الاتحاد الأوروبي: استعداد إيران للتفاوض «نبأ سار».. وما زلنا في انتظار الرد الرسمي

شدد قيوده على الخطوط الجوية الإيرانية لاعتبارات سلامة الملاحة

TT

وصف الاتحاد الأوروبي نية إيران المعلنة لاستئناف المفاوضات حول برنامجها النووي المثير للجدل بأنها «نبأ سار إذا تأكد»، مشددا على ضرورة تناول المباحثات هذا الموضوع لا أمورا أخرى. وقالت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، خلال مؤتمر صحافي: «قلنا إننا مستعدون للقاء الجانب الإيراني».

وأضافت المتحدثة، مايا كوتشيانتشيتش: «إن آشتون بعثت إلى (سعيد) جليلي (المفاوض النووي الإيراني) رسالة لدعوته إلى لقاء في أقرب فرصة»، مضيفة: «لكن أوضحنا أن اللقاء يجب أن يركز على البرنامج النووي الإيراني». وفي السابق حاولت إيران تحويل الانتباه عن برنامجها النووي في المفاوضات مع الدول العظمى في مجموعة «5+1» من خلال المطالبة بتوسيع المحادثات إلى سبل إرساء سلام شامل في العالم.

وأضافت: «إذا كانوا على استعداد للقاء آشتون فإنه نبأ سار، لكننا لم نتلق في الوقت الراهن ردا رسميا» من طهران. وبحسب معلومات وردت من طهران قال جليلي في رسالة بعثها، أمس، إلى آشتون إن طهران مستعدة لاستئناف المفاوضات اعتبارا من الأول من سبتمبر (أيلول) مع مجموعة «5+1» حول برنامجها النووي، ولكن بشروط. وقال جليلي: «عندما يصبح هدف المفاوضات واضحا ستكون الجمهورية الإسلامية.. مستعدة لبحث تعزيز التعاون الدولي وتبديد القلق المشترك» المتعلق بالملف النووي. وكانت آشتون بعثت في منتصف يونيو (حزيران) برسالة إلى جليلي طلبت فيها استئناف المفاوضات بين إيران ومجموعة «5+1» (الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين، وألمانيا).

وذكر جليلي أن الشروط الثلاثة فرضها الرئيس محمود أحمدي نجاد على الدول العظمى في 28 يونيو. وطلب من آشتون تحديد ما إذا كان «هدف المحادثات هو الوفاق والتعاون أم مواصلة العدائية والمواجهة» مع إيران و«حقوقها» في المجال النووي. وتؤكد إيران أن برنامجها النووي لأغراض سلمية بحتة، في حين تتهم الدول الغربية طهران بالسعي إلى إنتاج السلاح الذري تحت غطاء برنامج نووي مدني. وطلب جليلي من الدول العظمى قبول «منطق الحوار وشرطه الأساسي وقف أي تهديد أو ضغوط». وطلب منها أيضا تحديد «موقفها من الأسلحة النووية التي يملكها النظام الصيهوني». وقال جليلي: «ردكم على هذه الأسئلة ضروري لمواصلة المباحثات»، موضحا أن هذه المفاوضات قد تستأنف اعتبارا من «الأول من سبتمبر». وطلبت روسيا، أمس، استئنافا سريعا للمفاوضات بين إيران ومجموعة «5+1». وأعلنت إيران في يونيو تجميد المفاوضات مع الدول العظمى حول برنامجها النووي لشهرين ووضعت شروطا لاستئنافها ردا على العقوبات الدولية الجديدة. كما طالب الرئيس الإيراني بتوسيع المحادثات لتشمل تركيا والبرازيل، وهما البلدان اللذان وقعا عرضا اقترحته طهران في مايو (أيار). واقترحت إيران في 17 مايو على القوى العظمى في إطار اتفاق مع البرازيل وتركيا، أن تبادل على الأراضي التركية 1200 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب (5.3%) مقابل 120 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% لتشغيل مفاعل أبحاث طبي في طهران. وتلقت مجموعة فيينا (الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية) الاقتراح الإيراني - التركي - البرازيلي بفتور، معتبرة أنه يأتي متأخرا وأن إيران تسعى من خلاله إلى الإفلات من عقوبات جديدة تبناها لاحقا مجلس الأمن الدولي.

