مثول جواسيس روسيا أمام القضاء الأميركي.. وبحث عن «ممولهم» الفار في قبرص

موسكو تلتزم الصمت حيال أعداد مواطنيها المتورطين وتتعهد بتقديم المساعدة لهم

رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قبل دخوله مبنى الحكومة في موسكو لعقد اجتماع حكومي أمس (رويترز)
TT

مثل تسعة من الموقوفين العشرة في الولايات المتحدة بشبهة التجسس لصالح روسيا أمام محاكم أميركية أمس للمطالبة بإطلاق سراحهم بكفالة، بينما كثفت قبرص علميات البحث عن ممولهم المفترض إثر فراره. جاء هذا، في حين رفضت موسكو أمس الكشف عن أعداد المواطنين الروس المتورطين في فضيحة التجسس المزعومة، لكنها أكدت أنها ستمد مواطنيها المتورطين بمساعدة رسمية.

ولم تمثل الشابة الروسية آنا تشابمان، 28 عاما، أمام القضاء الأميركي بعد أن رفض قاض إطلاق سراحها، بحسب ما أوردت مصادر قضائية. وكان مقررا أن تجرى جلسات المحاكمة أمام ثلاث محاكم فيدرالية، في بوسطن، بولاية ماساتشوستس، ونيويورك، وألكسندريا في ولاية فرجينيا. ومثل الزوجان دونالد هاورد هيثفيلد وترايسي لي آن فولي، اللذان كانا قد أوقفا في منزلهما الأحد الماضي في بوسطن على أساس دعوى المباحث الفيدرالية التي تتهم الموقوفين الأحد عشر بالانتماء إلى شبكة تجسس تعمل لحساب روسيا، بعضهم منذ عقود.

ويؤكد مكتب المباحث الفيدرالية (إف بي آي) أنه أجرى تحرياته على مدى نحو عشر سنوات، لكن لم يتسرب أي شيء بعد حول أهمية المعلومات التي قدمها هؤلاء العملاء المفترضون الذين كانوا مكلفين، بحسب الدعاوى، التي رفعتها أقلام المحاكم بـ«التسلل إلى دوائر الحكم». إلا أن موسكو وواشنطن حرصتا على التهدئة، وكثرت التصريحات الصادرة عن الجانبين التي تؤكد أن الانفراج الذي شهدته علاقاتهما ليس مهددا وأنه لن يطرد أي دبلوماسي روسي من الولايات المتحدة. وفي الواقع، لم يوجه القضاء الأميركي أي تهمة رسمية إلى الجواسيس المفترضين، وجلسات المحاكمة أمس الخميس لا تتعلق في الوقت الحاضر سوى بطلبات قدمها محاموهم للإفراج المؤقت عنهم.

وفي نيويورك، حدد موعد جلسة تمهيدية في 27 يوليو (تموز) الحالي للمتهمين ريتشارد وسينتيا مورفي اللذين أوقفا في نيوجيرسي، وخوان لازارو والصحافية فيكي بيلايز اللذين أوقفا في المساء نفسه في منزلهما في يونكرز بالضاحية الشمالية لنيويورك، وسيدة الأعمال الروسية آنا تشابمان، 28 عاما، المقيمة في نيويورك في حي الأعمال بجنوب مانهاتن وهي الوحيدة التي جرى التأكد من جنسيتها الروسية حتى يوم أمس. وفي ألكسندريا بولاية فرجينيا، مثل أمس أمام قاض أيضا ثلاثة آخرون يشتبه في انتمائهم إلى الشبكة؛ هم مايكل زوتولي وباتريسيا ميلز وميخائيل سيمينكو.

في غضون ذلك، كثفت الشرطة القبرصية أمس بحثها عن رفيق للمجموعة، كانت اعتقلته الثلاثاء الماضي بناء على مذكرة توقيف دولية، قبل أن يفقد أثره بعد 24 ساعة من وضعه تحت الرقابة القضائية. وقد وضعت كل نقاط الخروج من الجزيرة (مرافئ ومطارات) تحت رقابة مشددة، وكذلك المنطقة العازلة التي تفصل الجنوب الذي تسكنه أكثرية يونانية، حيث اعتقل الكندي روبرت ميتسوس، 54 عاما، عن جمهورية قبرص التركية، كما قال مصدر في الشرطة. وصدرت مذكرة توقيف ضد هذا الكندي الملاحق الذي قد يحاول اللجوء إلى قبرص التركية التي لا تخضع لرقابة دولية ولا ترتبط بأي معاهدة تسليم مع بلدان أخرى بسبب وضعها كدولة معلنة من جانب واحد وتعترف بها تركيا وحدها. وتتهم السلطات الأميركية ميتسوس بأنه كان يمول المجموعة المتهمة بالتجسس في الولايات المتحدة. وهو ملاحق من قبل الولايات المتحدة بتهمة التجسس لصالح روسيا وتبييض 40 ألف دولار.

وردا على سؤال عن مكان وجود المشتبه فيه، قال وزير العدل القبرصي لوكاس لوكا في تصريح صحافي: «لدينا معلومات. ونعرف عموما مكان وجوده». ولم يقل ما إذا كان ميتسوس موجودا في «جمهورية شمال قبرص التركية». وأضاف: «لا أستطيع الإدلاء بأي تصريح يمكن أن يكون مغلوطا. لدينا معلومات، وآمل أن نعتقله في أسرع وقت».

من جهته، قال المتحدث باسم الشرطة ميخاليس كاتسونوتوس إن ميتسوس أخذ «كل أغراضه» من فندقه في لارنكا (جنوب) قبل أن يغادره. وأضاف أن وجوده في القواعد البريطانية في الجزيرة أو في شمال قبرص جزء «من سيناريوهات ممكنة».

وكان روبرت ميتسوس اعتقل الثلاثاء في مطار لارنكا بينما كان يستعد للسفر إلى بودابست. وقد أفرج عنه في اليوم نفسه مقابل كفالة قيمتها 32 ألف دولار، في انتظار احتمال تسليمه إلى الولايات المتحدة. وأصدر القاضي أمرا بوضعه تحت الرقابة القضائية، معتبرا أن إمكانات فراره ضعيفة، لكن ميتسوس لم يحضر مساء أول من أمس، إلى مركز شرطة لارنكا كما كان يفترض به أن يفعل.

من جهتها، رفضت الخارجية الروسية أمس الكشف عن أعداد المواطنين الروس المتورطين في فضيحة التجسس المزعومة في الولايات المتحدة لحساب الكرملين، مشيرة إلى وجود نقص في المعلومات الواردة في هذا الشأن. وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة آندري نيستيرينكو في تصريحات نقلها التلفزيون الروسي: «لا يمكنني قول شيء. لا أملك معلومات كافية عن هذا الموضوع». وأكد نيستيرينكو أن موسكو ستمد مواطنيها المتورطين في هذه الفضيحة بمساعدة رسمية.