ألمانيا: جدل حول دعوة سياسيين لإجراء اختبار ذكاء للمهاجرين الأجانب

تركيا تحتج بشدة.. وصحف ألمانية تهاجم الدعوة باعتبارها عنصرية

TT

بعد اختبار اللغة الألمانية، واختبار المعلومات العامة حول تاريخ ألمانيا وجغرافيتها ودستورها، للراغبين في نيل الجنسية الألمانية، طرح بيتر تراب، من الاتحاد الاجتماعي المسيحي، وهو الحزب البافاري الشقيق للحزب الديمقراطي المسيحي، قضية اختبار الذكاء للأجانب عند التعامل معهم على المستوى الوطني.

إذ ذكر تراب لصحيفة «بيلد» الواسعة الانتشار «علينا أن نضع مواصفات للهجرة تصب فعلا في خدمة الدولة. المعيار يجب أن يكون التدريب المهني الجيد والمؤهلات الاختصاصية والذكاء». وأضاف: «أنا إلى جانب إجراء اختبار ذكاء للمهاجرين، لا يجوز حظر الكلام حول هذا الموضوع».

وأثار مقترح تراب موجة من الانتقاد والامتعاض بين السياسيين من مختلف الأحزاب والمنظمات الألمانية والأجنبية، لكنه وجد في رفيق حزبه النائب ماركوس فيربر سندا في دعوته. والأخير ليس غنيا عن التعريف، مثل تراب النائب عن برلين - شبانداو، لأنه رئيس كتلة حزبه الأوروبية في البرلمان الأوروبي.

كما احتجت الحكومة التركية بشدة، أمس، وفقا لـ«رويترز»، على ما طالب به ساسة في تحالف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي بإجراء اختبارات ذكاء للمهاجرين.

وقال فاروق سيليك، الوزير التركي المختص بشؤون الأتراك في المهجر، أمس، عن هذه المقترحات إنها «عنصرية وغير مسؤولة».

وأضاف سيليك أن على ألمانيا أن تكون ممتنة لإسهام المهاجرين في حدوث المعجزة الاقتصادية وإعادة البناء الذي حققته البلاد بعد الحرب العالمية الثانية.

غير أن سيليك قال إنه يتفهم أن يسعى البلد الذي يتسم معدل أعمار سكانه بالكبر ويعاني نقصا في القوى العاملة المؤهلة إلى وضع معايير عالية للراغبين في الهجرة إليه، لكن اختبارات الذكاء تتناقض مع الكرامة الإنسانية.

وطالب سيليك أن تجرى اختبارات ذكاء على هؤلاء الذين طالبوا بها.

وفي ألمانيا، كالت الصحف لتراب تهمة «الحط من قدر الأجانب» والتعامل معهم كأناس أقل ذكاء من الألمان، وهي فكرة عنصرية نازية في الأصل، وأنكر تراب طرحه موضوع «اختبار الذكاء». وقال تراب إنه لم يشكك في ذكاء الأجانب، لكنه دعا إلى اعتماد معايير القدرات العملية والمستوى التعليمي في استقدام الأجانب من الخارج وعدم اعتماد العوامل الإنسانية فقط.

وزيرة الدولة ماريا بومر، من الحزب الديمقراطي المسيحي، قالت إن المطالبة باختبار ذكاء للأجانب «لا تنطوي على أي ذكاء». واعتبرت بومر، المسؤولة الحكومية عن شؤون الهجرة والأجانب، وصف المهاجرين كلهم بالغباء هو «تمييز واضح» ضدهم.

البروفسور يوزيف كراوس، رئيس اتحاد المعلمين الألمان، قال بالعكس إن على الألمان التعلم من الأجانب. وكتب كراوس في صحيفة «هاندلزبلات» الإلكترونية أن كندا وأستراليا تجتذب المواهب العلمية من الخارج، لأنهما تتعلمان منهم.

وشارك كرامبا ديابي، رئيس المجلس الاتحادي للأجانب، في الجدل الدائر، حيث قال إنه قبل أن يهاجر من السنغال إلى ألمانيا الشرقية، قبل 25 سنة، لم يكن يعرف غير كلمتين ألمانيتين هما «بي إم دبليو» و«بوندسليغا» (دوري كرة القدم الألماني). وأكد أنه صار يفهم ويتابع مختلف دروس الجامعة بعد دراسة اللغة لمدة 9 أشهر في الجامعة التحضيرية.

يذكر أنه هاجر إلى ألمانيا عام 2009 نحو 606 ألف أجنبي، أي 32 ألفا أكثر من عام 2008، لكن هذه الصورة صارت تختلف الآن من ناحية عدد السكان الألمان. فهذا العام شهد، لأول مرة، ارتفاع عدد المهاجرين من ألمانيا على عدد الوافدين إليها. وبلغ عدد المهاجرين من ألمانيا أكثر من 734 ألف شخص، وهو سبب تحذير دائرة الإحصاء المركزية الألمانية من «تصحر» ألمانيا السكاني خلال العقود المقبلة. وتعاني ألمانيا عدد الأميين الذي يبلغ 4 ملايين، ولم يتغير هذا الرقم منذ 20 سنة.