أوباما: عقوباتنا ستضرب قلب قدرة طهران على تطوير برنامجها النووي

شركة تأمين عالمية تقلص تغطيتها لسفن النفط المتوجهة إلى إيران.. ونجاد يتوجه إلى نيجيريا

الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يلتقط قلما للتوقيع على قانون العقوبات الأميركية الجديد على إيران في واشنطن، مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

ابتداء من مساء أول من أمس، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران تعتبر الأشد في تاريخ الخلاف الطويل بين البلدين. ووقع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، «قانون العقوبات الإيرانية الشاملة والمحاسبة وسحب الاستثمارات» في حفل توقيع في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض، حضر هذا التوقيع عدد من المسؤولين وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، التي سعت إلى فرض هذه العقوبات منذ أشهر.

وصادق أوباما على القانون الجديد في السادسة والنصف مساء بتوقيت واشنطن، حيث ألقى تصريحات في مناسبة مفتوحة للصحافيين ودعي إليها كبار قيادات الكونغرس الذين عملوا منذ أشهر على تمرير القانون الجديد.

وفي رد غير مباشر على كل المشككين في نظام العقوبات لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، قال أوباما إن «بهذه العقوبات، نضرب قلب قدرة الحكومة الإيرانية على تمويل وتطوير برنامجها النووي». وأضاف: «نحن نظهر للحكومة الإيرانية أن أفعالها تؤدي إلى نتائج، وإذا استمرت (في تحديها فإن) الضغوط ستتصاعد وعزلتها ستزيد عمقا». وأضاف: «يجب أن لا يكون هناك شك، الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مصران على منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية».

وحرص أوباما على بدء تصريحاته بعمله على وضع «أجندة شاملة لحظر انتشار الأسلحة النووية و(دعم الأمن النووي)». وقال إن بلاده أظهرت ذلك من خلال أفعالها، لافتا إلى توقيع اتفاقية «ستارت» جديدة مع روسيا، بالإضافة إلى العمل على تقوية معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

ولفت الرئيس الأميركي إلى مصادقة مجلس الأمن على أشد عقوبات على إيران الأسبوع الماضي، مؤكدا عزمه على «التأكد من تطبيق هذه العقوبات بحيوية». وبالإضافة إلى تطبيق تلك العقوبات، أكد أوباما أن إدارته ستعمل مع «حلفاء وأصدقاء على تحسين وتطبيق عقوباتنا على إيران». وهذا ما تعمل عليه وزارتا الخزانة والخارجية الأميركية مع دول عدة، وبخاصة مع الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أوباما أن القرار الأميركي الجديد يتماشى مع قرار مجلس الأمن، موضحا أن «هذا التشريع يقوي العقوبات الحالية ويعطي صلاحيات لعقوبات جديدة ويدعم استراتيجيتنا الدبلوماسية المتعددة الأطراف لمعالجة البرنامج الإيرانية النووي». وأضاف أن القانون الأميركي الجديد «يجعله من الأصعب على الحكومة الإيرانية شراء النفط المكرر والمنتجات والخدمات والمواد الضرورية لتطوير قطاعي النفط والغاز الطبيعي في إيران». وتابع أن القانون الجديد «يصعب على الحرس الثوري والبنوك التي تدعم برامج إيران النووية والإرهاب أن يتعامل في القطاع المالي الدولي».

ويستهدف القانون الجديد الشركات الدولية ويجعلها تختار بين الولايات المتحدة وإيران. وقال أوباما إن التشريع الأميركي الجديد «يقول للشركات التي تبحث عن عقود مع الحكومة الأميركية: إذا كنتم تريدون العمل معنا، فإن عليكم أولا أن تبرهنوا على أنكم لا تتعاملون بطريقة غير شرعية مع إيران».

