الفلسطينيون متفائلون.. والمطارنة الموارنة يربطون حقوق اللاجئين بواجباتهم تجاه الدولة

«الكتائب» و«الوطني الحر» جنبا إلى جنب في مواجهة إقرار الحقوق المدنية للاجئين

TT

خُرق الصف المسيحي الموحد الذي تكون في معارضة مشروع «الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين» في جلسة البرلمان اللبناني الأخيرة التي طرح خلالها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مشاريع قوانين تعترف بالحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين. وبعدما تكاتف المسيحيون، حلفاء وخصوم، لمواجهة «محاولة تمرير امتيازات تؤدي برأيهم إلى توطين محتم»، فقد التيار الوطني الحر وحزب الكتائب حليفهم في القوات اللبنانية التي انتقلت إلى طاولة رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة للمشاركة في إعداد ورقة جديدة تدرس الملف من كل جوانبه بإشراف اختصاصيين.

وبرر عضو كتلة القوات اللبنانية النائب فريد حبيب لـ«الشرق الأوسط» ذلك بأن «القوات» لم تعد «تستطيع أن تتجاهل كغيرنا وجود اللاجئين الفلسطينيين على أرضنا ومطالبتهم بحقوقهم. نحن اخترنا اليوم أن ندرس بكل روية الملف لنرى كيف نحسن مخيماتهم، فلا توجد بؤر أمنية لا تستطيع الدولة فرض سلطتها عليها».

ويعقد اليوم في مكتب رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الاجتماع الثالث لاستكمال البحث في الورقة الفلسطينية، علما أن المتحاورين لا يزالون يبحثون في حق العمل ولم يصلوا بعد للنقطة الشائكة المتعلقة بحق التملك، وقالت مصادر السنيورة لـ«الشرق الأوسط»: «ما زالت أمامنا الكثير من المسافات قبل التوصل للمرحلة النهائية».

وتصدى أمس المطارنة الموارنة في بيانهم الشهري لموضوع الحقوق المدنية رابطين إياه بـ«الواجبات» المترتبة على الفلسطينيين وفي مقدمتها «ضبط السلاح»، معتبرين أن «المطالبة بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان لإخراجهم من حالة البؤس والبطالة والإهمال تقتضي التجاوب معها من قبل المؤسسات الدولية المعنية والدولة اللبنانية»، وشددوا على أن «هذه الحقوق تشترط في المقابل واجبات ولا سيما منها ضبط السلاح في المخيمات وخارجها مع بسط سلطة الدولة عليها». وأضافوا «من المعروف أن هذه المسألة لا تزال تقض مضاجع اللبنانيين الذين يخشون من أن تتحول المطالبة الإنسانية إلى قضية سياسية محلية، وإقامتهم كلاجئين إلى مقيمين دائمين، ومن أن يؤدي الأمر إلى حرمانهم من حق العودة وفرض توطينهم في لبنان، فيما أبناؤه يهاجرون بداعي الأزمة الاقتصادية والمعيشية وضيق مساحته».

وعلمت «الشرق الأوسط» أنه كان قد سبق اجتماع المطارنة الموارنة اتصالات ولقاءات مكثفة مع البطريرك الماروني نصر الله صفير ناشدته بعدم «كسر الجرة» فيما يتعلق بملف الحقوق المدنية للفلسطينيين وهذا ما حصل فجاء البيان متوازنا تاركا نافذة للحوار في هذا الشأن. ويستمر الموقف الكتائبي العوني موحدا فيصفه البعض بـ« المتعنت»، إذ اعتبر رئيس حزب الكتائب أمين الجميل أن «رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط يطالب للفلسطينيين من خلال المشاريع التي طرحها في المجلس النيابي بامتيازات تؤدي مباشرة نحو التوطين، وإلا فما الغاية من دمج نصف مليون فلسطيني في المجتمع اللبناني؟» وقال: «إذا أرادوا الثورة فليطرحوا مشاريع جنبلاط على التصويت بالأكثرية» كاشفا عن مسعى لإقرار ورقة مسيحية مشتركة تتعلق بالملف الفلسطيني.

وفيما قد يبدو اللاجئون الفلسطينيون بعيدين عن السجال اللبناني الحاصل على حقوقهم، أعرب السفير الفلسطيني في لبنان عبد الله عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن تفاؤله بقرب «الفرج» لأن «الأمور أخذت منحاها الدستوري» متوقعا أن «تخف حدة الجدال السياسي والتجاذب الحزبي في ظل الجهود المتواصلة التي يقوم بها الفلسطينيون من خلال لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين لمحاولة التخفيف من هواجسهم». واعتبر عبد الله أن «فحوى بيان المطارنة الموارنة إيجابي كونه لا ينكر الحقوق الفلسطينية على الرغم من طرحه لبعض الشروط وبعض التحفظات» وقال: «بعض الفرقاء في لبنان (رأسهم حامي) ويحاولون استغلال الملف الفلسطيني داخليا».

من جهته استغرب عضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق المشارك في صياغة ما يعرف بـ«ورقة السنيورة» ردود الفعل السريعة على الورقة بالرفض والقبول وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا يجوز أن يتم التعامل مع هكذا ملف يمس الاستقرار والسيادة اللبنانية بهذا الاستخفاف والمزايدة. نحن نجري مناقشة عميقة ونسعى لصيغة مختلفة عن مشاريع وليد جنبلاط أكثر تماسكا ووضوح تقر بالتشاور مع الأفرقاء كافة».