع أبوابها في الانتخابات الرئاسية في وقت متأخر من مساء أمس، وكانت عملية التصويت في انتخابات أرض الصومال قد بدأت في الساعة السابعة من صباح أمس، واستمرت حتى بعد السادسة مساء في بعض اللجان لاختيار رئيس جديد للبلاد ونائبه. وينص الدستور في أرض الصومال على انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه معا. ومن المقرر أن يبدأ فرز الأصوات في المراكز الـ1800 في مختلف أنحاء الإقليم على أن تصدر النتائج النهائية خلال أيام. وتعهد المرشحون الثلاثة جميعهم بتأمين الاعتراف من قبل المجتمع الدولي، وهو ما لم ينجح في تحقيقه الرؤساء الثلاثة الذين حكموا أرض الصومال منذ إعلان انفصالها عن بقية الصومال في 18 من مايو (أيار) 1991. وكان الإقبال على التصويت كثيفا في الساعات الأولى من صباح أمس وخاصة في العاصمة هرجيسا التي يقطنها ثلث الناخبين، ويبلغ الذين يحق لهم الاقتراع مليونا وسبعين ألف ناخب لكن المفوضية لم تحدد نسبة الإقبال النهائية على التصويت في المحافظات الستة التي يتكون منها إقليم أرض الصومال.

وعلى عكس بقية أجزاء الصومال الأخرى، فإن أرض الصومال التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين نسمة، تتمتع بسلام واستقرار نسبيين، لم ينعم بها باقي أنحاء الصومال، غير أنها لم تحظ بالاعتراف الدولي، لكنها تتطلع لأن تفتح هذه الانتخابات الباب للحصول على الاعتراف الدولي الذي طال انتظاره نحو 20 عاما. ولدى إدلائه بصوته في أحد مراكز الاقتراع في العاصمة هرجيسا، أكد الرئيس طاهر ريالي كاهين صباح أمس أن هذه الانتخابات أساسية لحصول أرض الصومال على اعتراف دولي. وأضاف: «إن الانتخابات تدل على الاستقرار السياسي لجمهورية أرض الصومال ما يؤهلها لتكون دولة مستقلة معترفا بها دوليا، وأتمنى أن تنتهي الانتخابات بسلام وأتمنى أن تنال أرض الصومال اعترافا دوليا في الوقت القريب». ويتنافس في هذه الانتخابات 3 مرشحين يمثلون الأحزاب السياسية الثلاثة في الإقليم، هم الرئيس الحالي طاهر ريالي كاهين زعيم الحزب الحاكم، الذي تولى مهام منصبه في مايو عام 2002، في أعقاب وفاة محمد إبراهيم عقال، الرئيس السابق لأرض الصومال، حيث كان كاهين يشغل منصب نائب الرئيس منذ عام 1996.

الرئيس طاهر ريالي كاهين 58 عاما هو أصغر المرشحين الثلاثة لمنصب الرئاسة - في مدينة «بورما» بشمال الصومال، وبعد إكماله الدراسة الثانوية خدم الرجل لفترة طويلة في جهاز الأمن الداخلي والمخابرات في عهد النظام العسكري في الصومال بقيادة الجنرال محمد سياد بري، ووصل إلى مرتبة العقيد، كما عمل كاهين لفترة وجيزة في السلك الدبلوماسي. وفي عام 1996 اختار محمد إبراهيم عقال – الذي يعد المؤسس الفعلي لجمهورية أرض الصومال الانفصالية الذي انتخب رئيسا لإقليم أرض الصومال بعد عامين من إعلان الإقليم انفصاله عن بقية أجزاء الصومال – نائبا له، وبعد وفاة عقال في مايو عام 2002 تم اختيار طاهر ريالي رئيسا لأرض الصومال، وفي انتخابات 2003 التي أجريت في الإقليم فاز كاهين بفارق ضئيل، 80 صوتا فقط، على منافسه الرئيسي أحمد سيلانيو. والرئيس كاهين متزوج وله ثلاثة أبناء وبنت.

