عشاق المونديال في مقديشو لا يعرفون أين يشاهدون ختام «العرس الكروي» خوفا من المسلحين

يقوم المسلحون بالطواف في شوارع العاصمة ومداهمة المنازل

TT

يتزايد قلق وحيرة عشاق كرة القدم في العاصمة الصومالية مقديشو وضواحيها، بحيث قد لا يجدون مكانا آمنا لمتابعة المباراة النهائية، التي ستجمع غدا (الأحد) بين منتخبي هولندا وإسبانيا على ملعب سوكر سيتي في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، وذلك بسبب حظر المسلحين الإسلاميين مشاهدته في المناطق التي يسيطرون عليها.

وكثف المسلحون الإسلاميون خلال الأيام الأخيرة، مع اقتراب موعد اختتام فعاليات الحدث الرياضي الكبير (كأس العالم) في جنوب أفريقيا، دورياتهم والمرور على المنازل في المناطق التي يسيطرون عليها للقبض على من يشاهد بطولة كأس العالم عبر شاشات التلفزيون، لأن مشاهدة المونديال في تلك المناطق محرمة تماما.

الكثير من عشاق الكرة في مقديشو، وخصوصا سكان المناطق التي يسيطر عليها المسلحون الإسلاميون ممن التقت معهم «الشرق الأوسط»، لم يحسموا أمرهم بعد في كيفية متابعة المباراة النهائيات، وذلك خوفا من استهداف المسلحين، بينما يرى آخرون بأنه لا أمل لديهم لمشاهدة المباراة النهائية، خصوصا في الوقت الذي تعرض العشرات من المشجعين لكرة القدم للاعتقال والتعذيب من قبل مسلحين متشددين، كما أن بعض المنازل التي يتجمع فيها الشبان لمشاهدة مباريات كأس العالم تعرضت لتفجيرات.

وعبر عدد من عشاق كرة القدم في مقديشو تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أمس عن مخاوفهم الكبيرة من استهداف المسلحين أماكن تجمعهم لمشاهدة المباريات النهائية للمونديال، ولا سيما أن الكثير من هؤلاء تعرضوا سابقا للعقاب أو الإنذار على الأقل بسبب مشاهدتهم المونديال. وقال عبد حسن (23 عاما) لـ«الشرق الأوسط»، الذي تعرض مؤخرا للاعتقال من قبل مسلحين مجهولين ضمن 15 شابا من زملائه: «نحن قلقون من مشاهدة المباريات النهائية، سبق لي و14 من زملائي أن تعرضنا للتعذيب، وتم حلق شعورنا لإشعارنا بالذل، وكان من بيننا ثلاثة أطفال». وأضاف: «كنا في منتصف الليل تقريبا في منزل أحد الزملاء نشاهد كأس العالم، ودون توقع طرق مسلحون ملثمون بابنا، ثم اقتادونا إلى مكان مجهول، وفي الصباح قاموا بجلدنا وحلق شعورنا، ثم أخلوا سبيلنا».

أما فارح أنيلكا (19 عاما)، وهو أحد الضحايا في هجوم نفذه مسلحون قبل يومين على منزل في منطقة لفولي (15 كلم غرب مقديشو)، أثناء مشاهدتهم مباراة ألمانيا وإسبانيا، حيث كانت ميلشيا إسلامية هاجمتهم وفتحت النار على الجميع، وبعدها اقتادتهم إلى أحد الأماكن، وحلقت رؤوسهم وعاقبتهم بـ39 جلدة لكل منهم قبل إطلاق سراحهم، فأشار إلى المخاوف الكبيرة التي تلازمه، وقال: «ليس هناك مكان آمن في منطقتنا لمشاهدة المباراة النهائية، لذا قررت أنا واثنان من أصدقائي الانتقال إلى مقديشو. قضينا هنا ليلتين، وبعدما نشاهد المباراة النهائية بين هولندا وإسبانيا سوف نعود إلى منازلنا مباشرة».

وفي نفس الوقت لقي ما لا يقل عن شخصين مصرعهما، وجرح ثلاثة آخرون بعد أن ألقى مسلحون مجهولون قنبلة يدوية على منزل كان يشاهد فيه العشرات من الشبان مباريات ألمانيا وإسبانيا في منطقة قريبة من محطة يسيطر عليها مسلحو الحزب الإسلامي المعارض، وأكد مسؤولون من الحزب الإسلامي وقوع الهجوم، لكنهم لم يعطوا مزيدا من التفاصيل.

ومنذ انطلاق مونديال 2010 بجنوب أفريقيا الشهر الماضي قتل 5 أشخاص على الأقل في مقديشو وضواحيها في حوادث متفرقة لمشاهدة مباريات كأس العالم، بينما تم اعتقال العشرات من مشجعي الكرة. وقال جينو عمر الذي تعرض هو الآخر للاعتقال من قبل ميلشيا إسلامية قبل أيام وتم إخلاء سبيله في ما بعد، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ انطلاق مباراة كأس العالم، أدار المتشددون سلاحهم نحو من يشاهدون المونديال». وتابع قائلا: «المسلحون لا يسمحون لنا حتى بالتجمع في أماكن مستترة وفي داخل منازلنا لمشاهدة مباريات المونديال، فكل من يفعل ذلك قد يدفع ثمن سقوط رأسه، أو الاعتقال لعدة أيام وإنزال عقوبة صارمة ضده!».

وكان المسلحون الإسلاميون من حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي المعارضين للحكومة الصومالية، واللذين يسيطران على معظم الأقاليم الجنوبية والوسطى من البلاد، وأغلب أنحاء العاصمة مقديشو وضواحيها، قد منعوا السكان من مشاهدة مباريات كرة القدم باعتبارها نشاطا غير إسلامي لا يمثل إلا تضييعا للوقت وهدرا للمال، على حد وصفهم، وكان المسلحون قد حظروا في وقت سابق بث الموسيقى والأغاني من المحطات الإذاعية في مقديشو.

وعلى الرغم من المخاوف الكبيرة المحفوفة بمشاهدة مباراة نهائي كأس العام، لا يزال مشجعو كرة القدم في مقديشو يخاطرون بحياتهم من أجل مشاهدة المباريات النهائية. وفي هذا السياق قال أحمد عود، أحد محبي كرة القدم: «الجميع يقول لا بد لي من مشاهدة المباريات النهائية بين هولندا وإسبانيا، مهما يتطلب الأمر. إنهم مصرّون على فعل أي شيء لمشاهدة مباريات كأس العالم».

ويحاول البعض من عشاق كرة القدم ابتكار طرق ذكية للتعامل مع هذا الحظر المفروض على مشاهدة مباريات كأس العالم، وفي هذا يقول عود: «قرر الكثير من عشاق الكرة الانتقال إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة لمتابعة مباراة كأس العام، هؤلاء يطلق عليهم اسم (النازحون من أجل المونديال)، لأنهم غادروا من منازلهم إلى مناطق أخرى بهدف مشاهدة المونديال فقط». وذكر عود أن الحظر الذي فرضه المقاتلون الإسلاميون لمشاهدة مباريات كأس العالم كان قاسيا بالنسبة لعشاق كرة القدم، وعلى الرغم من ذلك فإن الجميع يحرص على متابعة نهائي كأس العالم، سواء في منطقتهم، أو في أي مكان آخر يمكن لهم أن يشاهدوها».