حملات مناهضة لتوقيف «المتطاولين» على الرئيس اللبناني في «فيس بوك»

مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» توقيفهم قانوني ولا يستند إلى اعتبارات سياسية

الرئيس اللبناني ميشال سليمان خلال لقائه قائد الجيش العماد جان قهوجي (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

لا تزال قضية توقيف 3 شبان لبنانيين على خلفية اتهامهم بـ«قدح وذم وتحقير» رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان على موقع «فيس بوك» تأخذ حيزا إعلاميا وشعبيا وسياسيا. فمن الناحية الإعلامية يبدو التطرق لهذا الموضوع خجولا إلى حد ما مقارنة مع أي قضية مماثلة باستثناء تغطية المستجدات القانونية، والأمر لا يختلف كثيرا في الوسط السياسي حيث تغيب إلى حد ما تعليقات المسؤولين، وإن كان قد خرقها تعليق النائب عن كتلة التغيير والإصلاح نبيل نقولا الذي سأل: «لماذا لم يكن عند النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا الذي أمر بتوقيفهم وإحالتهم على القضاء للتحقيق معهم ومحاكمتهم، النخوة عينها يوم كانت تشن الحملات والتهديدات في حق رئيس الجمهورية السابق العماد إميل لحود وموقع الرئاسة، كما لم تكن لديه نفس النخوة ليكشف ويحاسب من يتعرضون يوميا لنواب الأمة على المواقع الإلكترونية وعلى (الفيس بوك)». مؤكدا أنه «سيأتي يوم ويحاكم فيه ميرزا».

أما على الصعيد الشعبي، فتأخذ القضية منحى آخر من قبل الشباب اللبناني الذي ينشط بقوة على موقع «فيس بوك» حيث كل يغني على ليلاه سياسيا، «من المدح المبالغ فيه إلى القدح والذم» وقد تصل إلى معارك سجالية وشتائم بين مناصري الأفرقاء السياسيين بعيدا عن أي إجراءات قانونية. لكن يبدو أن قضية توقيف هؤلاء الشباب وحدت بعض مناصري الأفرقاء المتخاصمين، وإن كان يقودها أشخاص محسوبون على المعارضة السابقة أو فريق «8 آذار»، فقد أتت مجموعة تحمل اسم «اشتم ولا يهمك.. لا للنظام الديكتاتوري القامع للحريات» حيث أطلق المنتسبون الذين بلغ عددهم 450 العنان لآرائهم المناهضة لتوقيف الشباب مرفقة أيضا بقدح وذم للرئيس نفسه. وهناك مجموعة أخرى حملت عنوان «لا لحكم الديناصورات كي لا يتحول لبنان إلى سجن عربي جديد» يدعو مؤسسوها إلى رفض ما تقوم به الدولة اللبنانية من اعتقالات لشباب كتبوا مقالات أو أبدوا آراءهم على الصفحات الإلكترونية، وحثهم على الضغط لإغلاق صفحة رئيس الجمهورية من خلال التبليغ عنها لإدارة «الفيس بوك» بسبب مخالفتها لشروط الاستخدام عبر استعمال المجموعة كمصيدة للشبان لاعتقالهم وملاحقتهم وتهديدهم بعد تعليقاتهم عليها.

أما على صعيد التحقيقات التي يجريها قاضي التحقيق الأول في بيروت غسان عويدات مع الموقوفين الثلاثة نعيم حنا، وأنطوان رميا وشبل قصب، الذين ينتمون إلى التيار الوطني الحر، فقد أكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «الإجراء الذي اتخذ بتوقيف الشبان الثلاثة المذكورين هو إجراء قانوني مائة في المائة، والتوقيف مستند إلى جرم ارتكبه هؤلاء بحق رئيس الجمهورية، وليست له أي خلفية أو اعتبارات سياسية»، وأعلن أن «القانون يجيز للنيابة العامة التحرك عفوا ومن دون أي تلكؤ عندما يتعلق الأمر بالمس بكرامة وسمعة رئيس البلاد، خلافا لكل القيادات الأخرى من رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة والوزراء والنواب فإن الدعوى العامة لا تتحرك إلا بعد ادعاء شخصي». موضحا أن «القانون يمنع ذم وتحقير أي مواطن عادي، فكيف بالأحرى إذا كان الأمر يتعلق برئيس الجمهورية الذي هو رمز الدولة ووحدتها؟».

وعلى الرغم من أن القانون اللبناني لا يلحظ عقوبات صريحة فيما يتعلق بالنشر الإلكتروني، فإن قانون العقوبات يؤكد في مادته الـ384 أن «من حقر رئس الدولة عوقب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين»، وتشير المادة 209 من القانون نفسه إلى أن العبارات المسيئة تعتبر «منشورة» إذا ما عرضت في مكان عام أو وزعت على شخص أو أكثر.

من جهته اعتبر أحد محاميي الموقوفين الثلاثة رفض ذكر اسمه أنه «إذا كانت القضية قانونية يفترض إطلاق سراح هؤلاء الشباب خصوصا أن أحدهم مر أكثر من 10 أيام على توقيفه»، واستغرب في اتصال مع «الشرق الأوسط» كيف «أن القضاء يوقف أشخاصا ويترك آخرين»، وسأل «لماذا لا يبادر القضاء إلى توقيف سياسيين وبعض المحميين طائفيا عندما يشتمون رئيس الجمهورية في حين يسارع إلى توقيف شبان يعبرون عن رأيهم، وليس لهم ظهر يحميهم»، منتقدا «صمت نقابة المحامين المريب عن قضية كهذه وتجاهل الإعلام لها»، مشيرا إلى أن «هذه الأساليب المتبعة ستشجع من بقي من الشباب على الهجرة والكفر بهذا البلد».

وفي حين اعتبر رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن «هذا الموضوع بعيد كل البعد عن السياسة، والتهم الموجهة إلى الشباب الثلاثة ليست سياسية إنما شخصية، وكل شخص يتعرض للقدح والذم يستطيع وفق القانون اللبناني أن يتقدم بدعوى»، مشيرا إلى أن هؤلاء الشبان «قالوا شيئا يندى له الجبين»، مشيرا إلى أن القضاء سيتخذ الإجراءات اللازمة. أكدت ماريا حنا، والدة نعيم حنا الموقوف في القضية أن «لا يوجد سباب في حق رئيس الجمهورية» على موقع «الفيس بوك».