لقاءات قمة العشرين: جينتاو يقبل دعوة أوباما.. وتمديد الدرع الأميركي لكوريا

ساركوزي: مقترحات لإصلاح مجلس الأمن

الملك عبد الله بن عبد العزيز في حديث مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس (أ.ب)
TT

شهدت أعمال قمة العشرين التي تضم أكبر اقتصاديات صناعية وناشئة في العالم لقاءات جانبية حول قضايا سياسية ثنائية أمس كان أبرزها إذابة الجليد بين واشنطن وبكين بدعوة الرئيس الصيني إلى الولايات المتحدة.

وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس إن قادة مجموعة العشرين الاقتصادية نجحوا في تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي في أعقاب ركود عالمي مدمر العام الماضي (راجع ملحق الاقتصاد).

لكن أوباما، الذي اجتمع مع الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو قبل إجراء مزيد من المحادثات في قمة مجموعة العشرين المنعقدة في تورونتو، قال إن الحكومات لا يزال أمامها طريق طويل يتعين عليها السير فيه للمحافظة على استمرار الانتعاش الاقتصادي العالمي.

وقال أوباما حسب وكالة الأنباء الألمانية «من خلال العمل في إطار مجموعة العشرين، تمكنا من تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.. لكن من الواضح، لدينا تحديات كثيرة لا يزال يتعين علينا معالجتها».

وعكست الدعوة التي وجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما في تورونتو إلى نظيره الصيني هو جينتاو تقاربا بين الدولتين الكبريين بعد أسبوع على قرار بكين تليين سياسة تحديد سعر عملتها.

وأعلن البيت الأبيض بعد لقاء جمع الرئيسين السبت أن هو وافق على زيارة الولايات المتحدة في تاريخ يحدد لاحقا حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وجرى اللقاء بين الرئيسين في أجواء من الود الواضح قبل قمة مجموعة الدول الغنية والناشئة العشرين المنعقدة في أكبر مدن كندا.

وقال الرئيس الصيني في مستهل اللقاء مع أوباما على هامش قمتي مجموعتي الثماني والعشرين «يسعدني أن ألاحظ أنه بفضل الجهود المشتركة التي بذلها الجانبان أخيرا، تم إحراز تقدم فعلي بالنسبة إلى علاقتنا الثنائية».

وأضاف متحدثا خلال جلسة التقاط الصور التذكارية التقليدية «علينا أيضا أن نعزز التواصل والتنسيق مع الجانب الأميركي حول المواضيع الإقليمية والدولية المهمة».

وقال أوباما من جهته «لقد عملنا بشكل حثيث وقام فريقانا بعمل شاق خلال الأشهر الـ15 الأخيرة لبناء علاقة تستند إلى الثقة المتبادلة، وفي رأيي أننا أنجزنا الكثير».

وأعلن أنه سيرسل فريقا دبلوماسيا واقتصاديا في أغسطس (آب) إلى الصين لإجراء محادثات مع مستشاري الرئيس الصيني، مشيرا إلى أن إحدى أولوياته تقضي بتهدئة التوتر الناتج عن الإعلان في فبراير (شباط) عن صفقة بيع أسلحة أميركية بعدة مليارات الدولارات لتايوان التي تعتبرها الصين إقليما متمردا من أقاليمها.

كما أعرب عن أمله بأن يتمكن وزير الدفاع روبرت غيتس من القيام بزيارة «خلال الأشهر المقبلة» إلى بكين.

وفي المقابل، لم يتطرق هو وأوباما إلى مسألة سعر صرف اليوان التي تثير خلافا منذ أشهر طويلة بين البلدين. وبعد أسبوع على تليين القيود على سعر صرف اليوان الذي بقي ثابتا على مدى سنتين بالنسبة إلى الدولار، ما زال يتحتم القيام بالخطوات الأساسية. وحرص الوفد الصيني الذي حضر إلى تورونتو على الإشارة إلى أن الصين لن ترضخ لأي ضغوط في موضوع اليوان.

وقال ماتشين المسؤول الكبير في لجنة التنمية والإصلاح الدولي خلال مؤتمر صحافي «إذا كان ثمة تغيير في سعر صرف اليوان فإنه يعود إلى الدينامية الداخلية للاقتصاد الصيني وليس إلى ضغط أي بلد أو منظمة دولية».

وبعدما وعد قبل التوجه إلى كندا بطرح مسألة العملة الوطنية الصينية، يواجه أوباما استياء البرلمانيين الذين نفد صبرهم وبات بعضهم يهدد بالتصويت على قانون يفرض رسوما جمركية على جميع المنتجات الصينية المستوردة.