ويواجه ريالي تحديا من قبل أحمد محمد سيلانيو السياسي المخضرم ومرشح حزب كولمي أكبر حزب معارض في أرض الصومال، وقد ولد سيلانيو، 74 عاما، في شمال الصومال. ونال سيلانيو درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة مانشستر في بريطانيا عام 1965، وقد تولى عددا من المناصب الوزارية في عهد حكم الرئيس محمد سياد بري في السبعينات وأوائل الثمانينات، من بينها وزارتا التجارة والتخطيط، لكنه ترك الحكومة وترأس الحركة الوطنية الصومالية الانفصالية (أس أن أم) التي قاتلت ضد نظام سياد بري وأصبح رئيس الحركة في الفترة ما بين 1984 إلى 1990. وفي عام 1997 – 2000 تقلد سيلانيو عدة مناصب وزارية في حكومة أرض الصومال من بينها وزارة المالية والتخطيط والتعاون الدولي. وفي عام 2002 أسس حزب كولمي المعارض وخاض في انتخابات 2003 في أرض الصومال، التي فاز بها الرئيس طاهر ريالي بفارق 80 صوتا فقط. وأحمد سيلانيو متزوج وأب لثلاثة أبناء وبنتين.

أما مرشح حزب العدالة والتنمية فيصل علي ورابي (61 عاما)، وحصل على درجة الماجستير في الهندسة من جامعة ليننغراد في روسيا، وقد تولى عدة مناصب حكومية في عهد سياد بري من بينها رئيس رابطة المهندسين الصوماليين، وفي منتصف الثمانينات تفرغ للتجارة، وبعد انهيار النظام العسكري في البلاد عام 1991 هاجر هو وأفراد عائلته إلى أوروبا واستقر في فنلندا، والتحق بجامعة هلسنكي ونال درجة الماجستير في العلاقات الدولية. ولعب ورابي دورا فعالا في المصالحة بين قبائل الشمال أثناء الحرب الأهلية، وفي عام 2001 أسس حزبه العدالة والتنمية وخاض انتخابات عام 2002 التي حل فيها في المرتبة الثالثة. وهو متزوج وله 8 أولاد. وقد شارك أكثر من مليون ناخب (يقدر عدد سكان الإقليم 3.5 مليون نسمة) في هذه الانتخابات موزعين في أكثر من 1800 مركز اقتراع. وهناك مخاوف وقلق من أن تؤدي هذه الانتخابات إلى نشوب اضطرابات سياسية في البلاد في حال اختلاف القوى السياسية المشاركة فيها على نتائجها على الرغم من تعهد المرشحين الثلاثة بقبول نتائج الانتخابات.

وعلى الرغم من أنه لم يتم تسجيل أعمال عنف في مختلف مدن أرض الصومال خلال العملية الانتخابية؛ فإن بعض صناديق الاقتراع اختفت في إقليم سول المتنازع عليه بين إقليمي أرض الصومال وبونت بشمال شرقي البلاد، مما حال دون إدلاء الناخبين بأصواتهم في بعض مراكز الاقتراع هناك. وشارك أكثر من 900 مراقب محلي وأجنبي في الإشراف على سير العملية الانتخابية في أرض الصومال. ومن المقرر أن تبدأ عملية فرز الأصوات اليوم الأحد.

وفي محاولة لتلطيف الأجواء السياسية والعاطفية التي تجري فيها انتخابات أرض الصومال، هنأ الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد سكان الإقليم بهذه المناسبة التي تصادف أيضا مرور الذكرى الـ50 لاستقلال الإقليم عن بريطانيا في 26 يوليو (تموز) 1960، وأعرب الرئيس الصومالي عن أمله في أن يكون ذلك خطوة نحو تعزيز الوحدة في البلاد. وقال الرئيس الصومالي إن حكومته على استعداد لتقديم أكبر قدر من التنازلات للحفاظ على وحدة الصومال التي باتت مطلبا شعبيا أكثر منه مناورات سياسية.

ويرفض قادة الأحزاب السياسية في أرض الصومال باستمرار أي بحث يقضي بإعادة الوحدة مع الصومال، ويطالبون بالتعامل مع الصومال من واقع دولتين جارتين، لكن ذلك سيكون مرتبطا بموقف المجتمع الدولي من أرض الصومال وما إذا كان مستعدا للاعتراف بدولة جديدة ناشئة في منطقة القرن الأفريقي.