صدامات بين الشرطة المصرية ونشطاء نظموا وقفات احتجاجية

أغلقت مناطق بكورنيش القاهرة والإسكندرية

TT

تحولت وقفات احتجاجية صامتة في عدة محافظات مصرية على خلفية اتهامات موجهة من نشطاء سياسيين وحقوقيين إلى أجهزة الأمن المصرية باستخدام القسوة المفرطة في التعامل مع مواطنين، ما أدى إلى مقتل شاب بالإسكندرية وإصابة آخر بإصابات جسيمة بالمنصورة، إلى صدامات بين المحتجين وعناصر أمنية وأدى إلى غلق مناطق على كورنيش النيل بالقاهرة وكورنيش البحر المتوسط بالإسكندرية.

وفي القاهرة منعت أجهزة الأمن المصرية مساء أمس عددا من النشطاء والحقوقيين وأعضاء حركة شباب 6 أبريل المعارضة من التظاهر على كورنيش النيل بوسط القاهرة، وكان مركز «هشام مبارك للقانون» قد دعا للوقفة الاحتجاجية على شواطئ البحر أو النيل لمدة ساعة، على خلفية مقتل الشاب خالد سعيد بالإسكندرية في شهر يونيو (حزيران) الماضي، واتهمت أسرته شرطيين بالتسبب في قتله بعد الاعتداء عليه بالضرب، فيما قرر الطب الشرعي وفاته بإسفكسيا الخنق جراء ابتلاعه لفافة من مخدر البانجو، كما دعا المركز للتضامن مع أسرة الشاب محمد صلاح الغريب سائق «التوك توك» (وسيلة مواصلات ذات ثلاث عجلات) الذي ألقى بنفسه من قسم شرطة بني عبيد بمدينة المنصورة (شمال القاهرة)، والذي أفاد حقوقيون أنه قام بذلك هربا من تعذيب المخبرين له بعد قيامه بتوصيلهم ورفضهم دفع أجرته.

وفيما قال محمد عواد منسق حركة الشباب بالمركز إن الوقفة صامتة، ولا توجد بها أي هتافات أو شعارات، مع الاكتفاء برفع لافتات بسيطة تندد بالتعذيب الذي يتعرض له المواطنون من أجل تجنب الصدام والاحتكاكات مع الأمن أو إحداث أي بلبلة أثناء الوقفة، مع ضرورة احترام التعليمات للحفاظ على استمرار الوقفة لأطول فترة ممكنة دون التعرض لمضايقات أمنية، إلا أن قوات مكافحة الشغب قامت بإغلاق منطقة كورنيش النيل، وانتشرت عناصر الأمن السري بطول المنطقة، وقاموا بمطاردة النشطاء لمنعهم من التجمع، ولجأ عدد من النشطاء إلى نقل مكان المظاهرة إلى ميدان الفلكي بوسط القاهرة لتجنب التضييق الأمني، لكن الشرطة طاردتهم مجددا، فاضطروا التوجه إلى دار القضاء العالي التي يقع فيها مكتب النائب العام عبد المجيد محمود، حيث نظموا وقفة صامتة لنحو الساعة.

وقالت المتحدثة باسم حركة شباب 6 أبريل أسماء محفوظ لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف من المظاهرات هو الاحتجاج على قصر الاتهامات الموجهة إلى فردي الأمن في إساءة استخدام السلطة، وأضافت «يجب أن يواجها بتهمتي التعذيب والقتل».

بينما أشار الحقوقي حافظ أبو سعدة في اتصال هاتفي إلى أهمية استمرار الفعاليات والوقفات حتى يتم محاكمة القتلة وإغلاق ملف القضية، لتكون رسالة للنظام مضمونها رفض الانتهاكات التي تمارس في ظل حالة «قانون الطوارئ».

ومنذ مقتل الشاب خالد سعيد أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي أنه مات مختنقا نتيجة ابتلاعه لفافة من مخدر البانجو عندما حاول أفراد الأمن اعتقاله. ولم تنجح الرواية الرسمية للحكومة المصرية في إنهاء الاحتجاجات، أو إقناع أسرة الضحية بعدم تعرضه للتعذيب، واتخذت القضية أبعادا دولية عقب إعراب الخارجية الأميركية عن قلقها إزاء مقتل الشاب، ومطالبتها للحكومة المصرية بإجراء تحقيق نزيه، كما طالب الاتحاد الأوروبي في بيان له المسؤولين المصريين بتقديم ضمانات كافية لنزاهة التحقيق في مقتل الشاب.

وفي الإسكندرية احتشد الآلاف من المواطنين على كورنيش الإسكندرية، وأمسك الكثير من الشباب والأطفال وكبار السن بالمصاحف في هدوء ليقرءوا أجزاء من القرآن الكريم، إلا أن الشرطة تدخلت بعد خمس دقائق طالبة منهم مغادرة المكان بعد أن قالت قياداتها إن هناك دواعي أمنية تستدعي ذلك.

وقال محمد عبد العزيز - محامي مركز النديم لحقوق الإنسان وأحد أعضاء هيئة الدفاع، والذي كان مشاركا بالوقفة الاحتجاجية – لـ«الشرق الأوسط»: «ما قامت به أجهزة الأمن بالإسكندرية اليوم (أمس) من منع المواطنين من الوقوف على كورنيش البحر يعد حظرا للتجول، وهو غير قانوني على النحو الذي نفذته الشرطة كونه إجراء لا يمكن اتخاذه إلا بعد موافقة أعلى السلطات في البلاد».

وقال أحمد سعيد شقيق الشاب خالد إنه «لم يتخيل أن يفرض الأمن حظر تجوال على كورنيش البحر في موسم الصيف بالإسكندرية التي تستقبل الملايين من المصيفين بسبب قيام عدة آلاف بقراءة القرآن في هدوء ودون صخب على روح شقيقه».

وكانت مسيرات أخرى قد انطلقت في محافظات كفر الشيخ ودمياط والمنصورة وضمت ممثلين عن أحزاب الوفد والناصري والأحرار والكرامة (تحت التأسيس) وجماعة الإخوان المسلمين.