حركة «صحوة» لمواجهة تطرف شباب الجامعات في باكستان

ماجد نواز لـ «الشرق الأوسط»: كل الإرهابيين متطرفون.. لكن ليس كل المتطرفين إرهابيين

باكستانيات في مظاهرة احتجاجية على الهجمات الانتحارية الأخيرة في كراتشي أمس (أ.ف.ب)
TT

دخل مصطلح «مواجهة التطرف» خلال الآونة الأخيرة قاموس الألفاظ السياسية والاجتماعية في باكستان، على الرغم من حقيقة زيادة أعداد الشباب الباكستانيين الذين راحوا ضحية التطرف الديني خلال السنوات العشر الماضية، مما أسفر عن نتائج كارثية على المجتمع والدولة الباكستانية. ماجد نواز، (32 عاما)، هو الشخص الذي قدم مصطلح مواجهة التطرف في وسائل الإعلام والدوائر السياسية والاجتماعية الباكستانية. ومن خلال حديثه والذين يتبنى آيديولوجيات سياسية ليبرالية وأحاديث دينية، يقول ماجد لـ«الشرق الأوسط»: «نستخدم الحوار الديني. نحاول إقناع الشباب بأن المتطرفين يريدون فرض تفسير خاطئ للإسلام». محاولة ماجد هي الأولى من نوعها في هذا الإطار، إذ لم تحاول الحكومة من قبل تنظيم برامج حوارية تحاول مواجهة تطرف الشباب الباكستاني، بغض النظر عن الأمسيات الدينية التي يحضرها العلماء الموالين للحكومية. هذا الإهمال الحكومي نتج عنه موجة من التطرف زاد فيها أعداد المتطرفين من الشباب والفتيات كان من بينهم طلاب في السنوات النهائية بجامعات خضعوا لنفوذ المتطرفين والجماعات المقاتلة. وقال ماجد خلال عرضة لأفكار منظمته، (خودي)، التي تعني بالعربية «الصحوة»، التي دشنها مؤخرا ووصفها بأنها حركة اجتماعية: «سنعمل على تغيير هذا الواقع، فنحن نقوم بإدارة برامج لمواجهة تطرف الشباب في الجامعات منذ العام الماضي».

على الرغم من أن ماجد نواز كان نشطا في الدوائر السياسية والاجتماعية الباكستانية خلال العام الماضي، حيث أطلق الحركة في الأسبوع الثاني من عام 2010 ويقول: «إنها حركة اجتماعية مضادة للإرهاب تعمل على تشجيع ثقافة الديمقراطية في باكستان». كان صريحا في القول إن أجندة حركته علمانية على الرغم من أنه واصل استخدام الأمثال الدينية والاقتباس من القرآن الكريم والحديث والتاريخ الإسلامي بأن التطرف الإسلامي ضلال. ويقول عمران خان المنسق الإعلامي في حركة «خودي»: «منذ انطلاق (خودي)، هيمن ماجد نواز على المشهد الإعلامي الباكستاني. ومنذ الرابع عشر من يونيو (حزيران) قدمت القنوات الإخبارية عددا لا يحصى من المقابلات مع مؤسس (خودي) وأذاعت عددا من التقارير الإخبارية بشأن نشاطاته، وقد غطت وسائل الإعلام المحلية عمل (خودي) بصورة موسعة. وقامت قنوات (جيو تي في) و(إكبريس تي في) و(بيزنس بلس) وقنوات أخرى كثيرة، كما كتبت الصحف المطبوعة عن (خودي)».

