إسرائيل تشن حملة غير مسبوقة على حزب الله وتتهمه بتحويل 160 قرية جنوبية إلى معاقل له

في سياق الكشف عن «أسرار الحرب القادمة»

صورة لبلدة الخيام اللبنانية، مأخوذة من الجو، وزعها الجيش الإسرائيلي أمس دعما لمزاعمه عن نشر حزب الله لمخازن أسلحة في البلدة (أ.ف.ب)
TT

على الرغم من التقديرات المرجحة أن حربا مع لبنان لن تنشب في القريب، أقدمت قيادة الجيش الإسرائيلي على خطوة غير مسبوقة في «كشف أسرار الحرب القادمة مع حزب الله»، فدعت الصحافيين المحليين والأجانب، إلى مؤتمر عرضت فيه ما تجمع لديها من معلومات وأشرطة مصورة عن استعدادات حزب الله للحرب. وحذرت فيه من أن الجيش الإسرائيلي سيواجه حربا كهذه بكل قوة من خلال ضرب مواقع العدو القائمة في أحياء سكنية، مما يعني أنها ستخلف ضحايا كثيرين بين المدنيين.

جاءت هذه الخطوة المفاجئة، التي انطوت على كشف العديد من أسرار المخابرات العسكرية الإسرائيلية وطرق عملها في جمع المعلومات، بهدف تهديد حزب الله والمواطنين الذين يتيحون له العمل من بين صفوفهم وفي محيط بيوتهم، من جهة، وبهدف تحذير الحكومة اللبنانية والمؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان في العالم من أن «إسرائيل ستكون مضطرة لقصف البلدات اللبنانية التي يتخذ منها حزب الله مواقع عسكرية، إذا لم يخرج منها الحزب قواته».

وقد قاد المؤتمر الصحافي الإسرائيلي العميد رونين ميرلي، قائد الجبهة الغربية على الحدود اللبنانية، والذي قال إن حزب الله يجري استعدادات مكثفة للحرب القادمة فمن جهة يبذل جهودا كبيرة للحصول على معلومات عن القوات الإسرائيلية وتحركاتها، ومن جهة ثانية يوسع سيطرته على الجنوب اللبناني ويجعل من 160 قرية لبنانية مواقع عسكرية له. وقدم مثلا على ذلك في صور حقيقية لقرية الخيام التقطت من الجو، واضعا عليها علامات محددة تدل على وجود الاستحكامات والخنادق ومخازن الأسلحة. ويظهر منها أن حزب الله اتخذ له مواقع عسكرية لإطلاق الصواريخ والقذائف، وقسم منها أقيم على بعد بضع عشرات الأمتار من مسجد أو مدرسة أو مبنى جماهيري آخر، وحتى قرب مستشفى.

وادعى الضباط الإسرائيليون أن هذه الصورة تنسحب على 160 قرية يوجد فيها اليوم نحو 20 ألف مقاتل ينتشرون بما يعادل 30 وحتى 200 عنصر من جنوده المدربين في كل قرية منها. وعلى سبيل المثال فإن هناك 90 مقاتلا لحزب الله في الخيام وعشرة مخازن أسلحة.

وادعوا أيضا أن العديد من المتكلمين باللغة الفارسية ينتشرون في الجنوب اللبناني حتى اليوم، يعتقد أنهم من الحرس الثوري الإيراني أو أنهم لبنانيون يتكلمون الفارسية ويستخدمونها لغة سرية لكي لا يفهم اللبنانيون ما يقولونه. ويوجد بينهم قوات كوماندوز من حزب الله. وهم يحملون النواظير ويراقبون بها الحدود الإسرائيلية. ويوجد بين أيديهم 40 ألف صاروخ وقذيفة، 75% منها تطلق لمدى 20 - 50 كيلومترا وبضعة آلاف من الصواريخ السورية ذات القطر 220 و302 مليمتر التي يبلغ مداها نحو 150 كيلومترا. وهناك صاروخ أكثر دقة وتطورا، من تطوير إيران وكوريا الشمالية موجود لدى حزب الله ويدعى «إم - 600» ويصل مداه إلى 300 كيلومتر. وفي الآونة الأخيرة حصل حزب الله على صاروخ سكاد، الذي يستطيع إصابة أي هدف في إسرائيل. وهناك الصواريخ البحرية.

وأعرب المسؤولون العسكريون الإسرائيليون عن قناعتهم، أنه رغم هذا التسلح الضخم، فإن حزب الله وسورية غير معنيين بالحرب في القريب. ولكن هذا التسلح يتم لاستخدامه في حرب قادمة يتوقعونها باستمرار.

وكشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن قائد اللواء الشمالي في الجيش الإسرائيلي، جادي آيزنقوط، كان قد ألقى محاضرة في الأمم المتحدة قبل شهر، قدم خلالها غالبية هذه المعلومات، وقال: «ها نحن نطلعكم على الواقع، حتى لا تقولوا لم نعرف. فنحن لا نريد الحرب ولسنا معنيين بأي شبر من الأراضي اللبنانية. ولكن إذا تعرضنا للخطر فسندافع عن أمننا وسنضرب مصدر إطلاق النار علينا. فلا تقولوا إننا نقصف المدنيين، فهم الذين يتخذون من الأحياء السكنية مواقع عسكرية يطلقون منها الصواريخ باتجاهنا».

وخلال المؤتمر الصحافي سئل قادة الجيش الإسرائيلي عن الحكمة في نشر هذه التفاصيل، التي تكشف عمليا العديد من أسرار الجيش وأسلوب عمله أمام حزب الله وبقية الأعداء، فأجاب أحدهم: «هذه مخاطرة محسوبة. فهي تضحي ببعض المكاسب، ولكنها تخدم هدفا ذا مكاسب أكثر». ورفض أن يعطي تفاصيل أكثر. لكن المراقبين الإسرائيليين يرون أن هناك عدة أهداف من هذا النشر، هي: «التهديد أولا بأن إسرائيل تعرف الكثير، اطلاع الجمهور اللبناني على حقيقة الوضع حتى يعرف أن حزب الله يبشره بحرب تدميرية قادمة يدفع المدنيون ثمنها، تحذير الحكومة اللبنانية، مواجهة خطر لجان تحقيق دولية في المستقبل والقول عمليا إن إسرائيل حذرت من خطر إصابة المدنيين ولكن أحدا لم يردع حزب الله، من مواصلة الحملات التي تظهر إسرائيل كجهة معتدية واستبدالها بالصور التي تظهرها ضحية اعتداءات».