المرجع الأعلى لسنة إيران ينتقد تدخل المخابرات الإيرانية في احتفالاتهم

طالب خامنئي بالتدخل وقال: لسنا انفصاليين أو طائفيين أو خطرا على النظام

TT

انتقد الشيخ عبد الحميد إسماعيل الزهي، المرجع الديني لأهل السنة في إيران بشدة، أمس، تدخل جهاز المخابرات الإيرانية لتحجيم الاحتفال السنوي الذي أقامته أول من أمس برعاية جامعة دار العلوم الإسلامية في إقليم بلوشستان جنوب إيران.

وفى تصريحات تعبر عن غضبه من تصرفات أجهزة المخابرات الإيرانية، اعتبر الشيخ عبد الحميد في تصريحات تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها أن هذه الممارسات تتعارض تماما مع الحرية، معربا عن أسفه الشديد من منع الضيوف من المشاركة في الحفل. وطالب الزهي الحكومة الإيرانية بأن توفر لأهل السنة الحرية المذهبية. ورفض بشدة عزم الحكومة التدخل في مدارس أهل السنة الدينية. وقال: «نحن لا نريد منكم المال ولا نريد تدخلكم في شؤون مدارسنا باسم تنسيق وتنظيم مدارس السنة»، مضيفا: «الحرية تضمن بقاء الحكومة».

وقال في خطبة ألقاها في نهاية الحفلة السنوية بمناسبة تكريم خريجي جامعة دار العلوم أمام آلاف من المشاركين الذين وفدوا من مختلف أنحاء إيران: «لقد اضطررنا نتيجة بعض المشاكل أن نعقد هذه الحفلة في يوم واحد»، مضيفا: «هذا الاحتفال احتفال شعبي ديني تقدم فيها المواعظ والنصائح والخطب الدينية والمسائل الاجتماعية الأخلاقية، وهي سبب للخير، وقد أكدت على هذه المسألة في السنوات الماضية أيضا وطمأنت بها المسؤولين».

وتابع مشيرا إلى بعض التهم الموجهة إلى أهل السنة والجماعة قائلا: «بعض المتطرفين الانتهازيين يتهموننا.. إننا أهل السنة، شاء من شاء وأبى من أبى. لسنا انفصاليين، فإننا كما نفتخر بالدين الإسلامي نفتخر بالمحافظة على حدود وسيادة البلاد، ولسنا طائفيين ولا نحب إثارة النعرات الطائفية. وإن كان بعض السنة لهم مواقف غير مواقفنا فنحن لسنا مسؤولين عن مواقفهم».

وتعد هذه التصريحات بمثابة نفي قاطع لوجود أي علاقة بين جماعة أهل السنة وبين تنظيم جند الله المعارض الذي يشن منذ سنوات هجوما مسلحا لنيل حقوق السنة والأقليات في إقليم بلوشستان.

ولفت إلى أهمية مراكز السنة الدينية ومدارسها قائلا: «إن هذه المدارس ليست خطرا - كما يزعم بعض المتطرفين - لا على النظام ولا على الشيعة. وهذه الجلسات الدينية التي تعقد لتكريم المتخرجين من الطلبة ليست خطرا على أحد».

وتابع: «قد تأسفنا كثيرا على أن ضيوفنا المدعوين من سورية وماليزيا لم يستطيعوا الحضور في حفلتنا ولم يستطيعوا المجيء إلى زاهدان. نرجو أن يتحملنا المسؤولون. فإن معظم المدعوين الذين قدموا إلى هذه الحفلة في السنوات الماضية تغيرت وجهة نظرهم بالنسبة إلى إيران».

وأعرب الشيخ أيضا عن أسفه من منع بعض شخصيات ورموز السنة وعامة الناس في مختلف المناطق من الحضور في الحفل المذكور قائلا: «إنني إذ أعرب عن أسفي من منع بعض إخواننا الذين كان من المقرر أن نستمع إلى كلماتهم في هذه الحفلة، أعلن بصراحة تامة أن علاقة المجتمع السني وعلاقات بعضهم مع بعض، ليست ضررا على النظام ولا على المذهب الشيعي، ولا توجد أي خسارة ولا خطر على النظام في علاقاتنا وروابطنا مع المجتمعات السنية في الداخل والخارج».

وأضاف: «اعلموا أننا مستعدون للصبر على الجوع والمسكنة ولكننا لا نريد أن تدفع نفقات مدارسنا الحكومة وتتدخل فيها».

وتابع: «إن أردتم الخدمة لأهل السنة، فنرجو أن توظفوا أبناءهم في الشرطة والقوات المسلحة واستخدموا خريجي الجامعات من أبناء السنة في الدوائر ليخدموا جنبا إلى جنب مواطنيهم من الشيعة. ويقوموا بالدفاع عن سيادة أراضي البلاد كما قاموا بهذه المهمة في الماضي». واستطرد قائلا: «قد تابعنا هذه القضية مرارا، ونطلب من المسؤولين هذه الفرصة للخدمة، فإننا مواطنون إيرانيون، ومع احترامي لجميع الشعوب إننا لسنا باكستانيين ولا أفغانيين، والتاريخ شاهد على أن آباءنا حاربوا الإنجليز للدفاع عن هذه الحدود ونحن ورثة هذه المناطق، لأجل ذلك نطالب بالتوازن والعدل في قضية التوظيف وتولية المناصب بين أبناء الوطن الواحد».

ومضى إلى القول: «إن منهجنا معتدل وصحيح وإننا لسنا كما يصفنا المتطرفون، ورجائي من المسؤولين أن لا ينصتوا لتقارير العناصر المتطرفة عنا، العدل ضروري لتوطيد دعائم النظام وتثبيته». وأضاف: «إن طريقنا طريق المنطق والعقلانية وسنمضي على هذا المنهج في حياتنا، وقد أكد جميع العلماء على الأمن ونرجو من مرشد الثورة (علي خامنئي) أن يتدخل بنفسه لحل مشكلات أهل السنة، ونعتقد أن هناك مشكلات لا يقدر رئيس الجمهورية ولا رئيس مجلس الشورى على حلها، بل لا يمكن حلها إلا من قبل قائد الثورة، ونحن من أتباع ومواطني هذه البلاد ومن حقنا أن نطرح مطالبنا عليه». وكانت مصادر سنية في إيران قد كشفت أول من أمس النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن أن جهاز الاستخبارات الإيرانية حال دون مشاركة علماء دين سنة من ماليزيا وسورية في الحفل السنوي الذي تقيمه جماعة أهل السنة والجماعة في إيران.

وقالت المصادر إنه بسبب قيود وزارة الاستخبارات الإيرانية والمنظمات الأخرى التابعة لعلي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، فإن الحفل عقد أمس ليوم واحد بعدما كان يستغرق في السابق عدة أيام.

وكان مقررا مشاركة عشرات العلماء من عدة دول عربية وإسلامية في هذا الحفل الذي اعتادت جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان إقامته كل عام، احتفالا بتخريج عدد كبير من الطلبة بمشاركة الشخصيات المعروفة والدعاة والعلماء في إيران وخارجها، لكنهم لم يحصلوا أساسا على تأشيرات دخول إيران، على الرغم من تقدمهم بطلبات رسمية قبل المهرجان بعدة شهور وتكرار مخاطبتهم للسلطات الإيرانية المختصة.