نتنياهو يطلب مجددا لقاء أبو مازن للتفاوض حول كل شيء.. بما في ذلك الاستيطان

قال إنه مستعد لتقديم تنازلات مؤلمة

فلسطينية تهرب بشقيقها بعد اعتقال والديهما اثناء احتجاجات في قرية النبي صالح قرب رام الله امس (ا ف ب)
TT

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، للقاء في أقرب وقت، «عندي في القدس أو عندك في رام الله»، للتفاوض المباشر حول كل شيء، بما في ذلك الاستيطان. وقال للصحافيين المرافقين له في الطائرة، في طريق عودته من الولايات المتحدة، إنه واثق تماما من أنه في حالة إجراء مفاوضات مباشرة ومخلصة، بإشراف وشراكة الولايات المتحدة، من الممكن إحداث المعجزات والتوصل إلى تسوية دائمة للصراع خلال 2011.

وقال نتنياهو، ردا على سؤال أحد الصحافيين، إنه مستعد لتقديم تنازلات مؤلمة جدا في سبيل التوصل إلى هذه التسوية، شرط أن يكون الفلسطينيون أيضا على استعداد لتقديم تنازلات. وعندما سأله أحدهم إن كان مستعدا للقول إنه يؤيد قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، أجاب: «نحن نتحدث عن دولتين للشعبين. قبلنا هذا المبدأ بإخلاص، ومستعدون لتطبيقه، إذا توفرت الشروط الأمنية المطمئنة لنا وإذا وافق الفلسطينيون على أن هذا الاتفاق يشكل نهاية للصراع وللمطالب الفلسطينية».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد كشفت، أمس، أن نتنياهو كان قد تحدث مع الرئيس الأميركي حول تجميد البناء الاستيطاني في القدس الشرقية والضفة الغربية، لكنه لم يتعهد بتمديد فترة تجميد الاستيطان، بعد 25 سبتمبر (أيلول) القادم، بيد أنه تعهد بأن لا يعلن عن استئناف البناء. ورأى الأميركيون أن مرور فترة سبتمبر من دون استئناف البناء في المستوطنات كفيل بموافقة الفلسطينيين على استئناف المفاوضات المباشرة.

وتحاول الإدارة الأميركية إقناع أبو مازن باستئناف المفاوضات بهذه الشروط، مؤكدة أن نتنياهو استجاب لطلب الرئيس أوباما أن يكون موضوع البحث الأول في المفاوضات المباشرة هو موضوع الحدود والأمن المرتبط بها، وذلك حتى تحل مشكلة الاستيطان من ذاتها، حيث سيتاح لإسرائيل أن تبني كما تشاء في الكتل الاستيطانية التي ستبقى في تخومها، ضمن اتفاق تبادل الأراضي، في ما يتوقف البناء في بقية المستوطنات. وقالت مصادر سياسية، أمس، إن نتنياهو سيسافر قريبا إلى مصر لمقابلة الرئيس حسني مبارك وإبلاغه بنتائج لقاءاته في الولايات المتحدة والتشاور معه حول السبل الممكنة لاستئناف المفاوضات وإقناع أبو مازن ولجنة المتابعة العربية بضرورة إطلاق المفاوضات المباشرة. وأضافت أن هناك احتمالا قويا أن يبادر أوباما لدعوة أبو مازن ونتنياهو للقاء ثلاثي في أحد المنتجعات الأميركية، لرعاية قمة بينهما تنبثق عنها هذه المفاوضات. ورشحت هذه المصادر منتجع كامب ديفيد، الذي وقع فيه اتفاق السلام مع مصر في عهد الرئيس جيمي كارتر بين الرئيس أنور السادات ومناحم بيغن. فالأميركيون يعرفون أن نتنياهو يعتبر بيغن مثلا أعلى، بينما أعرب أبو مازن عن تقديره الكبير لشجاعة السادات وحكمته.

يذكر أن الإسرائيليين ما زالوا ينظرون بشكوك تجاه حميمية استقبال نتنياهو في البيت الأبيض ومدائح أوباما له، وينصحونه بأن لا يعتبرها نصرا لسياسته اليمينية. وكتبت صحيفة «هآرتس» مقالا افتتاحيا قالت فيه: «حصل نتنياهو على فرصة ثانية من أوباما. فبعد أكثر من سنة من التوتر بين واشنطن والقدس والتعبيرات عن عدم الارتياح المتبادلة، حظي نتنياهو باستقبال ودي في البيت الأبيض. وكان أوباما وافر الإطراء والابتسام. ولكن لا ينبغي أن نقع في بلبلة.. فتفضلات ود أوباما، المتأثرة أيضا بالانتخابات المقتربة الكونغرس، لا تغير شيئا من سياسة الإدارة الأساسية. فقد بيّن أوباما بوضوح أن غايته كانت وما زالت إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وهو يتوقع أن يقرن نتنياهو نفسه لتحقيق هذه الغاية، بتفاوض مع الفلسطينيين وبخطوات تبني الثقة على الأرض، ترمي إلى تعزيز السلطة بالضفة وتحسين الوضع الاقتصادي في غزة. على نتنياهو أن يستغل الفرصة التي أعطيها، وأن يقول نعم لأوباما وأن يعمل بجدية وسرعة في إنهاء الاحتلال وإنشاء فلسطين المستقلة».

وكتب آري شبيط في الصحيفة نفسها: «وهكذا فإن الزيارة الملكية لواشنطن ليست نهاية فقرة. أعطى الأميركيون وهم يتوقعون المقابل. لهذا لا يحل لنتنياهو أن يبلبل. فهو الآن ملك ليوم واحد، وقد يكون ملكا لصيف واحد. لكنه إذا لم يستغل على الفور الفرصة الثمينة التي أعطيها ليخرج بمبادرة سياسية إسرائيلية فسيعود وضعه ليصبح يائسا».

بيد أن الكاتب اليساري، جدعون ليفي، هاجم نتنياهو وأوباما وقال إنه كان مجرد عبث وتضليل: «عندما أصبحت المحادثات المباشرة هدفا من غير أن يكون لأحد علم بماذا سيكون موقف إسرائيل فيها، فإن العربة لا تتقدم، بل ترجع إلى الوراء. توجد تعليلات وتفسيرات كثيرة: أوباما قبل انتخابات الكونغرس، ولهذا لا ينبغي له أن يغضب نتنياهو. وستسمع بعدها إجراء انتخابات الرئاسة، ولن يحسن آنذاك إغضاب اليهود. حسن يا أوباما، برافو يا نتنياهو. نجحتما في خداع بعضكما بعضا وفي خداعنا جميعا معا. نوجه إلى أوباما ونتنياهو إذن سؤالا: إلى أين؟ لن يستطيع أي كسب للوقت الطمس. السؤال: إلى أين تتجهان؟ ماذا سيكون أفضل بعد سنة؟ وماذا سيكون أكثر وعدا بعد سنتين؟ يطرق رئيس سورية الباب ويستجدي السلام مع إسرائيل ويتجاهله الرجلان. هل سيطرق بعد سنتين أيضا؟ عند الفلسطينيين أشد قادتهم اعتدالا منذ كانوا وهو محمود عباس، ماذا سيحدث هناك بعد سنتين؟ ولا تزال مبادرة الجامعة العربية سارية الفعل، وكاد الإرهاب ينقطع تماما، فماذا سيكون بعد؟».