مصادر الرئاسة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»: مواجهات الجنوب لن تغير من التزام الأمم المتحدة بوجود «اليونيفيل» وعملها

حزب الله يواصل توجيه انتقاداته العلنية لأداء القوات الدولية

TT

أبدى الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان حرصه على «عدم حصول أي احتكاك أو مواجهات في الجنوب لأن في ذلك مصلحة لبنانية عليا» كما نقلت مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن الرئيس سليمان «حريص على تطبيق لبنان للقرارات الدولية».

وقالت المصادر إن «المعطيات الدولية المتوافرة لدى الرئاسة اللبنانية تؤكد أن ما حصل في الجنوب لن يغير من التزام الأمم المتحدة بشأن وجود قوات اليونيفيل أو عملها»، في إشارة إلى المواجهات التي حصلت طوال الأسبوع الماضي بين القوة الدولية وأهالي عدد من البلدات الجنوبية كان آخرها الحادث الذي جرد فيه عناصر من الوحدة الفرنسية من أسلحتهم بعد قيامهم بتصوير بعض الأحياء الداخلية في القرى. وجزمت المصادر بأنه لا توجد «معطيات أو شكوك حول تطور الوضع إلى الأسوأ».

وعما إذا كان ثمة اتصال مع الجانب الفرنسي، على خلفية اتهام حزب الله الوحدات الفرنسية في «اليونيفيل» بمحاولة تغيير قواعد الاشتباك جنوبا، أشارت المصادر الرئاسية إلى أن «قنوات الاتصال مفتوحة بين الحكومتين اللبنانية والفرنسية وعبر القنوات الدبلوماسية في مجلس الأمن، باعتبار أن هذا الأخير هو المسؤول عن عمل القوات الدولية في الجنوب».

وذكرت بأن «موقف الرئيس سليمان كان واضحا عند وقوع المواجهات بين «اليونيفيل» وأهالي عدد من القرى الجنوبية، وقد أجرى اتصالات مع رئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الدفاع إلياس المر إضافة إلى قائد الجيش جان قهوجي». وأشارت إلى «تشديده على ألا يُفسح المجال مرة جديدة لأي اشتباكات جديدة، وعلى وجوب التركيز على احترام القرار 1701 والإبقاء على التنسيق الدائم بين الجيش اللبناني و(اليونيفيل)»، موضحة أن «اجتماعات تنسيقية متتالية تُعقد بين الطرفين، أعقبت الزيارة الإيجابية لقائد الجيش إلى الجنوب». وخلصت بالإشارة إلى أن «قوات اليونيفيل تطبق قرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ولبنان معني بتطبيق القرارات الدولية».

في موازاة ذلك، تستمر تداعيات المواجهات الأخيرة مع «اليونيفيل» على الساحة اللبنانية من خلال استمرار صدور المواقف السياسية، التي تترجم الانقسام الحاد بين وجهتي النظر من الأحداث الأخيرة. وفي هذا السياق، رأى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «ما حصل بين (اليونيفيل) والأهالي له خلفيات سياسية». وقال: «أفضل عدم الدخول في تفاصيلها، لأنها غير واضحة المعالم لأحد، سواء كانت إقليمية أو غير إقليمية لها علاقة بالعقوبات على إيران أو محلية لها علاقة بالمحكمة الدولية». وأضاف: «مع أن الكثيرين من الفريق الآخر يتحدثون علنا أن القوات الدولية هي أول من سيتضرر في حال أكملت المحكمة الدولية مهمتهما، فبالتأكيد هذه الأحداث ليست عفوية وليست مشكلة بين الأهالي والقوات الدولية كما تطرح».

