أوباما يسعى لعقد لقاء ثلاثي مع نتنياهو وأبو مازن.. وإسرائيل تعد لأكبر توسع استيطاني في القدس

الخريطة الهيكلية لعام 2030 تتيح لليهود البناء في كل مكان

TT

في الوقت الذي أعلن فيه أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يسعى للجمع بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في لقاء ثلاثي معه في البيت الأبيض بهدف استئناف المفاوضات المباشرة، كشفت بلدية القدس الغربية عن مخطط جديد يمتد للعشرين سنة القادمة يقضي بإجراء أكبر عملية توسع استيطاني في شرقي المدينة منذ احتلالها عام 1967.

والمخطط المذكور هو عبارة عن «خريطة هيكلية» لعام 2030، يجري الإعداد لإيداعها في لجنة التنظيم اللوائية التابعة لوزارة الداخلية، وفيها برامج بناء في غالبية الأراضي الفلسطينية التي صادرتها سلطات الاحتلال، وتبلغ مساحتها نحو 70 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية. فإذا أقرتها الوزارة، كما يتوقع، فإنها ستقوض مكانة الفلسطينيين في القدس، وتهدد وجود الغالبية الساحقة منهم في المدينة المقدسة.

وكشفت عن هذا المخطط، أمس، جمعية يهودية يسارية تدعى باسم «عير عاميم» (مدينة الشعوب)، فأوضحت أن معدي الخريطة بنوا حساباتهم على أساس تخليد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة، ومواصلة نهج تغيير التوازن الديموغرافي لصالح الأكثرية اليهودية في المدينة الموحدة. وبشكل منهجي مكشوف، خططوا أن لا يتاح للفلسطينيين أن يبنوا ما يسد احتياجاتهم الحقيقية للمستقبل. ووفقا للمخطط الاحتلالي، سيسمح ببناء 13,500 وحدة سكنية في «شرقي القدس»، في حين أن هذا الرقم لا يصل إلى نصف الاحتياجات السكانية حتى عام 2030. كما لفتت وثيقة «عير عاميم» إلى أن الخريطة الهيكلية تسمح للفلسطينيين بالبناء فقط في شمال وجنوب القدس، ولا تسمح لهم بالبناء في الأحياء الواقعة في مركز المدينة المحيطة بالحرم المقدسي وتعرف باسم «الحوض المقدس»، وتضع عقبات تخطيطية بيروقراطية أمام الفلسطينيين للبناء في جميع الأحياء، كما أن معظم البناء اليهودي يتركز في الأحياء التي تقع خلف الخط الأخضر، أي في المنطقة الشرقية المحتلة.

يذكر أنه في عام 2008، قررت اللجنة اللوائية إيداع الخريطة الهيكلية، إلا أنه في أعقاب شكاوى اليمين أمام وزير الداخلية وادعاءاتهم بأنها توفر مناطق سكنية كبيرة للعرب على حساب المساحات الخضراء، قرر رئيس بلدية القدس الغربية، نير بركات، إجراء تعديلات على الخريطة تتلاءم مع مخطط تعميق الاستيطان اليهودي في محيط الحرم المقدسي. وتشتمل الخريطة الهيكلية الجديدة على «مدينة داوود» (في سلوان)، التي تعتبرها «حديقة وطنية»، كما تسمح بالبناء السكني في المنطقة نفسها، وذلك في أعقاب قيام «جمعية إلعاد» الاستيطانية بشراء بيوت في القرية والقريبة من أسوار البلدة العتيقة.

وتوقعت مصادر سياسية في إسرائيل، أمس، أن يؤدي هذا المشروع إلى أزمة جديدة في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وكذلك بينها وبين الإدارة الأميركية. فهذا المخطط يعني استغلال إسرائيل للأمر الواقع، ومن طرف واحد، بهدف تخليد الاحتلال والمساس بمكانة الفلسطينيين، والتخريب على آمال السلام. وفي غضون ذلك، توجهت السلطة الفلسطينية إلى إدارة البيت الأبيض في واشنطن طالبة إلغاء هذا المخطط تماما، والكف عن كل مشاريع الاستيطان في المدينة إلى حين انتهاء مفاوضات السلام.

وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أمس، إن هذا المخطط يشل كل الجهود التفاوضية. وكشف أنه توجه إلى السناتور جورج ميتشل، المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، حتى يفحص الأمر ويأتي بالإجابات اللازمة في الموضوع.

وأضاف: «نحن ننتظر من ميتشل أن يقدم لنا الرد الإسرائيلي على مقترحاتنا بخصوص قضيتي الحدود والأمن، في التسوية الدائمة. ولكن الإسرائيليين يشغلونه الآن بمشروع استيطاني جديد يكشف حقيقة توجههم التوسعي العدواني البعيد كل البعد عن عملية السلام».

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، قد خرجت، أمس، بعنوان كبير يقول إن أوباما معني بلقاء يجمعه مع نتنياهو وأبو مازن، ليكون هذا اللقاء نقطة انطلاق للمفاوضات المباشرة. وإنه بحث الموضوع مع الرئيس الفلسطيني فأجاب أنه يريد معرفة ما إذا كانت إسرائيل ملتزمة بوقف البناء الاستيطاني. وقال إنه يرحب بلقاء كهذا، إذا كان سيعطي دفعة لمفاوضات السلام، ولكن ليس ليكون غطاء يخفي تحته المزيد من مشاريع الاستيطان. وسيطرح أوباما الموضوع على نتنياهو عندما يصل إلى واشنطن في الأسبوع القادم.

وتجدر الإشارة إلى أن حي سلوان في القدس، يشهد منذ يومين صدامات عنيفة بين المواطنين الفلسطينيين ومجموعة من اليهود اليساريين المتضامنين معهم، وبين المستوطنين اليهود في الحي. وتدخلت الشرطة، كالعادة، لصالح المستوطنين، واعتقلت عددا من الشبان الفلسطينيين بتهمة الإخلال بالنظام العام.