ومع توقيع أوباما القرار مساء أول من أمس، أصبحت إيران تواجه أشد عقوبات تفرضها الولايات المتحدة عليها منذ أكثر من 30 عاما من الخلاف بين البلدين. و«قانون العقوبات الإيرانية الشاملة والمحاسبة وسحب الاستثمارات» يهدف إلى دفع مؤسسات وشركات دولية على عدم الاستثمار أو التعامل مع إيران، بعد أن فرض حظرا على الشركات الأميركية من التعامل مع إيران سابقا. واعتبر أوباما أن إقرار القانون الأميركي الجديد «خطوة أخرى تظهر التأييد الواسع بين الحزبين على محاسبة إيران».

وأكد أوباما أن من «أكبر أولوياتي للأمن الوطني، منع انتشار الأسلحة النووية»، مما يدعوه إلى مواصلة الضغوط على إيران. وقال إن هناك «دولة واحدة موقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية - فقط واحدة - التي لم تستطع أن تقنع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن أهداف برنامجها النووي سلمية»، مضيفا: «هذه الدولة هي إيران». ولم يقصر أوباما تصريحاته على البرنامج النووي الإيراني، قائلا إنه بالإضافة إلى المضي قدما ببرنامجها النووي رغم قرارات مجلس الأمن، فإن إيران «تدعم الجماعات الإرهابية وتضطهد طموحات الشعب الإيراني».

وحمل أوباما النظام الإيراني مسؤولية فرض المزيد من العقوبات على إيران، قائلا: «لم نسع إلى مثل هذا اليوم، ولكن هذه نتيجة اختارتها الحكومة الإيرانية عندما فشلت أكثر من مرة في تحمل مسؤولياتها». ويبدو أن الإدارة الأميركية ما زالت ملتزمة بخيار الدبلوماسية، ولكن بشروط. وقال أوباما: «باب الدبلوماسية ما زال مفتوحا ويمكن لإيران أن تثبت أن نواياها سلمية ويمكنها أن تلتزم بتعهداتها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وتحقيق الأمن والازدهار الذي تستحقه دولة عظيمة».

وحرص أوباما على الإشارة إلى حقوق الشعب الإيراني، قائلا: «نحن نوجه رسالة لا لبس فيها بأن الولايات المتحدة تقف إلى جوار الشعب الإيراني، بينما يسعون إلى الحفاظ على حقوقهم العالمية». وأضاف: «هذا التشريع يفرض عقوبات على الأشخاص الذين ينتهكون حقوق الإنسان بشكل خطير ويستثني التقنيات التي تساعد الشعب الإيراني على الحصول على المعلومات والتواصل بحرية من حظرنا التجاري». وتابع أن بلاده تتطلع إلى مستقبل جديد يسمح لـ«إعادة تولي إيران موقعها في المجتمع الدولي والحصول على الأمن والازدهار».

وتحدث أوباما عن الاستعداد الأولي لإداراته «فتح فصل جديد من التواصل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، مضيفا: «عرضنا على الحكومة الإيرانية خيارا واضحا، أن تفي بالتزاماتها الدولية وأن تحقق الأمن الأكبر والاندماج الاقتصادي والسياسي الأعمق مع العالم ومستقبل أفضل لكل الإيرانيين، أو أن تواصل عدم تحمل مسؤولياتها وتواصل المزيد من الضغوط والعزلة». واعتبر أن «إيران حتى الآن اختارت طريق التحدي، ولهذا بنينا تحالفا أوسع وأعمق من الدول للضغط على الحكومة الإيرانية».

وفي سياق متصل، أعلنت شركة تأمين عالمية عن تقليص تغطيتها التأمينية على السفن التي تنقل مواد نفطية إلى إيران، في إشارة إلى التزامها بقانون العقوبات الأميركي الجديد على طهران. وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية على موقعها على الإنترنت، مساء أول من أمس، إن سوق لويدز للتأمين اتجهت لتقليص تغطيتها التأمينية لأي سفن تنقل مواد نفطية إلى إيران.

إلى ذلك، يزور الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، خلال عطلة نهاية الأسبوع، نيجيريا الرئيس الدوري الجديد لمجلس الأمن الدولي، في محاولة لبناء تحالفات لمواجهة العقوبات الدولية.