باكستان: ارتفاع ضحايا الهجوم الانتحاري المزدوج في لاهور إلى 42 قتيلا

احتجاجات شارك فيها مسلحون تطالب الحكومة بإجراءات أكثر صرامة ضد الإرهابيين

باكستانيون يتظاهرون خارج مزار صوفي في لاهور أمس وذلك بعد الهجوم الانتحاري على المزار (أ.ف.ب)
TT

نظم باكستانيون احتجاجات، أمس، للمطالبة باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المتشددين بعد أن قتل العشرات في تفجيرات انتحارية بأهم الأقاليم الباكستانية من الناحية الاقتصادية والمقر التقليدي للسلطة.

وفي ثاني هجوم ضخم في غضون شهر بمدينة لاهور في شرق باكستان، وهي معقل البنجاب فجر انتحاريان نفسيهما في مزار صوفي مساء أول من أمس فقتلوا 42 شخصا على الأقل وأصابوا 175 آخرين. وستضيف الخسائر ضغوطا جديدة على الدولة الباكستانية لقمع عنف المتشددين بعدما عززت مكاسب حققتها في هجمات على متمردي طالبان في شمال غربي البلاد من موقف الجيش. وعززت باكستان، حسب «رويترز»، الأمن في مزارات الصوفيين فيها، بينما سعت الحكومة الباكستانية، التي تدعمها الولايات المتحدة، إلى تحقيق الاستقرار في مواجهة أعمال العنف المتزايدة.

ودعا الباكستانيون المحبطون بالفعل، بسبب تعثر الاقتصاد وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة، إلى استقالة مسؤولين في حكومة البنجاب بعد أعمال العنف.

وتظاهر نحو ألفي شخص، بعضهم من المسلحين في لاهور ورددوا شعارات مثل «يسقط شاهباز شريف»، في إشارة إلى رئيس وزراء إقليم البنجاب. وسخر المتظاهرون من تعهدات شريف المتكررة بهزيمة الإرهابيين. وكان بعض المتظاهرين ملثمين ويحملون بنادق هجومية من طراز «إيه كيه 47»، في إشارة إلى أن الصراع بين المسلحين والصوفيين قد يتصاعد.

وقال رجل الدين محمد نعيم لقناة «دنيا» التلفزيونية الخاصة: «تكثر مثل هذه الهجمات في البنجاب. أعتقد الآن أنه يجب أن تستخدم يد من حديد بدلا من التهديد باستخدامها بعد كل هجوم من هذا النوع».

وقال راغب نعيمي، وهو رجل دين مناهض لطالبان قتل والده الذي كان معروفا بصراحته في هجوم انتحاري في لاهور العام الماضي: «ظللنا دائما مسالمين، لكن يجب أن لا يوضع صبرنا رهن الاختبار بعد الآن».

وأضاف: «يجب أن لا تحظر الحكومة أسماء الجماعات الإرهابية فحسب، وإنما يجب أن تقمع أنشطتها أيضا. فالجماعات المحظورة تنشط بحرية في البلد وتستخدم أسماء جديدة».

وكان المئات في مزار الولي الصوفي الفارسي، سيد علي هاجويري، في وسط لاهور عندما وقع الهجوم، أول من أمس، ويعرف المزار عموما باسم «داتا جونج بخش». ورفع محتجون لافتات بعد صلاة الجمعة كتبوا عليها عبارات تحث السلطات على إغلاق المدارس الدينية التي تدرس فيها آيديولوجية حركة طالبان.

وألقى مسؤولون المسؤولية عن الهجمات على «طالبان البنجاب»، وهو مصطلح مستخدم للمتشددين في البنجاب الذين انضموا إلى صفوف طالبان في شمال غربي باكستان.

وقتل أكثر من 80 شخصا في هجومين على مساجد للأقلية الأحمدية في باكستان في مايو (أيار). وأعلنت أمس، الجمعة، حالة الطوارئ القصوى في لاهور، ثاني مدن باكستان، غداة اعتداء انتحاري مزدوج استهدف ضريح أحد شيوخ الطرق الصوفية.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اعتداءات لاهور، لكن طالبان الباكستانية المرتبطة بـ«القاعدة»، إضافة إلى جماعات إسلامية على صلة بها، سبق أن نفذت مجموعة هجمات مثل هذه.

