الإمارات تؤكد على حل الملف النووي الإيراني سلميا

قالت إن تصريحات نسبت لسفيرها في واشنطن حول استخدام القوة أخرجت عن سياقها

TT

أكدت الإمارات رسميا أمس عدم دقة تصريحات نسبت لسفيرها في واشنطن وتضمنت قبولا بضرب إيران ولو بتكلفة باهظة مقابل عدم تحول إيران إلى قوة نووية، مؤكدة أنها تعارض تماما أي استخدام للقوة لحل أزمة الملف النووي الإيراني، موضحة أن التصريحات أخذت خارج سياقها وأنها غير دقيقة. ونقلت وكالة أنباء «الإمارات» عن طارق الهيدان مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية قوله إن التصريحات التي نسبتها صحيفة «واشنطن تايمز» للسفير يوسف العتيبة «غير دقيقة». وأوضح أن هذه التصريحات «جاءت في إطار مناقشات عامة وعلى هامش ملتقى غير رسمي» وقد نقلت خارج سياقها.

وأكد الهيدان أن «الإمارات تؤمن وتحترم سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية بأي صورة من الصور» وموقفها من أزمة الملف النووي الإيراني لم يتغير. وذكر الهيدان أن بلاده «تعارض تماما أي استخدام للقوة لحل أزمة الملف النووي الإيراني وتدعو إلى حلها عبر الوسائل السياسية التي تستند إلى قرارات الشرعية الدولية والشفافية» مع «ضرورة إبقاء منطقة الخليج خالية من السلاح النووي». ونقل عن السفير العتيبة قوله على هامش منتدى في مدينة أسبن الأميركية حول مسألة ضرب إيران «إنها مسألة حسابات للتكلفة والربح».

وفي التصريحات التي نقلتها عدة وسائل أميركية من بينها «واشنطن تايمز» و«فوكس نيوز» أيد العتيبة اللجوء إلى الخيار العسكري في التصدي للبرنامج النووي الإيراني، في حال إخفاق العقوبات في ردع طهران عن سعيها وراء امتلاك أسلحة نووية. وقال العتيبة بحسب ما نقلت عنه «واشنطن تايمز»: «أعتقد أن الأمر برمته يعتمد على تحليل يوازن بين التكاليف والفوائد. وأعتقد أنه على الرغم من حجم التبادلات التجارية الضخمة التي تربطنا بإيران والتي تقترب من 12 مليار دولار.. ستكون هناك عواقب وستندلع ردود فعل وسنواجه مشكلات مع المتظاهرين ومن سيتورطون في أعمال شغب والساخطين حيال إقدام قوة خارجية على مهاجمة دولة مسلمة، لكن هذا سيحدث بغض النظر عن أي شيء آخر».

وأضاف «إذا سألتني عن رأيي أجيبك أني على استعداد للتعايش مع ذلك عن العيش مع إيران نووية. أنا على استعداد لتحمل ما سيحدث مقابل ضمان أمن الإمارات».

وجاءت تعليقات العتيبة ردا على سؤال وجه إليه في أعقاب مقابلة علنية مع مجلة «أتلانتيك» في إطار «مهرجان أسبن أيدياز» في ولاية كولورادو.

وأضاف العتيبة أن بلاده ستكون آخر دولة عربية تعقد اتفاقا مع إيران في حال امتلاكها سلاحا نوويا، لكنه توقع أن تتخلى دول عربية أخرى عن تحالفاتها مع الولايات المتحدة لصالح إقامة روابط مع إيران في حال إخفاق الرئيس أوباما في وقف مساعي طهران في التحول إلى قوة نووية. وقال بحسب صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية «هناك الكثير من الدول بالمنطقة إذا لم تتلقَ تأكيدات حول استعداد الولايات المتحدة لمواجهة إيران، فإنها ستشرع في الهرولة لنيل غطاء من إيران. إن الدول الصغيرة الثرية المعرضة للخطر لا ترغب في اتخاذ موقف عدائي من قوة إقليمية كبرى (إيران) حال افتقارها إلى الدعم الأميركي».

