الجيش يصالح أهالي الجنوب و«اليونيفيل» اليوم بعد الإشكالات الأخيرة

رئيس بلدية قبريخا: تجاوزنا ما حصل.. والأمر ليس حروب شوارع

TT

بينما لا يزال السجال السياسي مستمرا على خلفية الاشتباكات بين أهالي عدد من القرى في جنوب لبنان وقوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، من المقرر أن تشهد سرايا تبنين الجنوبية، عند الخامسة من مساء اليوم، لقاء مصالحة بين «اليونيفيل» وأهالي القرى الجنوبية التي شكلت مسرحا للإشكالات بين الطرفين، الأسبوع الفائت، بهدف سحب فتيل المواجهات وتطويق ذيول ما حصل.

ويشكل لقاء المصالحة، الذي يعقد برعاية الجيش اللبناني الذي تولى الدعوة والتحضير لهذا اللقاء، كما علمت «الشرق الأوسط»، ثمرة اتصالات على أرفع المستويات العسكرية بين الجانبين اللبناني و«اليونيفيل»، لا سيما بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها قائد الجيش اللبناني، العماد جان قهوجي، إلى الجنوب، موفدا من رئيس الجمهورية، ميشال سليمان. ويأتي اللقاء بعد ساعات من جولة يعتزم قائد القوات الدولية، الجنرال ألبرتو أسارتا، القيام بها صباح اليوم في بيروت لتأكيد التزام «اليونيفيل» بالتنسيق مع الجيش اللبناني. وتشمل جولة أسارتا بالإضافة إلى الرئيس سليمان كلا من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

ومن المقرر أن يحضر الاجتماع وفد من كبار ضباط «اليونيفيل» والجيش اللبناني ورؤساء بلديات القرى المعنية وفعالياتها، بالإضافة إلى نواب المنطقة. وفي هذا السياق، أوضح رئيس بلدية قبريخا، حسن حجازي، في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «إننا مدعوون كرؤساء بلديات للمشاركة في لقاء المصالحة، وتم توجيه الدعوة إلينا من قبل الجيش اللبناني»، معتبرا أنه «من الطبيعي أن يشكل اللقاء مناسبة لمحو ما حصل الأسبوع الفائت». وإذ يرفض استخدام مصطلح «مواجهات»، منتقدا «تصوير ما حدث، من خلال السجال السياسي والإعلامي، وكأنه حرب شوارع بين الأهالي وقوات اليونيفيل».وقال: «أعطيت القضية في السياسة أكبر من حجمها، ولكنها منتهية بالنسبة لنا، والأهالي تجاوزوا ما حصل».

ولم يشأ رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي محمد الزين، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، التوسع في الحديث عن اللقاء، مكتفيا بالإشارة إلى تلقيه الدعوة لإجراء المصالحة، نافيا علمه بأي تفاصيل أخرى.

وبالتزامن مع تأكيد رؤساء البلديات دعوتهم من قبل الجيش اللبناني للمشاركة في لقاء المصالحة، نفى عضو كتلة التنمية والتحرير، التي يترأسها بري، النائب قاسم هاشم، علمه بتحديد موعد للقاء مماثل. وقال: «لم أبلغ بأي موعد، لكن الاتصالات مستمرة في هذا الصدد».

في موازاة ذلك، أبدى الرئيس بري، أمام نواب زاروه في إطار لقاء الأربعاء النيابي الذي يعقد أسبوعيا في مجلس النواب، «الحرص الشديد على قوات (اليونيفيل)»، معتبرا أن «القضية أصبحت وراءنا»، مجددا الإشارة إلى أنه «لا يوجد أي طرح لتعديل قواعد الاشتباك، فهي قواعد ثابتة مبنية على التنسيق بين الجيش و(اليونيفيل)».

وأكد أن «لا مصلحة لأحد فيما يجري في الجنوب بل هناك مصلحة إسرائيلية فقط»، لافتا إلى أن «لا أبعاد سياسية للموضوع ولا يحتمل التأويل السياسي والتحليل والاستغلال».

ولفت بري إلى أن حزب الله وحركة أمل والأهالي لا يستهدفون «اليونيفيل»، وجرى احتواء معظم الموضوع، موضحا أن «الموضوع سيحل على نار هادئة بين قيادة الجيش و(اليونيفيل)».

وأكدت كتلة حزب الله النيابية أن «قوات (اليونيفيل)، التي يحرص الجميع على العلاقات الجيدة معها، مرحب بها على أساس أنها قوة مؤازرة للجيش اللبناني تلتزم بقواعد العمل المحددة لها وفق القرار (1701)»، لافتة إلى أنها «لن تدفع أحدا للمزايدة على أبناء الجنوب وأهله بالحرص على الاستقرار في منطقته». واعتبرت، بعد اجتماعها الأسبوعي، «كشف مخابرات الجيش لعميل الاتصالات هو إنجاز آخر لمصلحة البلاد وحمايتها»، مشددة على أن «إصرار توصيف جرم التجسس على العدو، ومحاولتهم الطعن في صدقية الجيش، والإصرار على ربط بعض الجواسيس بمآرب سياسية لاستثارة غرائز وتضليل الرأي العام ليس إلا أداء ممنهجا يهدف إلى إخفاء الحقائق وحرف الانتباه عن مخاطر الإشكالات الأخيرة».

وشكلت مواجهات الجنوب أمس محور زيارة قام بها السفير الإسباني في لبنان خوان كارلوس غافو، الذي تترأس بلاده قوات «اليونيفيل»، إلى وزارة الدفاع، حيث التقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلياس المر، وبحث معه الوضعين الأمني والسياسي الراهنين، وبصورة خاصة الأحداث الأخيرة الحاصلة في الجنوب، فضلا عن أولويات الوزارة وإمكانيات التعاون بين البلدين في مجال الدفاع.

وانتقدت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» الحملة السياسية والإعلامية «التي يشنها فريق من اللبنانيين منذ مدة، وبصورة منهجية، ضد عمل القوات الدولية في الجنوب لغايات يفصح عنها هذا الفريق بلسان متحدثيه المأذونين وغير المأذونين»، معتبرة أن «هذا الأمر يعرض مصلحة لبنان العليا لخطر شديد، خصوصا مع تواتر التعرض لقوات (اليونيفيل) في القرى من قبل من يتكتلون خلف الأهالي، فضلا عن الخروقات الأمنية للقرار (1701) مما يسهم موضوعيا وعمليا في كشف لبنان أمام أخطر فادحة وعواقب وخيمة».

وحذرت من «التمادي في هذا الوضع المريب»، مشددة على «الأهمية القصوى لاحترام القرار (1701) بجميع مندرجاته، من قبل الدولة اللبنانية، حكومة وجيشا». وأكدت أنه «لا يجوز للدولة أن تكون مراقبا محايدا لما يجري من انتهاكات فادحة يمكن أن تؤدي إلى إسقاط القرار (1701)، مما يعني عندئذ تخلي الدولة عن دورها الحصري في مخاطبة المجتمع الدولي وتقرير مصير اللبنانيين».