الصومال: انفجار داخل القصر الرئاسي ومعارك دموية شمال العاصمة

محطة إذاعة محلية تتحدى قرار الإسلاميين منع بث الأغاني والموسيقى

جندي صومالي يقطع الشارع أثناء اشتباكات مع مقاتلي حركة الشباب المجاهدين المعارضة جنوب العاصمة مقديشو أمس (أ.ب)
TT

هز انفجار قوي القصر الرئاسي في مقديشو صباح أمس، ناجم عن قنبلة موقوتة وضعت في منصة كان من المقرر أن يلقي منها الرئيس الصومالي خطابا في إطار الاحتفال بيوم الاستقلال الذي صادف أمس. وكان من المقرر أن يجري جزء من احتفالات يوم الاستقلال في ساحة داخل القصر متضمنة عرضا عسكريا وخطابات سياسية. وأفاد مصدر أمني في القصر الرئاسي لـ«الشرق الأوسط» بأن المنصة تم تجهيزها خلال الليل وكان من المقرر أن يلقي منها الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد خطابه بهذه المناسبة من على متنها. وأضاف المصدر بأن القنبلة وضعت في إحدى المزهريات التي زينت بها المنصة.

وقد تأخر انطلاق الحفل بسبب انشغال الرئيس الصومالي في لقاءات مع القادة العسكريين في الجبهة الأمامية حيث قضى الرئيس شريف الليلة كاملة مع الجنود الحكوميين في محاولة لرفع معنوياتهم، في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لشن هجوم شامل علي معاقل المقاتلين الإسلاميين في العاصمة مقديشو. وقد قامت قوات الاتحاد الأفريقي التي تحرس القصر الرئاسي بإغلاق القصر الرئاسي ومنعت الخروج منه أو الدخول إليه حتى للموظفين العاملين في القصر الرئاسي لعدة ساعات، وأخضعت جميع مرافق القصر للتفتيش، وتم اعتقال شخص واحد على الأقل حتى الآن. كما فرضت الحكومة تعتيما إعلاميا على الحادث ولم يتم الكشف عن وقوع خسائر سواء في الموظفين في القصر أو صفوف الحرس الرئاسي وقوات الاتحاد الأفريقي.

وقد فاجأ حادث الانفجار الأوساط الأمنية الحكومية، حيث اعتبر اختراقا أمنيا خطيرا للحلقة الأمنية المحيطة بالرئيس الصومالي، وهو الحادث الأول من نوعه الذي يحدث داخل القصر الرئاسي، وكانت التهديدات التي يواجهها القصر الرئاسي سابقا تأتي من قبل المقاتلين الإسلاميين الذين كانوا يقصفونه بقذائف الهاون باستمرار لكن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها اختراق أمني تمكن فيه المنفذون من وضع قنبلة موقوتة في منصة كان مقررا أن يلقي منها الرئيس الصومالي خطاب يوم الاستقلال. في هذه الأثناء استمرت المعارك الدموية بين قوات الحكومة الصومالية التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي ومقاتلي حركة الشباب المجاهدين المعارضة. ودارت المعارك في أحياء شبس وعبد العزيز وكاران في شمال شرقي العاصمة، حيث حقق المقاتلون الإسلاميون فيها تقدما نحو القصر الرئاسي خلال الأيام الماضية، وشنت القوات الحكومية صباح أمس هجوما كبيرا واستعادت بعض المناطق من أيدي مقاتلي حركة الشباب. وقد أمضى الرئيس الصومالي الذي ارتدى البزة العسكرية الليلة الماضية في مواقع الجنود الحكوميين وكان برفقته قادة الجيش وبعض الوزراء في محاولة لرفع معنويات الجنود الحكوميين الذين تراجعوا عن مواقعهم الواحد بعد الآخر باتجاه القصر الرئاسي خلال الأسابيع الماضية. وقامت القوات الحكومية وقوات الاتحاد الأفريقي بقصف عنيف متواصل بالمدفعية الثقيلة منذ الليلة الماضية لمواقع مقاتلي حركة الشباب في شمال وشرق العاصمة، وأسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا وإصابة عشرات آخرين معظمهم من المدنيين الذين هوت المدافع على منازلهم في أماكن بعيدة عن مناطق المواجهات المباشرة. وأعلن الشيخ علي محمود راجي المتحدث باسم حركة الشباب عن إلحاق خسائر فادحة في صفوف القوات الحكومية وقوات الاتحاد الأفريقي. وقال: «إن دبابة تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي تم تدميرها في المعارك» لكن لم يصدر تعليق من الحكومة الصومالية أو من قوات الاتحاد الأفريقي. وكانت قوات الاتحاد الأفريقي قد خسرت عربتين عسكريتين وعددا من جنودها في معركة مماثلة شمال العاصمة الشهر الماضي. على صعيد آخر تحدت محطة إذاعية محلية تسمى «راديو شبيلا» قرار منع الإسلاميين المسلحين بث الموسيقى والأغاني، وبثت احتفالات الأعياد الوطنية. وقالت المحطة إنها لن تلتزم بالأوامر التي أصدرها الحزب الإسلامي الصومالي المعارض في أبريل (نيسان) الماضي؛ بحظر بث الأغاني والموسيقى. وقال عثمان عبد الله غوري مدير محطة شبيلا الإذاعية إن الأوامر المتسلسلة وممنوعات الحزب الإسلامي وصلت إلى حد غير مقبول بعد القرار الأخير بعدم بث برامج تتناول يوم الاستقلال الوطني. ووصف جوري القرار الأخير بأنه طمس لجانب مهم من تاريخ البلاد ولا يمكن قبوله. وأضاف: «إننا لن نلتزم بعد اليوم بالقرارات السابقة والحالية التي أصدرها الحزب الإسلامي». وتعد محطة شبيلا الإذاعية (وهي إحدى أشهر المحطات الإذاعية الخاصة في العاصمة) الأولى التي تتحدى قرار منع بث الأغاني والموسيقى، وبدأت صباح أمس ببث أغاني الاستقلال وأعادت بث جميع برامجها الموسيقية والأغاني بعد توقف دام نحو ثلاثة أشهر بسبب أوامر الحزب الإسلامي. وكان الحزب الإسلامي الصومالي الذي يتزعمه الشيخ حسن طاهر أويس قد أصدر قبل يومين قرارا جديدا بمنع الاحتفال بالمناسبات الوطنية ومن بينها يوم الاستقلال الذي يحتفل به في الأول من يوليو (تموز) بحجة كونها احتفالات «غير إسلامية» كما منع الحزب مشاهدة مباريات كأس العالم الجارية في جنوب أفريقيا، وأمهل الرجال البالغين 30 يوما لإطلاق لحاهم وقص شواربهم تنتهي في العشرين من الشهر الحالي تتم بعدها معاقبة جميع المخالفين وفقا للشريعة الإسلامية على حد تعبير المعلم حاشي فارح مسؤول الحزب الإسلامي في العاصمة.