وتابع السفير الإماراتي أن «الحديث عن الاحتواء والردع يثير قلقي بشدة». وأشار إلى أن إيران لم ترتدع عن دعم جماعات إرهابية مثل حماس وحزب الله الآن بينما لا تملك أسلحة نووية، إذن ما الذي سيمنعها من دعم الإرهاب إذا امتلكت السلاح النووي. وتساءل «لماذا إذن ينبغي أن أقتنع بأن الردع والاحتواء سينجحان؟».

وقال العتيبة إن امتلاك إيران أسلحة نووية سيثير سباق تسلح في المنطقة، متوقعا أن تشرع دول عربية كبيرة وتركيا في برامج نووية عسكرية في حال حصول إيران على هذه الأسلحة. إلا أنه استطرد بأن الإمارات لن تسعى لتحويل برنامجها النووي السلمي إلى برنامج عسكري في ظل ذلك الموقف، مشددا في النهاية على أن بلاده لن تتساهل حيال وجود إيران نووية. وأضاف: «بمقدور الولايات المتحدة التعايش مع إيران نووية، لكن هذا لا ينطبق علينا».

وقالت جين هرمان النائب بالكونغرس الأميركي، من كاليفورنيا، التي كانت واحدة من العناصر الديمقراطية البارزة سابقا في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب في تصريح لـ«واشنطن تايمز» في أعقاب اللقاء «لقد كان حديثه صريحا على نحو يثير الدهشة». من جهته، أشار جون بولتون، السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، إلى أن التعليقات تعكس آراء الكثيرين في المنطقة التي «تعترف بالتهديد الناشئ عن وجود إيران نووية». وقال في تصريح لـ«واشنطن تايمز»: «إنهم يدركون ويشعرون بالقلق إزاء حقيقة أن سياسات إدارة أوباما لن توقف إيران».

من ناحية أخرى، أعرب باتريك كلوسون، مدير شؤون الأبحاث لدى «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، عن اعتقاده بأن تعليقات السفير تعكس «تفاقما خطيرا في قلق الإمارات العربية المتحدة» من الخطر الإيراني.

يذكر أن أعضاء رفيعي المستوى في إدارة أوباما، بينهم روبرت غيتس، وزير الدفاع، والأدميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة لم يستبعدوا اللجوء لخيار توجيه ضربة استباقية ضد إيران. ومع ذلك، عمد مسؤولو الإدارة إلى التقليل من أهمية هذا الخيار، خصوصا بالنظر إلى الالتزامات الأميركية الثقيلة في العراق وأفغانستان والخطر المتمثل في إمكانية استجابة طهران عبر تعطيل تدفق النفط عبر مضيق هرمز أو التحريض على مزيد من الهجمات الإرهابية في الغرب والمنطقة.

وتعكف طهران على تطوير منشآت لتخصيب اليورانيوم، بعضها في صورة منشآت عسكرية تحت الأرض، مما يعد انتهاكا لالتزاماتها أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كان خبراء عسكريون قد أعربوا عن اعتقادهم أن توجيه ضربات إلى المنشآت الإيرانية ربما يسبب انتكاسة في البرنامج النووي الإيراني الذي يعتقد مسؤولون أميركيون أنه ربما ينجح في بناء قنبلة نووية في غضون عامين فقط.

يشار إلى أنه وعلى الرغم من الخلاف بين الإمارات وإيران حول الجزر الثلاث في الخليج، فإن البلدين تربطهما علاقات اقتصادية قوية؛ إذ إن الإمارات هي أكبر شريك تجاري لإيران في الخليج، ويقيم في الإمارات نحو 400 ألف إيراني. وتعد دبي حلقة وصل اقتصادية حيوية للجمهورية الإسلامية، لكن ما يصل إلى 400 شركة إيرانية في دبي ربما أغلقت أبوابها العام الماضي، ويرجع هذا جزئيا إلى تراجع السوق العقارية في دبي، وتباطؤ الاقتصاد العالمي.