تناغم فلسطيني ـ إسرائيلي في لقاء بالرباط

إسرائيليون يطالبون المغرب باستعادة دورها السابق في التقريب بينهم وبين الفلسطينيين

TT

ساد تناغم فلسطيني - إسرائيلي في مؤتمر ترعاه الأمم المتحدة في الرباط، ودعا مشاركون في «اجتماع اللجنة الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف» الولايات المتحدة إلى التدخل من أجل حسم الخلافات بين الجانبين، في حين طالب إسرائيليون المغرب بالعودة إلى لعب دور كان يلعبه منذ 15 سنة في التقريب بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ودعا نائب إسرائيلي، الليلة قبل الماضية خلال المؤتمر، إلى تعزيز الدور الأميركي في النزاع العربي - الإسرائيلي، معتبرا إياه الوسيلة الوحيدة الكفيلة بالدفع بمسلسل السلام في المنطقة، مشيرا إلى أن هناك عناصر جديدة إيجابية في الملف تدعو إلى التفاؤل وتنذر بنهاية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتوقع في هذا السياق أن تنشأ الدولة الفلسطينية بعد خمس سنوات.

وقال دانييل بن سيمون، عضو الكنيست وحزب العمال الإسرائيلي، خلال اجتماع الرباط إن الإسرائيليين ليسوا سعداء بالأوضاع في إسرائيل وكانوا ينتظرون الكثير من رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو. وأضاف: «لست سعيدا بما يحدث، والإسرائيليون غير راضين أيضا وكانوا يعتقدون أن نتنياهو الأول ليس هو نتنياهو الثاني». وزاد: «إسرائيل لم تنجز شيئا إلى الآن، لكن ساعة الحقيقة اقتربت وعليها إظهار ما هي ماضية إليه».

واعتبر بن سيمون أن الطرف الأميركي وحده يملك الحل في ما يخص النزاع العربي - الإسرائيلي، مؤكدا أنه لا يمكن معالجة الحلول الكفيلة بحل الدولتين في غياب الدور الأميركي. ودعا بن سيمون الرئيس باراك أوباما إلى زيارة إسرائيل كما فعل جيمي كارتر وبل كلينتون وجورج بوش الأب. وقال إن الأوروبيين والأفارقة دورهم أقل بكثير من دور الأميركيين في القضية. وأوضح بن سيمون أن إسرائيل عندما تكون مهددة أمنيا لا تتحرك ليس فقط لأسباب عسكرية أمنية بل لأسباب نفسية أيضا. وقال إن نتنياهو لم ينطق بكلمة الفصل بعد وقال إنه قوي وله شعبية كبيرة، وأي قرار يتخذه سيحظى بالتأييد. وأضاف: «إذا لم يحسم نتنياهو في الموضوع فسنقوم بما علينا القيام به»، وزاد أنه «بعد بضعة أشهر وبالضبط في سبتمبر (أيلول) المقبل سيثبت إن كان هذا التحالف ناجحا، أو يتعين علينا تفكيكه و(نذهب إلى) انتخابات مبكرة». وقال إن تحالفه سيقوم بإقناع حزب كديما المعارض بالانضمام إلى الحكومة للنهوض بالسلام، وزاد: «ربما نغادر هذا التحالف ونشكل تحالفا جديدا، وتسيبي ليفني قد تنضم إلى هذا التحالف وهذا أمر جديد».

وأشار بن سيمون إلى الدور المغربي في مسلسل النزاع العربي - الإسرائيلي، وقال إنه تقلص بشكل كبير. وتابع: «حبذا لو يسترجع المغرب المكانة التي كان يحظى بها في هذه المشكلة قبل 15 سنة وأتمنى أن يعود إلى الساحة بقوة».

وفي ما يخص آفاق عملية السلام قال سيمون إنه يجب النظر للجانب الإيجابي أيضا، ولأول مرة منذ عام 1967 يتحدث رئيس وزراء إسرائيلي عن تجميد الاستيطان ولو جزئيا وهذا أمر جديد. وأضاف أن السياسة الإسرائيلية أصبحت تتكلم عن حل الدولتين. وزاد: «نتنياهو قال إن الفلسطينيين والإسرائيليين يعيشون جنبا إلى جنب». وقال سيمون إن أهم حزب يميني في إسرائيل قبل فكرة الدولتين، وهذا أيضا من الأمور الإيجابية والمشجعة. وتابع: «أحس بأن العام المقبل سيكون أفضل حالا، والدولة الفلسطينية من المتوقع أن تنشأ بعد خمس سنوات». واعتبر بن سيمون أن فكرة تقسيم القدس بجدار فاصل غير ممكنة فهي عاصمة لشعبين، و«باعتقادي، يجب أن تبقى القدس مدينة موحدة تخضع لسيادتين، وحزبا كديما والعمل سيرحبان بالفكرة إن قام أوباما بطرحها».

