السودان: الحركة الشعبية تقترح «كونفدرالية» إذا تأكد انفصال الجنوب بعد الاستفتاء

مبيكي: قيام دولة في جنوب السودان لن يعني تغيير الجغرافيا أو التحكم في المياه.. واتفاق على نبذ الحرب

سوداني من الشمال وآخر من الجنوب يرقصان قبل بدء مناقشة الاستفتاء على انفصال جنوب السودان في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

فتحت الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان، أمس، الباب أمام قيام «كونفدرالية أو سوق مشتركة» مع شمال السودان إذا تأكد انفصال الجنوب في الاستفتاء حول استقلال هذا الشطر من البلاد المقرر بعد 6 أشهر.

وحددت الحركة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم أمس سلة أفكار مشتركة لتحديد ما الذي يجب القيام به في الملفات الأساسية (تقاسم الموارد الطبيعية خصوصا) مهما كانت نتيجة الاستفتاء في يناير (كانون الثاني) المقبل، لجهة استقلال الجنوب أو الوحدة.

وانطلقت، أمس، في الخرطوم مفاوضات حاسمة لوضع الترتيبات للأوضاع بعد الاستفتاء، بحضور ممثلي الدول الغربية والعربية والأفريقية من الدبلوماسيين في الخرطوم، ونائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه ونائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار، وسط أجواء من الحذر. اقترح رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي رئيس لجنة حكماء أفريقيا التابعة للاتحاد الأفريقي المكلفة بمتابعة ملف السودان، على الطرفين إنشاء كونفدرالية من دولتين مستقلتين أو شكلا من أشكال التعاون المكثف إذا أظهر الاستفتاء تأييدا لاستقلال الجنوب. وأعلن مبيكي في كلمة ألقاها أمام دبلوماسيين وشخصيات مجتمعين في الخرطوم بمناسبة انطلاق المفاوضات حول الرهانات التي ستلي الاستفتاء، أن «فكرة مقارعة ظاهرتين، الوحدة أو الانفصال.. بسيطة إلى حد الإفراط».

ورد الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم في تصريح للصحافيين بأن «على سكان جنوب السودان اختيار الاستقلال أو الوحدة.. وإذا كان الانفصال هو الخيار فإننا سنضمن تعاونا جيدا بين الدولتين المستقلتين وقد يأخذ ذلك شكل كونفدرالية أو سوق مشتركة». وأضاف: «نريد أحسن وأفضل العلاقات بين الجنوب والشمال، إن الاستفتاء فرصة لإعادة الأمور إلى نصابها والعمل معا من أجل الصالح المشترك لسكان شمال وجنوب السودان».

وأكد سيد الخطيب مفاوض الحزب الحاكم أن اقتراحات ثابو مبيكي تقدم «عنصر تحفيز للمفاوضين كي يكونوا خلاقين» في المباحثات. وقد جرى الحديث عن اقتراحات عدة تتصل بكونفدرالية أو فيدرالية منذ أيام في وسائل الإعلام في الخرطوم، لكنها المرة الأولى التي يفتح فيها المتمردون الجنوبيون صراحة باب إقامة كونفدرالية في حال غلبة خيار الانفصال.

وخلال جلسات الاجتماع قال وزير الدولة برئاسة الجمهورية إدريس عبد القادر في كلمته الافتتاحية للمفاوضات «إن الشريكين أكدا حرصهما وقدرتهما على تخطي العقبات التي تقف عائقا أمام عمليه الاستفتاء القادم»، مشيدا بدور الاتحاد الأفريقي لتقريب وجهات النظر بين الشريكين من أجل بسط الأمن والسلام في جميع أنحاء البلاد خاصة جنوب السودان. وذكر أن المفاوضات ستستمر الأسبوع المقبل كذلك بجوبا في التاسع عشر من الشهر الجاري لتكملة جولة الخرطوم، وتشمل القضايا ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب ومفوضية أبيي وديون السودان الخارجية، وعائدات النفط والموارد الطبيعية والجنسية أوضاع الجنوبيين في الشمال. وفي ذات السياق شدد الأمين العام للحركة الشعبية ووزير السلام بحكومة الجنوب باقان أموم على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده، ووجه انتقادات مبطنة لسياسات الحكومة المركزية بالإشارة إلى أن غالبية الجنوبيين سيصوتون لصالح الانفصال بسبب «سياسات المركز الطاردة»، ودعا لضرورة احترام هذا الخيار، ومن ثم العمل على جوار أخوي بين الشمال والجنوب لمصلحة الدولتين، ونوه إلى أن الحركة ظلت تدعو لوحدة السودان لكنه اشترط لذلك «أسسا جديدة من مراعاة التنوع الثقافي والديني والعرقي بدلا من الهيمنة لثقافة واحدة وهو ما تم التكريس له منذ حقب طويلة». وكشف أموم أن الحركة الشعبية اتفقت مع المؤتمر الوطني على ضمان استمرار السلام والاستقرار وتحقيق الوعد بحياة الرفاهية وعلى احترام نتيجة الاستفتاء سواء كانت «وحدة أم انفصال».

وقدم رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثامبو مبيكي مقترحا من أربعة محاور لم يفصلها، لكنه دعا لوحدة بترتيبات جديدة وإزالة كل الأسباب التي أدت إلى عدم الاستقرار في المرحلة الماضية، وقال «إن اتفاقية السلام الشامل تلزم الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بالعمل من أجل وحدة جاذبة»، أو قيام دولتين في الشمال والجنوب مع استمرار علاقة الطرفين بتكوين لجان خاصة لمناقشة القضايا الثنائية بين البلدين والعلاقات الجيدة، ونوه بأن «قيام دولة في جنوب السودان لن يعني تغيير الجغرافيا أو التحكم في المياه» وأضاف أن «المواطنين في الجنوب والشمال يكون بينهما تواصل لذلك نقترح، في حالتي الانفصال أو الوحدة، يجب أن يكون التعامل وفق مخرجات مختلفة»، كما عرج إلى إمكانية تطبيق نظام يقوم على دولتين في نظام واحد، وقال: «إن مكونات السودان الاجتماعية تشمل جميع سكان أفريقيا وهو نموذج للاحترام».

ويعتبر الاستفتاء حول استقلال جنوب السودان البند الأساسي في اتفاق السلام الذي وضع حدا في 2005 لنحو عقدين من الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب. وأعلن الطرفان أمس انهما لم يحددا مهلة زمنية لتسوية القضايا الاستراتيجية مثل تقاسم الموارد الطبيعية والمواطنة واحترام المعاهدات الدولية والأمن. ويملك السودان احتياطيا من النفط يقدر بنحو ستة مليار برميل تتركز حقولها في جنوب البلاد والمناطق الواقعة بين الشمال والجنوب. ويشكل النفط 98% من موارد حكومة الحكم الذاتي في جنوب السودان ونحو 60% من موارد حكومة الخرطوم المركزية.

وقالت روزي شارب من منظمة غلوبل ويتنس البريطانية في بيان «يبدو أن الطرفين يستعدان للاسوأ وقد حشد كل طرف جيشه على الحدود. هناك حاجة واضحة وملحة لدى المفاوضين للوصول إلى حل في شان النفط مهما كانت نتيجة الاستفتاء».