صحافيو العراق يخرقون حظر التجول وينظمون أمسيات ثقافية وفنية وسط بغداد

أحد المشاركين لـ«الشرق الأوسط»: القرار السياسي سرق عامين من أهالي العاصمة

بعض الحاضرين لفعاليات أمسية أول من أمس في ساحة الفردوس («الشرق الأوسط»)
TT

ملف السرقات في بلد مثل العراق لم يقتصر على الأموال والعقارات والأراضي والجهد والمال العام والخاص، بل امتد حتى إلى سرقة الزمن من أبنائه، فبعد ثماني سنوات من الأوضاع الاستثنائية في العراق، صحا الشارع على أن القرار السياسي سرق منه ست ساعات وأكثر في كل يوم بسبب حظر التجوال الليلي في بغداد، الذي تمكن نخبة من الصحافيين والأدباء والفنانين العراقيين من خرقه مؤخرا عبر اعتصام نظموه احتجاجا على تأخر تشكيل الحكومة ليتحول بعد أيام إلى أمسيات ثقافية وشعرية وغنائية وموسيقية تنتظم كل مساء بعد العاشرة في ساحة الفردوس التي شهدت سقوط تمثال الرئيس السابق صدام حسين عام 2003، وتستمر حتى الساعة الخامسة فجرا. وشاركت «الشرق الأوسط» في خرق حظر التجوال في بغداد مساء أول من أمس، وكان مساء جميلا، حيث تمكنت الموسيقى من إيصال صوت المعتصمين في ساحة الفردوس، وكان أمرا غريبا أن يتوجه لهذه الساحة العشرات من المواطنين رغم علمهم بأنهم لن يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم إلا بعد الساعة الخامسة فجرا وهو موعد انتهاء ساعات الحظر. اللواء قاسم عطا المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد كان من بين الحضور أيضا، ومشهد بغداد ليلا جعله يعلن عن وجود مساع لتقليص ساعات الحظر تمهيدا لرفعه بشكل كامل بعد تحسن الأمن في العاصمة.

وتناول الحضور أحاديث كثيرة من بينها أمسيات بغداد، هذه المدينة التي كانت لا تعرف النوم أبدا؛ حيث اتصلت ساعات نهارها بليلها. وساعات ما بعد منتصف الليل كانت ملاذا للعائلة البغدادية تجد فيها متنفسا للتبضع والتجول وارتياد الساحات العامة والأسواق والمطاعم والمسارح. أما اليوم وبحسب الصحافي زياد العجيلي «فإن أصحاب القرار سرقوا هذه الساعات الست من المواطنين وعطلوا الكثير من الأعمال». وأضاف العجيلي: «ربع الثماني سنوات تعني سنتين سرقت منا بسبب عدم معرفة السياسيين أن هناك حظرا للتجوال في بغداد؛ فلا أحد في الشارع من عناصر الأجهزة الأمنية قادر على منع موكب وزير ومسؤول، فقط يطبق على المواطنين البسطاء، وحتى الحالات الخطرة يجب أن تنقل عبر الأجهزة الأمنية منها إسعاف الحالات الطارئة وغيرها». نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن اعتصام الصحافيين «الذي تحول إلى أمسيات جميلة بأسلوب حضاري في مكان معلوم وبشكل لا يؤثر على أي مفصل أمني رسالة للحكومة لإيقاف الخلافات والبدء بتشكيل الحكومة، ورغم معاناة الأسرة الصحافية خلال العمل لكنهم أرادوا إيصال رسالة كأفراد من الشعب».

وبين اللامي بشأن آخر الدعاوى المقامة ضد الصحافيين أنه «حتى الآن هناك 70 دعوى مقدمة بحق صحافيين ونترافع بها من خلال الفريق القانوني في النقابة، بعضها حسم وبعضها قيد الحسم، وطريقة الدفاع تتجه إلى طريقة قانونية عبر المحاكم والثانية بحسم القضية وديا مع الجهات التي رفعت الدعاوى وأغلبهم من المسؤولين الذين يعتقدون أن الصحافي تقصدهم بكتاباته وهذا غير صحيح»، مشيرا إلى أن «أغلب الدعاوى أقيمت من قبل مسؤولين في الدولة والأحزاب ولا توجد دعاوى أقيمت من جهات خاصة إلا ما ندر ونحن نحاول حاليا إسقاط جميع الدعاوى». وبين اللامي أنه لا يحبذ التعامل بالمثل مع المسؤولين «رغم الخروقات الموجهة بحق الإعلاميين ومن حقنا مقاضاتهم لكننا نشجعهم على التعامل معنا كما نعاملهم». وبين اللامي أن «هناك الكثير من المبادرات التي تعد من حق الإعلاميين نسعى لتحقيقها، منها الانتهاء من تخصيص قطع أراض ستخصص لبناء مجمعين في الكرخ والرصافة بحدود 5000 شقة للصحافيين وأيضا تخصيص قطع أراض للصحافيين في الانبار وكربلاء والبصرة وميسان وديالى وصلاح الدين، واتفقنا مع شركات لتجهيز الصحافيين بأجهزة كومبيوتر مجانية وبعد أيام سنعلن عن بدء المنحة الشهرية الثابتة التي سيتسلمها الصحافي عبر نظام البطاقة الذكية».