من جهته، استنكر أحمد قريع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تمادي إسرائيل في عملياتها الاستيطانية وسعيها المتواصل لتغيير المعالم الدينية والثقافية لمدينة القدس. وقال إن الحفريات التي تقوم بها الدولة العبرية تحت مسجد الأقصى أصبحت الكارثة الكبرى التي تهدد مشروع السلام. وأعلن قريع أن المخطط الإسرائيلي الحالي هو تقليل عدد الفلسطينيين مقابل الرفع من عدد الإسرائيليين ومصادرة أراضي الفلسطينيين وتوسيع عمليات الاستيطان.

وفي معرض حديثه حول الدور الأميركي في النزاع، قال قريع: «أميركا قدر لا بد منه بسبب قوتها ومكانتها». وأضاف: «للأسف، الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، لكن في الآونة الأخيرة لوحظ تحول بطيء في السياسية الأميركية تجاه القضية الفلسطينية». وقال إن أوباما أبدى رغبته في إيجاد حل نهائي وعادل للنزاع، ودعا إلى وقف الاستيطان قبل أن يحصل تراجع عن الموقف، وأضاف في هذا السياق أن الولايات المتحدة الأميركية لم تتمكن من وقف الاستيطان مع أنها قادرة على ذلك.

وقال قريع إن الشجب الدولي لما تقوم به إسرائيل يجب أن يتم ترجمته على أرض الواقع، داعيا إلى فرض عقوبات على الدولة العبرية على غرار إيران. وتساءل قائلا: «لماذا تُفرَض عقوبات على إيران ودول أخرى بينما لا تفرض على إسرائيل التي ترتكب جرائم وتغتصب الأراضي الفلسطينية؟».

وفي ما يخص الموقف الإسرائيلي من قضية القدس، قال قريع إن هذا الموقف يقوم على أساس أن القدس الشرقية والغربية هما مدينة واحدة ولكن تحت الهيمنة الإسرائيلية وسيادة الاحتلال وشريعة الغاب وستبقى كذلك مع إمكانية إجراء بعض الانسحابات الشكلية من بعض الأحياء العربية المقدسية بما يقدم صورة مشوهة للحل ويترك الباب مفتوحا لاستمرار الصراع.

من جانبه، قال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إن هذا الاجتماع ينعقد في وقت يسوده توتر وعدم تيقن، إذ إن محادثات التقارب الإسرائيلي الفلسطيني التي تجرى عن طريق الأمم المتحدة مستمرة، لكن تكتنفها تعقيدات من جراء الأزمات القائمة على أرض الواقع. وأضاف في كلمة ألقاها بالنيابة عنه بدر الدفع، الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، إن على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تجنب القيام بأعمال استفزازية واغتنام الفرصة التي تتيحها المحادثات.

وأضاف مون أن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان ممكنا الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، في ظل إجراءات أكثر إيجابية على أرض الواقع في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية. وأهاب الأمين العام الأممي بحماس التي تبدي مسؤولية سياسية من خلال تعزيز وقف ممتد لإطلاق النار والمضي قدما في ورقة المصالحة المصرية. وأضاف أن الاستمرار في أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط لا يخدم أي مصلحة فلسطينية، داعيا إلى إطلاق سراحه والسماح بالاتصال به. ودعا بان كي مون كذلك إلى وقف الأنشطة الاستيطانية في القدس وكذا التدابير التي تميز ضد السكان الفلسطينيين في المدينة، وقال إنه ينبغي أن تفتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية أبوابها من جديد وفقا لخريطة الطريق.

من جهته، قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي، إن الأمم المتحدة لا يمكن أن تظل مجرد محفل دولي لمتابعة تطورات القضية الفلسطينية والاقتصار على التنديد بالانتهاكات المتكررة للسلطات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وأضاف: «لا خيار لديها لفرض مصداقيتها في المشهد الدولي سوى تحمل مسؤولياتها كاملة إزاء القضية الفلسطينية». وقال الفهري إنه لا سلام في الأراضي الفلسطينية في غياب دولة فلسطينية مستقلة وموحدة ومتصلة الحدود جغرافيا بين الضفة الغربية وغزة عاصمتها القدس الشرقية، ولا سلام دون حدود واضحة ثابتة، ولا سلام في ظل الحلول الأحادية الجزئية والقرارات المؤقتة.

وقال الفهري: «إن ما تقوم به إسرائيل في الآونة الأخيرة لا يمكن لأي ضمير أن يقبله»، مشيرا إلى أن مستقبل القدس لا يجب تحت أي ظرف من الظروف أن يظل خاضعا لمنطق القوة والطروحات أحادية الجانب، كما أن هذا الملف المصيري لا يمكن أن يترك للمجهول ولحلول مؤقتة.

وفي غضون ذلك، نددت إحدى الجمعيات المغربية بانعقاد لقاء الرباط، معتبرة إياه «مؤتمرا صهيونيا». وقال بيان أصدرته جمعية «مجموعة العمل الوطنية لمساندة فلسطين والعراق» إن نسبة المشاركين الإسرائيليين في اللقاء تفوق نسبة المشاركة المغربية والأفريقية.