وفي نفس الصدد وخلال المؤتمر الصحافي قال الجهاز التنفيذي الأوروبي إنه قرر فرض قيود جديدة على حركة الأسطول الجوي الإيراني في أوروبا، وأن ذلك لا علاقة له بالعقوبات الدولية على هذا البلد. وأشارت هيلين كيرينز، الناطقة باسم المفوض الأوروبي المكلف شؤون النقل، سيم كالاس، إلى أن الاتحاد الأوروبي قرر فرض مزيد من القيود على عمل شركة الطيران الإيرانية، في إطار تحديثه اللائحة السوداء الخاصة بالنقل الجوي، حيث «جاء الأمر بناء على أمور تقنية بحتة»، وأن تحديث اللائحة السوداء، التي تضم أسماء شركات الطيران الممنوعة من استخدام المجال الجوي الأوروبي، يتم كل ثلاثة أشهر، وقالت الناطقة الأوروبية «أجرت المفوضية الأوروبية والوكالة الأوروبية للسلامة الجوية الكثير من الاختبارات التقنية، تبين بعدها أن شركة النقل الإيرانية تخالف الكثير من معايير السلامة الجوية المعتمدة أوروبيا، مما استدعى توسيع دائرة القيود المفروضة على حركتها» في الأجواء الأوروبية، وأن النسخة الأخيرة، التي صدرت الثلاثاء للائحة السوداء الأوروبية، تمنع طائرات «إيرباص (إيه - 320)» و«بوينغ (بي727 - وبي 747)» من التحليق في الأجواء الأوروبية، «هذا يعني أن ثلثي طائرات الأسطول الجوي الإيراني لا يمكنها التحليق في الأجواء الأوروبية أو استخدام مطارات الاتحاد، وهو قرار بني على أسس تقنية وفنية بحتة ولا علاقة له بالمواضيع السياسية».

وأعلنت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، أن جهاز تنظيم النقل في الاتحاد الأوروبي أزال شركتي خطوط طيران من إندونيسيا هما «مترو باتافيا» و«إندونيسيا إيراسيا» من القائمة السوداء بعد أن أجرت السلطات الإندونيسية تحسينات «كبيرة» لإجراءات السلامة. وقررت لجنة سلامة الطيران بالإجماع زيادة قيودها على الخطوط الجوية الإيرانية «إيران إير» ومنع طائراتها من طراز «إيرباص إيه 320» و«بوينغ 727 و747» من التحليق في الأجواء الأوروبية. وتم التوصل إلى هذا القرار بعد زيارة قامت بها اللجنة إلى إيران شارك فيها خبراء من دول الاتحاد الأوروبي ووكالة سلامة الطيران الأوروبية، وخلصت إلى أن إيران لم تطبق إجراءات السلامة المعلنة في مارس (آذار).

وقالت المفوضية الأوروبية إنها ستواصل «عن كثب مراقبة أداء خطوط الطيران» الإيرانية من خلال تفحص نتائج عمليات تفتيش ميدانية لطائرات الشركة التي لا يزال يسمح لها بالعمل في الاتحاد الأوروبي. ولا يزال بإمكان «إيران إير» تشغيل 23 طائرة في أجواء دول الاتحاد الـ27 بما فيها 14 طائرة «إيرباص إيه 300» و8 «إيرباص إيه 310» و«بوينغ 737». وتشمل القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي 282 شركة طيران من 21 بلدا لا يسمح لها بالتحليق في أجواء الاتحاد الأوروبي. وقالت المفوضية إنها قررت إضافة خطوط طيران «بلو وينغ» في سورينام إلى قائمة الشركات المحظورة بسبب «سلسلة الحوادث التي تعرضت لها خطوط الطيران هذه» و«العيوب الخطيرة» التي تم رصدها خلال عمليات التفتيش الميدانية. وقال سيم كالاس مفوض النقل الأوروبي في بيان «لا نستطيع أن نتساهل في سلامة الطيران».

إلى ذلك حذرت الصين، أمس، من أي عمل أحادي الجانب يتجاوز العقوبات التي أصدرتها الأمم المتحدة مؤخرا على خلفية البرنامج النووي الإيراني، واتهمت الولايات المتحدة بأنها تلجأ إلى خطوات في هذا الإطار. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كين غانغ للصحافيين: «أخذنا علما بما أعلنته الولايات المتحدة عن عقوبات أحادية الجانب بحق إيران». وأضاف: «تعتبر الصين أن على الدول أن تطبق العقوبات بجدية، في شكل سليم وكامل، مع تفادي الانجرار إلى تأويلات تعسفية توسع عقوبات مجلس الأمن». ومضى قائلا: «الصين ترى أنه ينبغي تنفيذ قرار مجلس الأمن تنفيذا كاملا وجديا وسليما وأنه لا يمكن الإسهاب عمدا فيه لتوسيع نطاق إجراءات مجلس الأمن العقابية». وأكد تشين أن الصين تعتقد أن المحادثات هي أفضل سبيل لتسوية الخلاف حول أنشطة إيران النووية. وإيران مورد رئيسي للنفط الخام إلى الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، ومثلت تلك الإمدادات أكثر من عشرة في المائة من واردات العام الماضي. وزاد حجم التجارة الثنائية التي هيمنت عليها شحنات الطاقة من نحو عشرة مليارات دولار عام 2005 إلى أكثر من 20 مليار دولار العام الماضي.