وفجر انتحاريان عبوات ناسفة مساء الخميس أثناء تجمع آلاف الزائرين عند مزار أبو الحسن علي هاجويري، الصوفي، الذي يعود للقرن الحادي عشر والمعروف باسم «داتا جانج بخش».

وفجر الانتحاري الأول حزامه الناسف في طابق تحت الأرض، حيث كان الكثير من المصلين يتوضأون. ثم فجر الانتحاري الثاني عبوته في باحة الضريح الواقع في قلب المدينة عندما كان حشد من الرجال والنساء والأطفال يحاول الفرار، على ما روى شهود لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال سجاد بوتا، المسؤول الحكومي البارز، حسب وكالة الأنباء الألمانية: «ارتفع عدد القتلى إلى 42 شخصا وأصيب 174 غيرهم.. ولا يزال نحو 12 مصابا في حالة حرجة». وأظهرت لقطات تلفزيونية ساحة الضريح من الرخام الأبيض وأشلاء الجثث وبرك الدماء تغطيها. ونقلت صحيفة «نيوز» اليومية عن أحد شهود العيان قوله: «رأيت دخانا أسود يتصاعد فوق المزار». وقال شاهد آخر كان في ساحة المزار عندما وقع الانفجار الأول: «رجال ونساء وأطفال.. كانوا يحاولون الجري في كل اتجاه هربا». وقال خورسو بارفيز، رئيس الإدارة المدنية، إن المحققين عثروا على رءوس المهاجمين وحمالات تستخدم في السترات المفخخة التي يرتديها الانتحاريون. ونقلت قناة «دنيا» التلفزيونية عن مسؤولين أمنيين، لم تذكر أسماءهم، أنه تم التعرف على هوية أحد الانتحاريين ويدعى عثمان باركي (16 عاما) وهو من سكان لاهور. وشاهدت أسرته صوره عبر شاشة التلفزيون، وكان متغيبا عن منزله منذ أيام قليلة. وقال بارفيز: «إن الهجوم على مزار رجل صوفي يحظى باحترام المسلمين واتباع الديانات الأخرى.. أمر يستحق الإدانة». ونقلت «نيوز» عن مسؤولي المزار قولهم إن المزار كان يتلقى تهديدات.

على صعيد ردود الفعل الخارجية أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، أمس، عن «صدمتها» لاعتداءي لاهور في باكستان، وقالت إنهما يشكلان هجوما على المسلمين «المعتدلين»، و«كل الذين لا يشاركون مرتكبيهما أفكارهم المتعصبة». وأعلنت أشتون في بيان أن الاتحاد الأوروبي «يدعم بقوة مساعي باكستان لإحالة مرتكبي هذه الأعمال إلى القضاء»، معتبرة أن هذه الأعمال تشكل نموذجا جديدا «لمستوى الخطر الإرهابي والتطرف في باكستان».

إلى ذلك قال مسؤول أمني باكستاني إن جنديين على الأقل قتلا، أمس، في هجوم لمسلحين إسلاميين مشتبه بهم في المنطقة القبلية بشمال غربي باكستان المتاخمة للحدود الأفغانية.

وحدث ذلك في منطقة أكا خيل في خيبر، إحدى المناطق القبلية السبع، عندما استهدف المتمردون نقطة أمنية لقوات الحدود حكومية. وقال مسؤول بارز في قوات حرس الحدود التي تتصدى لمحاربة المتمردين في المنطقة، اشترط عدم ذكر اسمه، إن جنديين قتلا وأصيب ثلاثة في الهجوم.

وقال: «إن الجنود ردوا على إطلاق النار عليهم، ولكن المهاجمين استغلوا حلول الظلام وهربوا».

وتقع منطقة خيبر تحت نفوذ مانجال باغ، المؤيد لطالبان، حيث هاجمت جماعته العسكر الطيبة قوات الأمن وشاحنات إمداد حلف شمال الأطلسي التي تستخدم المنطقة للدخول إلى أفغانستان.

الاعتداءات الأكثر دموية في باكستان

* اسفرت موجة غير مسبوقة من الاعتداءات التي كان القسم الاكبر منها انتحاريا، ونفذت غالبيتها العظمى حركة طالبان الموالية لتنظيم القاعدة، عن مقتل اكثر من 3400 شخص في باكستان في غضون ثلاث سنوات.

