البشير: لا مفاوضات بعد الدوحة.. ومن لا يقبل الصلح «سنلقنه درسا لن ينساه»

قال إن «حلايب سودانية» والعلاقات مع مصر قوية.. والترابي يثمن دور الجنوبيين في إطلاق سراحه

الترابي خلال استقباله المهنئين باطلاق سراحه أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن الرئيس السوداني عمر البشير أن منطقة حلايب الحدودية المتنازع عليها من مصر «سودانية وستعود للسودان»، في خطوة فسرت على أنها تعبر عن توتر شديد في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة، في وقت شدد فيه البشير على أن الحكومة ستلجأ إلى خيارات أخرى لحل أزمة دارفور، بعد أن أكد أن منبر الدوحة سيكون آخر منابر التفاوض السلمي حول الأزمة.

وفجر الرئيس عمر البشير قنبلة بالحديث المباشر لأول مرة عن مدينة حلايب المتنازع عليها مع مصر منذ بداية التسعينات في القرن الماضي، وقال البشير أمام حشد جماهيري كبير في مدينة بورتسودان في شرق البلاد: «حلايب سودانية وستظل سودانية»، وكان البشير يرتدي زي أهل الشرق وسكان حلايب خلال زيارة ليوم واحد.

ويفسر المراقبون إعلان البشير حول حلايب يعبر عما ظهر من جبل الجليد في توتر بين القاهرة والخرطوم، رغم أنه تابع قائلا: «إن العلاقات مع مصر ستبقى قوية». ويتزامن ذلك مع أول زيارة للقاهرة يقوم بها وزير الدولة بوزارة الخارجية كمال حسن علي، وكان علي مسؤولا عن مكتب المؤتمر الوطني بمصر.

وفي سياق آخر شدد الرئيس البشير على أن منبر الدوحة لحل مشكلة دارفور هو آخر الجولات التفاوضية، وقال: «إن منبر الدوحة هو آخر المنابر لتحقيق السلام في الإقليم، بنهاية العام الحالي»، وهدد الحركات المسلحة الرافضة للمفاوضات بأن من لا يقبل عملية السلام والصلح «فعليه مقابلتنا في الغابة والخلاء وسنلقنه درسا لن ينساه». وأكد أن أي جولات قادمة لن تكون إلا داخل البلاد.

وترعى دولة قطر مفاوضات سلام بين الخرطوم وحركة التحرير والعدالة بعد انسحاب حركة العدل والمساواة من المفاوضات لاتهامها الوساطة القطرية بالانحياز، وحول قضية الوحدة جدد البشير موقفه السابق قائلا: «إن برنامج الحكومة القادم هو توحيد البلاد»، ووعد بإكمال الكثير من المشروعات في جنوب البلاد، مشيرا إلى أن «الروابط بين الشمال والجنوب أكبر من أن تفصل بقرار».

إلى ذلك حذر زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي بعد إطلاق سراحه من أن «السودان مواجه بخطر التمزق، وهو أمر يحتم منح الحريات وبسطها لمشاركة كل القوى السياسية للمساهمة في حل المشكلات الكبيرة التي تواجهها البلاد». وأضاف خلال حفل تم تنظيمه بمشاركة الحركة الشعبية وحزب الأمة القومي والحزب الشيوعي السوداني: «الشعب السوداني الآن ليس حرا، وهناك سلطان يكبت ويقمع وقابض على الحريات وعلى الاقتصاد، وهو ما قد يمزق البلاد».

وقال الترابي إن قرار إطلاق سراحه مساء أول من أمس كان مفاجئا بالنسبة له، بمثل ما كان قرار اعتقاله مفاجئا، وإن القرار جاء بعد ضغط من القوى السياسية، خصوصا في جنوب السودان، مشيرا إلى أنه وطوال فترة اعتقاله لم يتم التحقيق معه أو إخطاره بأسباب اعتقاله. واعتبرت القيادية في حزب الأمة مريم الصادق المهدي اعتقال الترابي «رسالة للقوى السياسية بعدم السماح للحريات»، ووصفت الاعتقال بأنه «غير قانوني وغير دستوري»، معتبرة أن «غياب الحريات يهدد وحدة السودان».

وفي ذات السياق شدد القيادي في الحزب الشيوعي صديق يوسف على أن «مؤسسة الاعتقال التحفظي هي دكتاتورية لن تنتهي إلا بالتصدي لها»، بينما اعتبر نائب الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان أن «إطلاق الترابي جاء نتيجة لنضال الشعب السوداني»، مشددا على ضرورة إجراء الاستفتاء لجنوب السودان في وقته المحدد.

من جهة ثانية دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السودان إلى التحقيق في «انتهاكات» لحقوق الإنسان و«تجاوزات» شابت العملية الانتخابية في أبريل (نيسان) الماضي، من أجل ضمان احترام الحريات الأساسية خلال الاستفتاء حول استقلال جنوب السودان المقرر إجراؤه مطلع العام المقبل. وقالت المنظمة إنها «وثّقت» حالات انتهاك للحقوق الأساسية للمواطنين، من بينها اعتقالات لنشطاء وقيود على حرية التجمع والصحافة، موضحة أن هذه الانتهاكات وقعت قبل وأثناء وبعد انتخابات أبريل التي انتخب خلالها الرئيس عمر البشير مجددا رئيسا للجمهورية. وأشارت «هيومن رايتس ووتش» إلى حالات «ترويع» و«مضايقات» قامت بها الحركة الشعبية لتحرير السودان (جنوب) أثناء الفترة الانتخابية.

وقالت مديرة قسم أفريقيا في المنظمة، رونا بيليغال، إن «تجاهل هذه التجاوزات لن يكون مؤشرا حسنا للاستفتاء المقرر إجراؤه في يناير (كانون الثاني) المقبل». ومع اقتراب هذا الاستفتاء، الذي يحتمل أن يقود إلى انقسام أكبر دولة في أفريقيا، دعت «هيومن رايتس ووتش» حكومة الخرطوم إلى تعديل قانون الأمن القومي الذي يتيح الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر ونصف. كما طالبت المنظمة جيش جنوب السودان بـ«إبلاغ قادته فورا بأنه ستتم محاكمة الجنود في حالة ارتكابهم جرائم بحق المدنيين».

ودعت «هيومن رايتس ووتش» المجتمع الدولي إلى عدم التغاضي عن «التجاوزات» الانتخابية. وقالت «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها إن المجتمع الدولي «ساند بشكل عام العملية الانتخابية ولم يُدِن التجاوزات التي وقعت، ما يعكس تصميمه على التنفيذ الكامل لاتفاقية السلام الشامل (بين الشمال والجنوب الموقعة عام 2005) وسيادة السلام في السودان خلال استفتاء 2011 أيا كان الثمن». واعتبرت المنظمة أن شركاء السودان والدول الراعية لاتفاقية السلام الشامل (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج) «يفترض أن تقوم بدور هام لدفع السلطات السودانية إلى وضع حد للإفلات من العقاب في حالة وقوع تجاوزات».