الحزب الحاكم في مصر يرفض التشكيك في الأشخاص والمؤسسات

أعلن في اجتماع برئاسة جمال مبارك تضمين برنامج انتخابات الرئاسة استمرار التغيير

TT

رد الحزب الحاكم في مصر على منتقديه بقوة، أمس، مشددا على رفضه «التشكيك في الأشخاص والمؤسسات»، وتعهد في المقابل بـ«مواصلة الإصلاح». وقال في بيان عقب اجتماع للمجلس الأعلى للسياسات برئاسة جمال مبارك، نجل الرئيس، إنه سيُضمِّن برنامجه القادم لانتخابات الرئاسة «استمرار التغيير لصالح الأغلبية».

وفي أول إشارة لما يمكن أن يكون عليه شكل البرنامج الذي سيخوض به مرشحه للرئاسة الانتخابات في العام المقبل، قال صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك، إن برنامج الحزب الانتخابي للرئاسة سيستمر في قيادة التغيير لصالح ما تتطلع إليه الأغلبية، مستنكرا ما وصفه بمحاولات البعض السطو على شعارات الحزب وإنجازاته النابعة من مبادئه الأساسية ومن البرنامج الرئاسي الذي خاض به الرئيس مبارك أول انتخابات مصرية من بين أكثر من مرشح في عام 2005.

وجاءت تصريحات الشريف في بيان وزعه الحزب عقب اجتماع للمجلس الأعلى للسياسات الذي يرأسه نجل رئيس الدولة، وذلك في وقت يقول فيه الحزب إنه لم يحدد بعد من سيترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، وإنه في حالة لم يرغب الرئيس مبارك في الترشح مجددا في الانتخابات المقرر لها سبتمبر (أيلول) 2011، فإنه سيختار مرشحه من بين أعضاء الهيئة العليا للحزب التي تضم نجل الرئيس المصري، وعددا من القيادات الحزبية سواء ممن يوصفون بالجيل القديم أو الجديد.

ويطمح الحزب الحاكم في مواصلة الاستحواذ على الأغلبية في انتخابات مجلس الشعب هذا الخريف، بعد أن تمكن من تحقيق أغلبية كاسحة في انتخابات مجلس الشورى التي جرت الشهر الماضي، فيما يهيمن الحزب على معظم مقاعد المجالس المحلية في المحافظات.

وتقول القوى المعارضة إن أغلبية الحزب الحاكم في هذه المجالس النيابية الثلاثة (مجلسا البرلمان والمجالس المحلية)، تقلل من فرص خوض أي مرشحين محتملين من بين المستقلين لمنافسة مرشح الحزب الحاكم، مثل الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو من جماعة الإخوان أو غيرها.

وعما يتردد في الفترة الأخيرة عن فرص ترشح جمال مبارك في انتخابات الرئاسة المقبلة، قال مصدر في الحزب الحاكم ردا على أسئلة «الشرق الأوسط»، إن إشارة الشريف إلى ما سيكون عليه شكل برنامج الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة لا تعني إطلاقا أن الحزب قد دخل في مرحلة تسمية مرشحه للرئاسة، موضحا أن إجراءات تسمية المرشح لا تتم في مثل هذه الاجتماعات الحزبية، وإنما «عبر اجتماع للهيئة العليا للحزب، ويمكن أن يعلن أي عضو في الهيئة رغبته في الترشح.. وسواء كان الراغب في الترشح للرئاسة من هيئة الحزب، واحدا أو اثنين أو أكثر، فإن الأمر يتم طرحه على مؤتمر حزبي عام يختص بالتصويت على اسم واحد للمرشح للرئاسة».

ولم تحدد الكثير من قوى المعارضة المصرية بشكل قاطع موقفها من المشاركة سواء في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية في الفترة القادمة، رغم توجيهها انتقادات شديدة لما تقول إنه أعمال تزوير شابت انتخابات الشورى الشهر الماضي، محملة الحزب الحاكم والحكومة مسؤولية «التردي في الأوضاع السياسية والاقتصادية الذي أصبح يعاني منه المجتمع المصري»، قائلة إن «النظام الحاكم يرفض التغيير».

وشهدت مصر خلال الأشهر الأخيرة حراكا سياسيا واجتماعيا شاركت فيه، إضافة للبرادعي، قوى تطالب بتعديل الدستور وإعادة الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وإلغاء حالة الطوارئ المستمرة منذ عام 1981 حين اغتال متشددون إسلاميون الرئيس المصري أنور السادات.