وفي ما يلي قائمة الاعتداءات المتسببة في اكبر عدد من القتلى حسب حصيلة لوكالة الصحافة الفرنسية:

- 19 يوليو(تموز) 2007: ثلاثة اعتداءات انتحارية في شمال غرب البلاد توقع 54 قتيلا بينهم اكثر من 20 جنديا وشرطيا.

- 18 اكتوبر(تشرين الاول) 2007: انتحاريان يفجران عبوتيهما الناسفتين في كراتشي (جنوب) قرب سيارة تقل رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو بعيد عودتها الى بلادها بعد ثمانية اعوام في المنفى. 139 شخصا على الاقل قتلوا في الاعتداء الذي اعتبر الاكثر فتكا في تاريخ باكستان.

- 27 ديسمبر(كانون الاول) قضت بوتو ومعها حوالى 20 شخصا في اعتداء انتحاري استهدف سيارتها المصفحة في ضاحية اسلام اباد.

- 21 ديسمبر(كانون الاول) 2007: سقوط 56 قتيلا على الاقل في اعتداء انتحاري استهدف صبيحة عيد الاضحى احد مساجد شرساده في شمال غرب البلاد.

- 21 اغسطس (آب) 2008: سقوط 64 قتيلا على الاقل في اعتداء انتحاري مزدوج استهدف اكبر مصنع للسلاح في البلاد، في واه شمال غربي اسلام اباد.

- 20 سبتمبر(ايلول) 2008: انتحاري يفجر شاحنة مليئة بالمتفجرات امام مدخل فندق ماريوت الفخم في وسط اسلام اباد، ما اسفر عن تدمير الفندق ومقتل 60 شخصا واصابة اكثر من 250 بجروح.

- 9 اكتوبر(تشرين الاول) 2009: سقوط 52 قتيلا وحوالى 100 جريح في اعتداء انتحاري بسيارة مفخخة استهدف سوقا تجارية في بيشاور (شمال غرب).

- 28 اكتوبر(تشرين الاول) : سقوط 134 قتيلا في اعتداء بسيارة مفخخة في احداسواق بيشاور (شمال غرب).

- 7-8 ديسمبر : اربعة اعتداءات، اثنان منها في وقت متزامن تقريبا،في احد اسواق لاهور (شرق) مما اسفر عن سقوط 66 قتيلا على الاقل.

- 28 ديسمبر : سقوط 43 قتيلا على الاقل واكثر من 60 جريحا في اعتداء انتحاري استهدف موكبا شيعيا في كراتشي (جنوب) وتبنته حركة طالبان.

- الاول من يناير(كانون الثاني) 2010 : اعتداء انتحاري اثناء مباراة لكرة الطائرة في شمال غرب باكستان والحصيلة 100 قتيل وقتيل و69 جريحا.

- 12 مارس ( اذار) : عملية انتحارية مزدوجة تستهدف جنودا على مقربة من سوق مزدحم في لاهور (شرق): 57 قتيلا و134 جريحا.

- 5 ابريل(نيسان) : مقتل 41 شخصا على الاقل واصابة اكثر من 80 بجروح في اعتداء انتحاري اثناء تجمع حزب سياسي في تيمارقاره (شمال غرب). وبعد ذلك حاول مهاجمون اقتحام القنصلية الاميركية في بيشاور فقتل اربعة منهم فضلا عن شرطي ورجل اخر، وتبنت حركة طالبان هذا الهجوم.

- 17 ابريل (نيسان) : 41 قتيلا في اعتداءين انتحاريين خلال لقاء في الهواء الطلق لحزب سياسي علماني يعارض المتمردين الاسلاميين في تيمارغارا (شمال غرب).

- 28 مايو(ايار) : مقتل 82 شخصا في لاهور في الهجمات المتزامنة التي شنهاانتحاريون مدججون بالسلاح على مسجدين للاحمديين الذين يشكلون اقلية في الاسلام.

- الاول من يوليو (تموز/: مقتل 42 شخصا و175 جريحا في اعتداءين انتحاريين استهدفا ضريحا بلاهور.