مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: المقرحي مكتئب قليلا.. ويتلقى رعاية طبية واجتماعية شاملة

ردا على تقارير بريطانية اعتبرت أن استمراره حيا أمر مخز

TT

نفى المواطن الليبي عبد الباسط المقرحي، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة في 2001 على خلفية اعتداء لوكيربي، وأفرج عنه في 2009 لأسباب صحية، أن يكون قد امتنع أو رفض إعطاء موافقته إلى اللجنة الأسكوتلندية لمراجعة القضايا الجنائية بشأن الإفراج عن وثائق تتعلق بقضيته.

وأكد المقرحي، في بيان نشره على موقعه الإلكتروني، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه عبر للجنة، ومن خلال محاميه الليبي، في الاجتماع الذي عقدته في 12 أبريل (نيسان) الماضي، عن سعادته لكون هذه الوثائق سيتم الإفراج عنها، بما في ذلك الوثائق التي قدمها لمختلف الجهات ذات الصلة، خصوصا وزارة الخارجية، ومكتب ولي العهد البريطاني، والاستخبارات البريطانية.

وأضاف البيان «أن موقف المقرحي كان ولا يزال هو أنه ينبغي أن تتاح جميع الوثائق المتعلقة بقضيته للعامة، وأن تنشر على الملأ».

ويمضي المقرحي أيامه في منزله بالعاصمة الليبية طرابلس في عزلة شبه تامة، باستثناء زيارات بعض المقربين من عائلته.

وبدا المقرحي ميالا إلى العزلة خلال آخر لقاء عقده قبل أيام مع مصدر ليبي مطلع تحدث لـ«الشرق الأوسط» مشترطا عدم تعريفه، لافتا إلى أن المقرحي يتفادى الحديث إلى مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وأضاف «بالنظر إلى وضعه الصحي، فهو يعاني من مشكلة نفسية، الأمر ليس بالخطير لكنه كان مكتئبا بعض الشيء وعبر عن تبرمه من بعض ما يكتب عنه».

وكشف المصدر ذاته النقاب عن أن المقرحي أبدى بعض الملاحظات السلبية تجاه معاملة السلطات الليبية له، لكنه أكد مجددا أنه يتلقى رعاية طبية واجتماعية مكثفة تشرف عليها مؤسسة القذافي للتنمية التي يترأسها المهندس سيف الإسلام النجل الثاني للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي.

وكان نجل القذافي قد نجح في استعادة المقرحي إلى ليبيا العام الماضي بعدما أمضى 10 سنوات مسجونا في أسكوتلندا، حيث جرى الإفراج عنه بدواع صحية بالنظر إلى ما اعتبره الأطباء آنذاك مسألة وقت بالنسبة لوفاته بعدما تدهورت حالته الصحية جراء إصابته بمرض السرطان.

وقال مصدر مسؤول في مؤسسة القذافي للتنمية إن هناك فريقا من المؤسسة يشرف على تلبية كافة احتياجات المقرحي وأسرته، مشيرا إلى الاهتمام الكبير الذي يلقاه المقرحي من نجل القذافي.

وأضاف المصدر «هو (سيف الإسلام القذافي) على اتصال دائم واطلاع على كافة أحواله، إنه أمر إنساني بحت، واهتمامه يأتي من منطلق إنساني ولا يعكس أي جوانب سياسية».

وأوضح المصدر الذي طلب عدم تعريفه في اتصال هاتفي من طرابلس لـ«الشرق الأوسط»: «المؤسسة لا تتوانى عن تقديم كافة أنواع الدعم، بما في ذلك الرعاية الطبية، كما يحصل على مساعدات مالية له ولأسرته».

وتتكتم السلطات الليبية على حقيقة الوضع الصحي للمقرحي، حيث رفض عمر السنوسي، الناطق الرسمي باسم مركز طرابلس الدولي، الذي يقع في المدخل الشرقي لمدينة طرابلس، ويتلقى فيه المقرحي العلاج، التعليق لـ«الشرق الأوسط» على إعلان الطبيب المتخصص بالسرطان، كارول سيكورا، أن المقرحي يمكن أن يعيش 10 سنوات.

وكان البروفسور سيكورا، الذي قدم العام الماضي تقييما للحالة الصحية للمقرحي بطلب من الحكومة البريطانية، توقع العام الماضي ألا يعيش المقرحي أكثر من 3 أشهر.