وفي المقابل، واصل حزب الله توجيه الانتقادات العلنية لأداء القوة الدولية، وقال عضو كتلة الحزب البرلمانية النائب نواف الموسوي إن «ما جرى ميدانيا هو خروج بعض كتائب القوات الدولية عن مهمتها المنصوص عليها في القرار 1701»، معتبرا أن ما حصل في بلدة قبريخا «كان انتهاكا للقواعد المنصوص عليها في القرار 1701 وفي مذكرة قواعد الاشتباك، لا سيما حين بلغ الأمر بأن قامت تلك الكتيبة باعتقال أحد المواطنين اللبنانيين». وأسف لعدم صدور «موقف إجماعي واضح من الجانب اللبناني»، مشيرا إلى أن التصريحات عن أن «التحركات في الجنوب لم تكن عفوية بل منظمة لا تساعد على تهدئة التوتر الذي تتسبب به التصرفات غير المسؤولة لبعض كتائب القوات الدولية». وأكد «أننا لن نقبل من أحد أن يخرج القرار 1701 من البند السادس إلى البند السابع». ورأى عضو الكتلة نفسها النائب علي المقداد أن «المناورة التي قامت بها (اليونيفيل) قفز فوق قيادة الجيش»، مشيرا إلى أن «عنوان مناورة (اليونيفيل) يجب أن يكون محاكاة لاعتداء إسرائيلي على لبنان وليس إطلاق صواريخ من لبنان على إسرائيل، لأن لبنان لم يعتدِ أبدا على إسرائيل بل العكس». وذكر الموسوي بأن المقاومة سبق أن أسقطت في وادي الحجير (منطقة في جنوب لبنان جرت فيها مواجهات عنيفة مع الإسرائيليين عام 2006) «فكرة قوات متعددة الجنسيات ضاربة على أساس البند السابع ودفنت هذه الفكرة في ذلك الوادي». وأكد أننا لن نقبل من أحد أن يخرج القرار 1701 من البند السادس إلى البند السابع، ولن نقبل أيضا بأن تتحول الأمم المتحدة إلى سلطة انتداب على الأراضي اللبنانية أو أن تمارس القوات الدولية سلطات قوة انتداب خارجية. وعما إذا كان حزب الله سيطرح ما لديه من استفهامات أمام المعنيين عشية التجديد لـ«اليونيفيل»، قال: «نحن لا نطرح علامات استفهام، بل ما نقوله في هذا الصدد هو وجوب أن تحترم قوات الطوارئ المهمة المنصوص عليها في القرار 1701، لا أن تقوم بعض الكتائب فيها بتنفيذ أجندات بلادها والسياسات الخارجية للبلدان التي تأتي منها»، مشددا على أن القرار 1701 «يندرج تحت البند السادس وأي محاولة لنقله إلى البند السابع سيكتب لها الفشل».

وانتقد رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون أداء الحكومة في هذا الملف، معتبرا أن «هناك شبه دولة في الجنوب وليس هناك من دولة». وقال: «لا يمكن لأحد في الجنوب القيام بأي عمل إلا برضا حزب الله»، معتبرا أن «الجيش اللبناني الموجود في الجنوب هو صورة، والدولة في الجنوب مستضعفة منذ مقتل الضابط الطيار سامر حنا».

ورأى أنه «لو كان للجيش اللبناني هيبة فعلية على الأرض لما كان أحد فرض نفسه»، مؤكدا «وجود أزمة ثقة بين (اليونيفيل) والجيش اللبناني، لأن هناك أمورا تطلبها (اليونيفيل) من قبل الجيش ولا يستجيب لها»، موضحا أن «موقف حزب الله هو موقف المنزعج من المحكمة الدولية».

وأوضح النائب عبد المجيد صالح عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن بري «يريد دائما بناء علاقات بين (اليونيفيل) والجنوبيين تستند إلى الاحترام المتبادل، واحترام دور (اليونيفيل) للخدمات الإنمائية التي تقدمها إلى لبنان». ورأى صالح أن «تقارير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تغطي الممارسات الإسرائيلية التي تتعدى فيها على لبنان». وأشار إلى «نقطة مهمة في موضوع انتشار (اليونيفيل) الذي أتى في غياب الجيش اللبناني عن الدوريات، فالجيش يستطيع تبريد أي إشكال يمكن أن يحصل بين (اليونيفيل) والأهالي». وطالب «اليونيفيل» بتوضيح «لأن الإشكالات تحصل مع وحدات معينة من قواتها، وهذا يذهب بنا إلى الاعتقاد أن هذه الوحدات تأخذ وتتلقى قراراتها من سياسة دولها وليس من قيادة (اليونيفيل)»، مشيرا إلى أن بعض الوحدات العاملة مع «اليونيفيل» في الجنوب لها علاقات طيبة ومتينة مع الأهالي.