وبينما يقول الحزب الحاكم إن إجراء تعديل في الدستور في الوقت الحالي لا يوجد ما يبرره، خاصة بعد تعديله مرتين في عامي 2005 و2007، ألزمت أغلبية الحزب في البرلمان قبل شهر، الحكومة، عند طلبها تمديد فرض حالة الطوارئ لعامين آخرين، بعدم تطبيق قانون الطوارئ إلا على قضايا الإرهاب والمخدرات، وهو ما لاقى ارتياحا إلى حد ما في بعض الدوائر المعارضة والحقوقية في البلاد. إلا أن مقتل شاب يدعى خالد سعيد (28 سنة) في الإسكندرية قبل أسبوعين، زاد من وتيرة المطالبة بإنهاء حالة الطوارئ، وإجراء إصلاحات على نطاق واسع في مصر، وذلك حين شارك البرادعي ومعارضون من قيادات الإخوان وجماعات يسارية في مظاهرة حول الحادث يوم الجمعة الماضي.

وتعهد الحزب الحاكم أمس بالاستمرار «في قيادة عملية التغيير الشامل في المجتمع»، وقال الشريف إن الحزب سيستمر «في برنامجه الانتخابي لمجلس الشعب، ثم في برنامج مرشحه لانتخابات الرئاسة، في قيادة عملية التغيير في المجتمع لصالح الأغلبية ووفقا لتطلعاتها في حياة كريمة وآمنة». وتابع قائلا إن الحزب الوطني «يقرأ بكل اهتمام مدونات رجل الشارع من فلاحين وعمال وموظفين وطلاب بما تحمله من مشكلات وتطلعات»، موضحا أن الحزب هو «الوحيد الذي يمتلك برنامجا محددا للتغيير الشامل»، ويسعى «لكسب ثقة وتأييد كل مواطن وكل مواطنة عن طريق العمل والإنجاز وضرب المثل والقدوة».

وهاجم الحزب الحاكم أمس ما سماه «محاولات البعض السطو على شعارات وإنجازات الحزب»، واعتبرها محاولة فاشلة ومكشوفة لأن الحزب لا يبدأ من فراغ وإنما يرتكز إلى قاعدة صلبة من القدرات والإمكانيات التي تنطلق من المبادئ الأساسية للحزب وبرنامجه الرئاسي.

وأضاف الشريف أن بعض القوى والعناصر ممن خاضت انتخابات مجلس الشورى الشهر الماضي كانت تعلم مسبقا فشلها، وأنها «ليست لها أرضية في الشارع، وأن هدفهم كان الإثارة وترويج أفكار مغلوطة تستهدف الخلط بين السياسة والدين خاصة بعد أن انكشف زيف شعاراتهم» (في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، أبرز قوى المعارضة المصرية).

وأشار الشريف أيضا إلى متابعة الحزب الوطني للمتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية في مصر في الفترة الأخيرة، قائلا إن «هذا الحراك السياسي هو نتيجة للتحولات والتغيرات التي قادها الرئيس مبارك والحزب الوطني بهدف تعميق المشاركة السياسية والشفافية والرقابة البرلمانية».

وتابع الأمين العام للحزب الحاكم قائلا إن حزبه «يقف بحسم ضد الفساد»، و«لا يحمي أي فاسد مهما كان موقعه»، و«هذا هو موقف ثابت للرئيس مبارك»، مشددا على أن «الحزب يؤكد على قيم ومبادئ الشرعية واحترام القانون»، وأن «الحكومة تستمد شرعيتها من تطبيق القانون على الجميع من دون تمييز وبما يحقق العدالة».

ودعا الحزب الحاكم الحكومة والمسؤولين إلى ضرورة «التصدي السريع» لما تنشره أو تبثه أدوات الإعلام بشأن أي حالات انحراف أو فساد «حتى لا تترسخ في أذهان المواطنين معلومات خاطئة أو إشاعات لا أساس لها». كما دعا «أدوات الإعلام إلى ضرورة مراعاة المهنية والموضوعية والتعبير عن وجهات النظر المختلفة، وأن الديمقراطية لا تعني التطاول والتشكيك في الأشخاص والمؤسسات وإنما تتطلب عرض القضايا ونقد أي انحراف أو الكشف عن أي فساد بعد التأكد من الحقائق والمعلومات حتى لا تتحول الحرية إلى إثارة وسباق محموم لنشر الإشاعات دون دليل أو سند».