ماجد نواز، وافد جديد على المجتمع الباكستاني، مثله في ذلك مثل مصطلح مواجهة التطرف. فماجد بريطاني الجنسية، ولد لأبوين باكستانيين هاجرا إلى الولايات المتحدة قبل 40 عاما بحثا عن فرصة عيش أفضل. يزعم ماجد أنه واجه من قبل آيديولوجيات متطرفة خلال نشأته في بريطانيا، ومن ثم فهو على اطلاع كبير بآيديولوجية وفكر وأساليب التجنيد التي تتبعها الحركات المتطرفة من خلال انضمامه في السابق إلى حزب التحرير العالمي المتطرف، الذي انضم تحت لوائه لمدة 14 عاما. ويقول: «كان انضمامي إلى هذه المنظمة في البداية ناتجا عن إحساسي المتزايد بالغربة والانتهاكات العنصرية التي واجهتها خلال نشأتي في (إيسكس) التي كانت ذات أغلبية بيضاء في بريطانيا خلال الثمانينات». وعلى غرار الكثير من الشباب الذين واجهوا أسئلته حول الهوية والعرق والدين، تحول إلى موسيقى الراب التي قدمت الصوت والشخصية لأولئك الذين شعروا أنهم بصورة أو بأخرى مختلفون وعلى نقيض العرف السائد في المجتمع. ونتيجة لمعاناته وتعرضه لأشكال التمرد من التعبير، أصبح ماجد أكثر اهتماما بالسياسة، وبالتالي معاديا للمؤسسة الحاكمة. في تلك الفترة، لم يكن بداخل الأقلية المسلمة من هو قادر على مساعدة وتوضيح الكثير من الأمور الملتبسة عليه. وبالفعل، كان الكثير من أئمة المساجد من خارج بريطانيا لا يتمتعون بسعة اطلاع ديني وغير معتادين الثقافة البريطانية ولم يتحلوا بالقوة بالعلم القوي الذي يؤهلهم للإجابة عن هذه الأفكار الملتبسة بشأن الدين والهوية. ارتباط ماجد بحزب التحرير أخذه إلى مصر ليبدأ هناك بعثة لإنشاء وحدة تابعة للحزب المتطرف، لكن الاستخبارات المصرية ألقت القبض عليه وحكم عليه بالسجن خمس سنوات. وقال: «خلال فترة وجودي بالسجن، كان رفاقي في الزنزانة أعضاء في جماعات متطرفة كانوا متورطين في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، وبدأت أفكر أثناء وجودي بالسجن في مواجهة التطرف». الوقت الذي قضاه ماجد داخل السجن أثبت أنها تجربة تغيير حياة. فقد كرس وقته لدراسة وتعميق معرفته بالعقيدة الإسلامية والتاريخ والفقه وعلم الحديث. فيقول عن تلك الفترة: «أتيحت لي الفرصة أيضا أن أناقش الأفكار مع مجموعة متنوعة من العقول الإسلامية. وفي زنزانات السجن حاور عددا من أشهر العقول «الجهادية» المعروفة (أفراد ممن أدينوا باغتيال الرئيس السادات)، والذين نبذوا أفكارهم الجهادية، حضوا ماجد على القيام بالأمر ذاته. يقول: «مواجهة التطرف عملية تدريجية، نقوم من خلال خطوات بسيطة بإقناع المتطرف بأن يعيش حياة طبيعية»، بيد أنه يعتقد أن أي حملة لإقناع المتطرفين بالعيش حياة طبيعية سيكون له آثار سلبية، فيضيف: «لن نهدر وقتنا في إقناع المتطرفين بالعيش حياة طبيعية، بل سنركز على منع الشباب الباكستاني من الانزلاق إلى الوقوع بين براثن الجماعات المتطرفة. يجب علينا أن نستخدم الوسائل التقليدية للتفاعل مع الشباب في المجتمع الباكستاني لاجتثاث التطرف من داخلهم والحيلولة دون ردكلتهم.

لهذا الغرض، تحاول حركة ماجد نواز بناء تحالفات مع منظمات الشباب في باكستان، ويقول عمران خان: «خلال العام الماضي، أقمنا مؤتمرا للشباب ودعونا فيه كل منظمات الشباب بدءا من جماعات الحقوق السياسية إلى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية وكانت الاستجابة كبيرة جدا».

ويرى ماجد أن هناك اختلافا كبيرا بين كلمتي متطرف وإرهابي، فكل الإرهابيين متطرفون لكن كل المتطرفين ليسوا إرهابيين.

وفسر ماجد ذلك بالقول إن المتطرف ربما يفرض آيديولوجيته على الأفراد من خلال وسائل سلمية على العكس من الإرهابي. بيد أنه سرعان ما أضاف أن كلاهما يستحق الشجب، ولا بد من إدانتهما بصراحة من قبل المجتمع المدني. ويقوم ماجد نواز باتصالات مع الحكومة الباكستانية للحصول على دعم لاستراتيجيته في مكافحة الإرهاب، لكن هدفه الأساسي في التفاعل مع المجموعات السياسية والاجتماعية في باكستان لتشكيل إجماع على رفض التطرف الديني.