نتنياهو يسعى للتحالف مع «كديما» وتكليف ليفني المفاوضات

البعض يرى بتحركه تضليلا للرأي العام في الداخل والخارج

TT

كشفت مصادر سياسية موثوقة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحث مع رئيسة حزب «كديما» المعارض تسيبي ليفني، إمكانية التحالف معا في حالة خروج حزب «إسرائيل بيتنا» من الائتلاف. وأرسل كبار مساعديه لإدارة تفاوض جدي حول الموضوع. ومع أن مصادر إعلامية رأت هذه الإمكانية بعيدة الاحتمال وأن هدف نتنياهو الحقيقي هو تضليل الرأي العام في الداخل والخارج وشل حركة المعارضة، فإن هناك من يراها بمثابة جزء من التحرك السياسي الجديد الذي تشهده المنطقة، بإشراف الإدارة الأميركية وتنسيق كامل معها.

وقالت هذه المصادر إن نتنياهو وليفني اجتمعا حول الموضوع في الشهر الماضي. ولكن اجتماعا مهما آخر عقد قبيل سفر نتنياهو إلى واشنطن، الأسبوع الفائت، وبوشر خلاله الحديث عن التفاصيل، وحضره كل من رئيسة كتلة «كديما» البرلمانية، داليا ايتسيك، ورئيس طاقم العاملين في ديوان نتنياهو، نتان ايشل، ومستشاره الاستراتيجي، اشعيا سيجال، ومستشاره الإعلامي، نير حيفتس. وحسب صحيفة «معاريف»، فإن البحث تناول قضية توزيع المناصب الوزارية. فقد وافق رجال نتنياهو على شرط «كديما» أن يكون التحالف بينهما على أنقاض الائتلاف الحالي، أي إلغاء الخطوط العريضة للحكومة الحالية ووضع خطوط عريضة جديدة بين الحزبين الكبيرين، وبعد ذلك فتح الباب أمام أي حزب يريد الانضمام. وفي هذه الحالة يكون عدد وزراء الليكود و«كديما» متساويا، وتتنازل ليفني عن مطلبها بتداول منصب رئاسة الحكومة، لكنها تكون القائمة بأعمال رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية وتتولى ملف المفاوضات مع الفلسطينيين.

لكن المحلل السياسي بن كسبيت، يشكك في هذه المحادثات ويقول إن «احتمالات مثل هذه الخطوة لا تزال متدنية جدا. فلا توجد بين الطرفين مفاوضات وبقدر ما هو معروف فإن بنيامين نتنياهو بعيد عن وضع يجعله يفكك الائتلاف الحالي ويشكل ائتلافا بديلا مكانه، وهو شرط صريح لتسيبي ليفني للانضمام إلى الحكومة». وأضاف أن هذه في الغالب «محاولة تضليل من نتنياهو، هدفها التظاهر أمام الأميركيين والمصريين والأوروبيين بأنه جاد في تغيير الأوضاع السياسية من جهة وتخدير حزب كديما كي لا يدير حملة سياسية ضده، في هذا الوقت بالذات، الذي تتحسن فيه العلاقات بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما».

ويلفت بن كسبيت النظر إلى أن نتنياهو أحاط نفسه في حينه بمجموعة متطرفين من حزبه، أمثال موشيه يعلون وبيني بيغن، ومن خارج حزبه، مثل أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا، الذي يرفض الانسحاب من الحكومة خوفا من دخول «كديما»، وايلي يشاي، رئيس حزب شاس للمتدينين الشرقيين. وهؤلاء لا يمكن تصور أن يوافقوا على قيام دولة فلسطينية. بيد أن عناصر في قيادة حزب الليكود، من المقربين لنتنياهو، يقولون إن نتنياهو جاد جدا في جهوده. فهو يأخذ بالاعتبار احتمال أن يحاكم ليبرمان بتهمة الاحتيال ويدخل حزبه في أزمة، ويأخذ بالاعتبار احتمال تقدم جدي في المفاوضات فينسلخ اليمين المتطرف عن ائتلافه، وهو لا يريد أن تدخل الحكومة في أزمة، بل أن يكون جاهزا لكل احتمال.

من جهة ثانية، أشارت مصادر سياسية في تل أبيب إلى أنه خلافا للانطباع بأن أوباما ونتنياهو خرجا متفقين ومتفاهمين على كل شيء، فإن هناك خلافات حادة ظهرت في عدد من القضايا بينهما، في مقدمتها قضية الاستيطان. فقد طالب نتنياهو الرئيس الأميركي بأن يحترم مضمون الرسالة التي كان قد وجهها الرئيس السابق جورج بوش، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرييل شارون، سنة 2004، وفيها يتيح البناء الاستيطاني في الكتل الاستيطانية التي من المفترض أن تضم إلى إسرائيل في إطار التسوية الدائمة، شرط أن تعطي إسرائيل للدولة الفلسطينية أرضا مساوية لها في القيمة والمساحة من أراضي 1948. وحسب هذه المصادر فإن أوباما وافق مبدئيا على ذلك ولكنه رفض الإعلان عن موافقته قبل أن يتم تحديد ما هي هذه الكتل الاستيطانية. وعندما سأل نتنياهو عن تصوراته بهذا الشأن، قال انها حوالي عشر كتل، مع العلم بأن شارون كان قد تحدث عن ست كتل فقط. وتبين أن نتنياهو أضاف كتلتين استيطانيتين في غور الأردن وكتلة ثالثة في القدس الشرقية وكتلة رابعة في منطقة رام الله. ورفض أوباما هذه الكتل وقال إن الكتل التي جرى الحديث عنها أقل بكثير من حيث العدد والمساحة. وأوكل إلى السيناتور جورج ميتشل، المبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط، أن يعالج هذه القضية.