حماس: 10 يوليو المهلة الأخيرة لتوبة «جواسيس إسرائيل»

نشرت اعترافات تطمئنهم وتؤكد احترام خصوصيتهم

TT

بينما كان الحضور يستمعون للمحاضرين الذين كانوا يتناوبون على إلقاء الكلمات، كانوا في نفس الوقت مشغولين بتجفيف عرقهم الذي يتفصد من جبهاتهم بسبب الازدحام الكبير، وارتفاع درجة الحرارة في القاعة التي ضمها الطابق الثاني للمسجد الكبير في مخيم «المغازي» للاجئين وسط قطاع غزة. كان هذا اللقاء فاعلية أخرى ضمن سلسلة طويلة من الفعاليات التي تقوم بها اللجنة الوطنية لمكافحة التخابر التابعة لوزارة الداخلية في حكومة غزة برئاسة إسماعيل هنية لإطلاع الجمهور على الوسائل التي تتبعها المخابرات الإسرائيلية الداخلية (الشاباك) في محاولاتها لتجنيد مخبرين من أوساط الشعب الفلسطينيين لمساعدتها في تعقب المقاومة الفلسطينية، واستهداف قادتها وعناصرها، وفي نفس الوقت تحذير الأشخاص الذين تورطوا في التخابر مع «العدو» من مغبة مواصلة التعامل معه والإسراع بالتوبة عبر تسليم أنفسهم لمقار الأجهزة الأمنية للإدلاء بكل المعلومات المتعلقة بعملهم. وحددت وزارة الداخلية موعد العاشر من يوليو (تموز) المقبل كآخر موعد لإغلاق باب التوبة أمام العملاء، حيث أكدت في إعلاناتها ومنشوراتها والمحاضرات التي نظمها المسؤولون فيها، أن كل شخص يقوم بتسليم نفسه تلقائيا سيتم التعامل معه بطريقة مختلفة تماما عن أولئك الذين يتم إلقاء القبض عليهم متلبسين بجرم التخابر والعمالة.

ومن جانبها، نشرت وزارة الداخلية في غزة في موقعها على شبكة الإنترنت تطمينات للعملاء أكدت فيها أنها تحرص على أن تتم عملية تسليم العملاء بالسرية واحترام الخصوصية، مشيرة إلى أن هذه أول مرة يفتح فيها المجال لاستيعاب من ابتزته المخابرات الإسرائيلية. وشنت الوزارة حربا نفسية على العملاء لدفعهم إلى تسليم أنفسهم، فقامت بتعليق لافتات في الشوارع تدعو العملاء للتوبة، متضمنة تحذيرا موقعا من قبل وزارة الداخلية الفلسطينية يدعو كافة العملاء الذين ارتبطوا بالمخابرات الإسرائيلية إلى تسليم أنفسهم في أسرع وقت ممكن.

وحسب مصدر أمني تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، فإن الفعاليات التي قامت بها «الحملة الوطنية لمكافحة التخابر» أسهمت في دفع الكثير من العملاء إلى تسليم أنفسهم، ويوجد من بين هؤلاء أشخاص يعملون في مؤسسات أهلية، حيث حرصوا على توظيف عملهم في هذه المؤسسات للمساعدة في تقديم المعلومات للمخابرات الإسرائيلية. وأشار المصدر إلى أن الحملة أسفرت عن نتائج غير متوقعة، حيث إن عددا كبيرا من العملاء الذين قاموا بتسليم أنفسهم لم تكن تدر حولهم الشبهات.

وحسب المصدر ذاته، فإن نقطة التحول التي أفضت إلى تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة التخابر هي الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، حيث تبين خلالها حجم الدور الهائل الذي قام به العملاء في مساعدة إسرائيل على استهداف الأهداف في قطاع غزة. واقتبس المصدر ما قاله أحد قادة جهاز «الشاباك» للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي مؤخرا، الذي أكد أنه لولا الدور الذي قام به العملاء لما تمكن الجيش الإسرائيلي من استهداف هذا العدد الكبير من الأهداف.

وأوضح المصدر أن الشروع في تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأشخاص الذين أدانتهم المحاكم المختصة بالتخابر مع الاحتلال، والتسبب في قتل مقاومين بناء على تعليمات المخابرات الإسرائيلية الداخلية (الشاباك)، كان له بالغ الأثر في المس بمعنويات العملاء، ودفع الكثير منهم لتسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية.

وأوضح المصدر أن «الشاباك» حاول مؤخرا تطوير وسائل تجنيد العملاء حيث توسع في توظيف الإنترنت والمواقع الاجتماعية، وتحديدا «الفيس بوك» لتسهيل عملية تجنيد العملاء، مشيرا إلى أن وزارته تشدد على ضرورة توخي الحذر لدى تصفح هذه المواقع، وإقامة علاقات مع أشخاص غير معروفين. وقال إيهاب الغصين، الناطق باسم وزارة الداخلية، إن التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية مع العملاء تتمحور حول الظروف التي قادت إلى موافقتهم على التخابر مع الإسرائيليين ومدى تورطهم في جرم العمالة.

وأشار الغصين إلى أنه ليس من الضروري أن يقوم العميل بتسليم نفسه شخصيا للأجهزة الأمنية، بل بإمكانه التوجه لممثلي الفصائل وعلماء الدين. وشدد على القول بأن التعامل مع العملاء يختلف حسب درجة التورط في التعاون مع «الشاباك»، مشيرا إلى أنه لا تتم محاسبة الأشخاص الذين قدموا معلومات أمنية بنفس درجة التعامل مع الأشخاص الذين اعترفوا بالمشاركة في تنظيم عمليات التصفية والاغتيال ضد المقاومين. وذكر الغصين أن الجهاز القضائي والمحاكم هما اللذان يبتان في النهاية في الأحكام التي تصدر على العملاء.