بريطانيا تعلن تشكيل لجنة للتحقيق في مزاعم تورط استخباراتها في تعذيب معتقلين في الخارج

مسؤول بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: لا نحقق في تصرفات الاستخبارات الأميركية أو الباكستانية

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يقف أمام المقر الرسمي لرئاسة الحكومة في 10 دواننغ سترست بوسط لندن (رويترز)
TT

أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس تشكيل لجنة تحقيق للبحث في مدى تورط عناصر من جهاز الاستخبارات البريطانية (إم آي 5) بتعذيب متهمين بريطانيين بالإرهاب، في معتقلات خارج البلاد. وعين كاميرون قاضيا متقاعدا لترؤس التحقيقات، وهو بيتر غيبسون، على أن تضم اللجنة عضوين آخرين. ووعد بأن تبدأ اللجنة عملها في أسرع وقت، قبل نهاية العام كأقصى حد، على أن تتوصل إلى استنتاجاتها خلال عام من بدء التحقيقات.

وكانت الضغوط قد تزايدت على الحكومة الائتلافية البريطانية التي يقودها كاميرون لتشكيل لجنة للتحقيق في مزاعم تورط رجال الاستخبارات البريطانية في تعذيب أشخاص اعتقلوا بعد 11 سبتمبر (أيلول)، بعد أن تقدم نحو 12 شخصا قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب في الخارج بعلم رجال الاستخبارات البريطانية، بدعاوى ضد الحكومة البريطانية. وستطلب الحكومة من هؤلاء أن يسقطوا دعاواهم مقابل تعويضات مالية قد تقدم إليهم. ويقول البريطانيون المسلمون الذين تم استجوابهم بتهم الإرهاب، بأن الاستخبارات البريطانية أرسلتهم إلى بلدان مثل باكستان والمغرب حيث تعرضوا للتعذيب على أيدي المحققين هناك لانتزاع معلومات منهم، ومنهم أثناء اعتقالهم في معسكر غوانتانامو مثل بنيامين محمد.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد اتهمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بأنها استخدمت معلومات استخباراتية تم الحصول عليها تحت التعذيب في مكافحتها للإرهاب. وقالت المنظمة في تقرير الأسبوع الماضي، إن استخدام هذه الدول الأوروبية الكبرى لمعلومات تم الحصول عليها من أجهزة استخبارات تابعة لدول تستخدم التعذيب يضر بسمعة الاتحاد الأوروبي كله. وقالت جوديث ساندرلاند الباحثة في شؤون أوروبا الغربية في المنظمة إنه «كان يجب على برلين وباريس ولندن أن تعمل للقضاء على التعذيب وليس الاعتماد على أجهزة استخبارات أجنبية تستخدم التعذيب».

وأوضح مسؤول في الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة التي يرأسها القاضي غيبسون، ستصدر تقريرا في نهاية تحقيقات، تذكر فيه توصياتها. ولن تكون هذه التوصيات ملزمة للحكومة، وسيعود لكاميرون أن يقرر تطبيقها أو لا. إلا أن المسؤول البريطاني قال إن «الحكومة ستأخذ التوصيات بأقصى الجدية، وستتصرف على أساسها». ولا يزال غير معروف بعد ما إذا كان التقرير سينشر للعلن، أم ستتم مناقشته سريا بين أعضاء الحكومة خوفا من تعريض معلومات استخباراتية للخطر.

ووعد كاميرون في خطابه الذي ألقاه في مجلس العموم أمس، بأنه سيسعى لنشر التقرير النهائي علنا، إلا أنه أضاف أن بعض ما قد تتوصل إليه اللجنة قد يكون من الصعب نشره. وقال: «لنكن صريحين، ليس من الممكن أن يكون هناك لجنة تحقيق علني بالكامل في شيء من المفترض أن يكون سريا». كما أشار إلى أن الجلسات لن تكون كلها علانية، وقال: «بالطبع بعض جلسات الاستماع ستكون علنية، ولكن يجب أن نكون واقعيين. تحقيقات في أجهزة الاستخبارات التابعة لنا ليست مثل التحقيقات الأخرى. هناك بعض المعلومات التي يجب إبقاؤها سرية، معلومات تتعلق بالمصادر والإمكانات والشراكات».

وعلى الرغم من أن الأشخاص الـ12 الذين رفعوا دعاوى على الحكومة البريطانية، قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب على أيدي رجال استخبارات في الخارج بعلم من رجال الاستخبارات البريطانية، فإن التحقيق لن يشمل عناصر استخبارات أميركية أو باكستانية. وقال مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط» إن التحقيقات «هي في مزاعم مدى علم رجالنا وتورطهم في مزاعم التعذيب، في بلدان قد لا تشاركنا القيم والمعايير نفسها». وأضاف: «نحن لا نحقق في رجال الاستخبارات الأميركية أو غيرها بل نحقق في رجال الاستخبارات التابعة لنا... ولكن لجنة التحقيقات ستتبع الادعاءات وترى إلى أين تقودها».

وقال رئيس الوزراء البريطاني إنه قرر فتح التحقيق لأن «سمعة بلادنا التي تؤمن بحقوق الإنسان والعدالة والمساواة وحكم القانون.. في خطر أن تتشوه. كلنا نؤمن بأنه حان الوقت لتوضيح هذه المسألة مرة وإلى الأبد». ووعدت الحكومة البريطانية أيضا بتقديم تعويضات للمستجوبين، مقابل أن يتنازلوا عن القضايا التي تقدموا بها أمام القضاء.