ونقلت صحيفة «صنداي تايمز» عن سيكورا قوله إن بقاء المقرحي على قيد الحياة أكثر من المدة التي توقعها «أمر محرج». وأضاف «الأمر مخز أن المقرحي لا يزال حيا، وتخطى مدة 3 أشهر التي توقعت أن يتوفى خلالها».

ونشرت الصحيفة البريطانية آراء عدد كبير من الأطباء المتخصصين في علاج السرطان، وكشفت أن المحكمة الأسكوتلندية رفضت توصياتهم بأن المقرحي قد يعيش لشهور طويلة، وهو ما دعا سيكورا الآن إلى إعادة النظر في تشخيصه للحالة الصحية للمقرحي، وتوقع أن يعيش أكثر مما كان يتوقع الكثيرون. وقال «هناك فرصة كبيرة أن يعيش المقرحي 10 سنوات أخرى، ولكن الأمر سيكون غير معتاد».

وأشارت الصحيفة إلى أن قرار الإفراج عن المقرحي أثار موجة انتقادات شديدة ضد الحكومة الأسكوتلندية، التي ستواجه المزيد منها في القريب العاجل، ما دام أن المقرحي لا يزال حيا.

وكانت حكومة أسكوتلندا أثارت غضب الولايات المتحدة بإطلاقها سراح المقرحي في أغسطس (آب) من العام الماضي، مشيرة إلى أنه يعاني من السرطان في مراحله الأخيرة.

والمقرحي هو المحكوم الوحيد في قضية التفجير الذي استهدف في 1988 طائرة تابعة لشرطة الطيران الأميركية (بانام) فوق بلدة لوكيربي الأسكوتلندية، وأسفر عن سقوط 270 قتيلا. وتدهورت صحة المقرحي العام الماضي بعد انتشار مرض السرطان بجسمه، مما اضطر السلطات الليبية إلى إدخاله على عجل إلى مستشفى مركز طرابلس الطبي لعلاجه من حالة قيء وكحة مستمرة، ولتقييم حالته المرضية بعد عدة جرعات من العلاج الكيماوي.

وأضافت الصحيفة أن «الفحص أظهر علامات أعراض جانبية منها زيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم والسكري ووهن في العضلات»، مضيفة أن «التصوير المغناطيسي أظهر زيادة في انتشار المرض (السرطان) عما كان عليه في السابق».

وقيم فريق من الخبراء الأوروبيين الحالة الصحية للمقرحي، وأوصوا بضرورة الاستمرار في العلاج الكيماوي مع احتمال استعمال أنواع أخرى من العلاج للتحكم الجزئي في المرض. وأثير جدل بين ليبيا وبريطانيا بعد إعلان مجلس «إيست رينفروشاير»، الهيئة المحلية الأسكوتلندية المسؤولة عن الرقابة القضائية على المقرحي، عدم تمكنه من الاتصال به هاتفيا في منزله في طرابلس.

وبحسب شروط الرقابة القضائية لا يمكن للمقرحي تغيير منزله ولا مغادرة طرابلس، وعليه أن يبقى على اتصال دائم بالمجلس.

وكان وزير العدل الأسكوتلندي، كيني مكاسكيل أعلن في العشرين من أغسطس الماضي إخلاء سبيل المقرحي لأسباب إنسانية، والسماح له بالعودة إلى ليبيا بعد أن أمضى 8 سنوات من الحكم القاضي بسجنه مدى الحياة، الصادر عام 2001 بعد إدانته بتفجير طائرة لوكيربي سنة 1988.

ونشر المقرحي في موقع خاص على شبكة الإنترنت وثائق قال إنها تثبت براءته من تفجير طائرة لوكيربي، علما أن المقرحي لم يقر أبدا بضلوعه في الحادث، كما اعتبرته ليبيا «رهينة سياسية» وبذلت جهودها طوال سنوات من أجل الإفراج عنه. وأبدت العائلات المفجوعة اختلافا في وجهات النظر حول قضية لوكيربي منذ وقوع المأساة قبل نحو 20 عاما، ففي حين قالت عائلات بريطانية بأن المقرحي أدين عن طريق الخطأ، عبرت عائلات أميركية عن قناعتها بأنه مذنب وانتقدت إخلاء سبيله في وقت مبكر.

وينفي المقرحي قيامه بدور في التفجير قائلا إنه كان موظفا بشركة طيران وليس ضابط استخبارات ليبيا مثلما زعم.