وبحسب خبراء اقتصاديين أميركيين، فإن سعر اليوان بالنسبة للدولار أقل بنحو 40% من مستواه الفعلي. من جهة أخرى أعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان أمس في تورونتو أن اليابان اقترحت على مجموعة الثماني أن تتم دعوة الصين لتشارك «من وقت إلى آخر» في اجتماعاتها بهدف «زيادة مسؤولية» بكين في قرارات المجموعة.

وقال المتحدث كازوو كوداما «تستطيع مجموعة الثماني أن تفكر في دعوة الصين إلى قممها من وقت إلى آخر بهدف تشجيع الصين على تحمل مسؤولياتها في شكل أكبر».

وجاء كلامه في إطار عرضه لمشاركة رئيس الوزراء الياباني في قمة مجموعة الثماني التي انتهت السبت في هانتسفيل (220 كلم من تورونتو).

وردا على سؤال عما إذا كانت اليابان تريد توسيع مجموعة الثماني لتصبح مجموعة التسع، أكد المتحدث أنه تم التقدم بهذا الاقتراح «في إطار تبادل غير رسمي للرأي».

وأوضح أنه يمكن توجيه هذه الدعوة «من وقت إلى آخر وحين يكون ذلك ملائما»، معتبرا أن هذا الأمر «قد يكون مفيدا ومثمرا بالنسبة إلى بعض القضايا المحددة».

وشدد المتحدث على أن مسألة دعوة بكين العام المقبل تعود إلى البلد المضيف، أي إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

من جانبه قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن عددا من كبرى دول أوروبا اقترحت إجراء إصلاحات ملموسة على مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لإعطاء القوى النامية دورا أكبر.

وأكد ساركوزي أن «فرنسا وبريطانيا اقترحتا إصلاحا مرحليا لمجلس الأمن الدولي. ولمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تدعم هذا الإصلاح».

ووصف رئيس مجلس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي المبادرة بالمهمة «لإعادة التوازن بعد 50 عاما» وإعادة تشكيل مجلس الأمن الدولي.

وأوضح فان رومبوي أن «مناقشات مستفيضة» للاقتراح جرت أثناء مأدبة عشاء في قمة مجموعة الثماني أول من أمس الجمعة.

يذكر أن أربعا من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تملك حق النقض وهي بريطانيا وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة هم أعضاء في مجموعة الثماني.

على صعيد الأزمة الكورية أعلن أمس أن الولايات المتحدة وافقت على تولي قيادة القوات الكورية الجنوبية في حال اندلاع حرب حتى عام 2015 على الأقل، في إشارة إلى تنامي التوترات في شبه الجزيرة الكورية.

وجاء القرار خلال اللقاء الذي تم بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الكوري الجنوبي لي ميونغ باك على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين المنعقدة في تورونتو بكندا.

وقال أوباما إنه يجب محاسبة كوريا الشمالية بشأن مزاعم قيامها بإغراق السفينة الحربية الكورية الجنوبية في مارس (آذار) الماضي، وهو الأمر الذي دفع الشطر الجنوبي لقطع جميع محادثات التقارب مع الجارة الشمالية.

وأضاف «يجب أن تكون هناك عواقب لمثل هذا التصرف غير المسؤول على الساحة الدولية».

ومن جانبه قال لي ميونغ باك «سنبذل كل ما في وسعنا من أجل ردع أي أعمال عدوانية من جانب كوريا الشمالية ضدنا وإننا سنتصرف بسرعة وقوة حتى لا يحدث ذلك مرة أخرى».

وكان التحقيق الدولي خلص إلى أن كوريا الشمالية هي التي أغرقت السفينة الكورية الجنوبية «تشاينون» بطوربيد في مارس (آذار) الماضي وهو ما أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة كما قوبل بإدانة واسعة النطاق من جانب القوى الغربية غير أن كوريا الشمالية نفت مسؤوليتها عن الحادث.

يذكر أنه منذ الحرب الكورية، التي استمرت من عام 1950 وحتى عام 1953، تعهدت الولايات المتحدة بأن تتولى قيادة جميع القوات الكورية الجنوبية خلال الحرب عند وقوع صراع مسلح آخر.

وكان من المقرر أن ينتهي هذا الترتيب عام 2012 غير أن تصاعد التوترات مع جارتها الشمالية دفع الرئيس لي ميونغ باك لحث الولايات المتحدة على تمديد الدرع الأمني.

ويرى الكوريون الجنوبيون ذلك على أنه ضمان سيمكنهم من الاعتماد على الدعم العسكري الأميركي في حالة نشوب أي صراع.

وقال جيف بادر كبير مستشاري البيت الأبيض للشؤون الآسيوية إن القرار تم اتخاذه لإرسال رسالة واضحة ببقاء قوة أميركا في المنطقة خاصة أنه جاء في وقت مهم بالنظر إلى ما قامت به كوريا الشمالية من تصرفات في الـ18 شهرا الماضية.